قضايا وآراء

سورية بوابة الحلول في المنطقة

| منذر عيد

تسارع بغداد إجراءات استضافتها قمة أمنية على مستوى القادة نهاية الشهر الحالي، لتتجاوز في دعواتها دول الجوار العراقي، ولتشمل بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، ومصر والإمارات وقطر بحيث يمكن تسميتها قمة إقليمية، بهدف بحث التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها دول المنطقة.
في المطلق تشكل القمة المزمع عقدها قدراً عالياً من الأهمية من جهة إمكانية التوصل إلى حلول جريئة، تنقل المنطقة برمتها من حالة التوتر إلى حالة الهدوء، وترفعها من على الصفيح الساخن والرمال المتحركة، وتعمل على تخفيف وإنهاء حالة الاحتقان التي تلف دول المنطقة برمتها، وتنعكس سلباً على الوضع الدولي بشكل أو آخر.
إحدى القضايا المطروحة على طاولة البحث والحوار، الوضع في سورية، ومحاربة الإرهاب، وهنا بيت القصيد، حيث أثبتت الوقائع منذ بداية الحرب الإرهابية العالمية على سورية، أن جميع الاجتماعات والمؤتمرات التي تم عقدها حول وباسم سورية والشعب السوري، كان مصيرها الفشل، ولم تثمر في مجملها بأكثر من صور تذكارية، ولم تتجاوز مفاعيلها أكثر من «مانشيت» عريض في وسائل الإعلام، ولم يتجاوز صدى مقرراتها جدران قاعات تلك المؤتمرات، والسبب في ذلك كان واضحاً وجلياً وهو غياب المعني الرئيس في لب الاجتماع وهو الحكومة السورية الشرعية، والأقدر على إيصال حقيقة ما يجري على أرض الواقع، والمعني المباشر بالحديث عن الشعب السوري وهمومه ومشاكله، ولكونها الشريك الفعلي والحقيقي القادر على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في قاعات الاجتماعات لأنها صاحبة القرار المستقل والقوة الفعلية في أرض الميدان.
بين متفائل ومتشائم حول ما يمكن أن يتمخض عن القمة، ويترجم لاحقاً على أرض الواقع، فإن ثمة أمور وحقائق عدة يجب توافرها في القمة وإدراكها إذا ما أُريد لها النجاح، وهي أن حضور سورية يشكل أحد أركان ذاك النجاح، وخاصة أن سورية بوابة ومعبر إجباري لكل المعادلات والحلول في المنطقة، وهي ترفض دوماً، ولم تعتد على أن تلبس أثواباً جاهزة، تفصّل بمقص الآخرين وعلى مزاجهم ووفق مصالحهم الخاصة، ناهيك عن أن جميع تلك الأثواب التي فُصلت سابقاً لها ورفضتها كلها، كانت بالية ولم تخرج عن كونها تفصيلة حديثة لـ«موضة» قديمة بـ«خيط وإبرة» الاستعمار القديم ذاتهما.
الأمر الآخر هو ضرورة الانتباه إلى محاولة الكيان الصهيوني الدخول على خط الاجتماعات بشكل غير مباشر، ونسف أي حل يمكن أن ينتج عن القمة، من خلال الضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لتمييع اجتماعات القمة، وتحويلها إلى مجرد حفلة تعارف بين الحضور، وما لا يقل خطورة عن الجانب الإسرائيلي محاولة النظام التركي اللعب على حبال الوعود، والهروب إلى الأمام فيما يخص الالتزام بتعهدات قطعها سابقاً لوقف عدوانه سواء في شمال العراق أم سورية.
من المؤكد أن القمة ليست حكراً على بحث الملف السوري، فثمة ملفات عدة متقاطعة بين دول المنطقة ودول الحضور، سوف تكون حاضرة بشكل كبير، حيث يسعى العراق من خلال الكثير من التحليلات والتسريبات للعب دور الوسيط في لقاء «إيراني- أميركي»، كما يمني النفس رئيس النظام التركي رجب أردوغان لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في محاولة منه لإيجاد ثغرة في جدار الخلاف بين البلدين، وهنا يتساءل البعض عن مدى استعداد أردوغان لتقديم تنازلات في ملفات خلافية مع مصر، واعتراضها على الوجود التركي في سورية وليبيا والعراق والصومال، وتدخلها في شؤون الدول العربية.
لسنا من المتفائلين بما يمكن أن تحدثه القمة المرتقبة من تغيير جذري في أحداث المنطقة، وخاصة أن جميع الأيدي التي تحتل أراضي سورية، وعملت على دعم وتمويل الإرهاب، حاضرة في القمة كتركيا وقطر والسعودية وأميركا وفرنسا، ولا تعنينا برمتها إن لم تكن سورية طرفاً فيها، رغم تخوف تلك الدول من حضورها، لأن وجود سورية في القمة سيكون مرآة الحقيقة التي سوف تظهر قباحة وجوه «الدول المتآمرة»، واليد التي سوف تنزع جميع الأقنعة عن وجوههم في بغداد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن