سورية

الفقر يدفع بأطفال مناطق سيطرة الإرهابيين إلى العمل بمخلفات الحرب

| وكالات

دفعت الحرب الإرهابية التي تشن على سورية، وفقدان المعيل وظروف المعيشة الصعبة، الأطفال في مناطق إدلب التي تسيطر على أجزاء واسعة منها التنظيمات الإرهابية، والاحتلال التركي، الأطفال نحو أسواق العمل، وممارسة أعمال شاقة وخطرة تهدّد حياتهم وتسلبهم حقوقهم في ظل العوز وشحّ الفرص.
ويجد أولئك الأطفال في مخلفات الحرب مصدر رزق لهم، من خلال جمع فوارغ القذائف، وبيعها لاحقا لتجار متخصصين في ذاك النوع من «البضاعة»، حسبما ذكرت مواقع إلكترونية معارضة.
مالك جنيد (9 سنوات) وعبد الكريم الحمود (12 عاماً) طفلان، وجدا في تجميع مخلفات الحرب وبيعها فرصة عمل مناسبة للحصول على مصدر دخل يعيل أسرتيهما، رغم ما تحمله من مخاطر على حياتهما، بسبب صغر سنهما وعدم معرفتهما بالتعامل مع مخلفات الحرب الخطرة من متفجرات وغيرها.
وأشار الطفل مالك جنيد الذي نزح من مدينة اللطامنة بريف حماة إلى أن صغر سنه يجعله عاجزاً عن التعامل مع مخلفات القذائف، وقال: «أكثر ما يخيفني هو احتمال انفجار قنبلة أو قذيفة بشكل مفاجئ، لذلك عليّ أن أبقى حذراً طوال الوقت».
المعاناة ذاتها يكابدها الطفل عبد الكريم الحمود، الذي يحمل مخلفات الصواريخ إلى أحد المستودعات، وعمل على ترتيبها فوق بعضها البعض في صفوف متراصة، حيث يعمل من دون كلل، وبكثير من التعب الأمر الذي سلبه ملامح الطفولة.
وأوضح الطفل عبد الكريم، أن مرض والده هو ما دفعه إلى العمل، وأن لا معيل لعائلته سواه، وقال: «أريد أن تعيش أسرتي حياة كريمة، لذلك أعمل في هذا المكان لتأمين مصروف المنزل، أبي مريض، وإن لم أعمل فلا أحد يستطيع العمل».
ولا تقتصر مخاطر العمل على انفجار محتمل لبقايا صاروخ أو قذيفة فحسب، بل قد يضطر هؤلاء الأطفال إلى العمل لساعات طويلة حسب كثرة فوارغ القذائف وتوفرها فضلاً عن حملهما لأوزان ثقيلة من الحديد.
وأكد أبو مالك (41 عاماً) صاحب أحد مستودعات تجميع مخلفات الحرب في المنطقة، أن تلك المخلفات تشكل مصدر رزق للبعض، من خلال الاستفادة من الحديد والمواد المتفجرة.
وقال: «نزيل الخطر من القذائف والصواريخ، ثم نبيع حديدها للصناعيين، فمنهم من يأخذها ليصنع منها المدافئ، أو معامل صهر الحديد لتحويلها إلى حديد للبناء، كما نستفيد أيضاً من ثمن المواد المتفجرة التي نبيعها للمقالع الحجرية المنتشرة في المنطقة».
وأشار أبو مالك إلى أنه يشتري حديد المتفجرات من المسلحين التابعين للتنظيمات الإرهابية في المنطقة، بغرض تفكيكها، والاستفادة من حديدها الصلب واستعمالاتها المتعددة، مشيراً إلى أن تفكيك قذيفة واحدة قد يستمر يوماً كاملاً.
وأوضح أن سبب عمل الأطفال في جمع مخلفات الحرب هو ضيق الحال وصعوبة الوضع المعيشي الذي بات يتطلب عمل كل أفراد العائلة.
من جانبها بيّنت اختصاصية إرشاد نفسي، أن أسباب عمل الأطفال سببه فقدان المعيل والفقر والغلاء التي دفعت بالأطفال إلى الانخراط في العمل، حيث أرغم العديد منهم على إعالة أسرة كاملة أو المساهمة في توفير احتياجات المنزل المختلفة.
وأكدت أن تلك الأعمال تسبب للأطفال الكثير من الأضرار الجسدية والنفسية على حدٍّ سواء، كالجهد والإرهاق وغياب الاستقرار النفسي؛ مشيرة إلى أن العديد من الأطفال يضطرون لمزاولة أعمال لا تتناسب مع أعمارهم وقدراتهم وقواهم البدنية، مما يؤدي إلى اضطراب في شخصية الطفل، ناهيك عن تعرضهم للأمراض النفسية والجسدية، ويهددهم بالإصابة بالشيخوخة المبكرة.
وأوضحت أن توجّه الأطفال نحو بيئات العمل يُعرضهم للاستغلال ويحرمهم من الطفولة، ويمسُّ بكرامتهم وإمكاناتهم، ويعيق قدرتهم على التمتع بحقوقهم الأساسية كالتعليم والتغذية والحماية، ويهدّد صحتهم وحتى مستقبلهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن