ثقافة وفن

«3021».. عرض يحكي عن تناقضات الإنسان … عمران لـ«الوطن»: كتبت النص لأعطي حيزاً أكبر للطلاب وأقدمهم بنفس الصورة

| سارة سلامة

يقضي المخرج المسرحي الدكتور سامر عمران الكثير من وقته في رحاب المعهد العالي للفنون المسرحية، يكتب ويخرج ويدرّس ويحضّر أجيالاً لطالما تذكرت عطاءه وحفظت تعبه.

وبعد «ذيل الطاووس» 2010 وفي «انتظار المطر» 2012، ومن ثم «رماد البنفسج» و«خارج السيطرة» في 2014، يعود اليوم لخشبة المسرح في عرض تخرج قسم التمثيل بعنوان لافت «3021»، عن نصه وإخراجه.

متكئاً على رواية «العمى» لخوسيه ساراماغو، و«بلد العميان» لهربرت جورج ويلز، ليتجه نحو مسرح أكثر تفاعلاً وحيوية في هذا البحث الثقافي والجمالي الذي أطلقه.

متبنياً وواثقاً ومكرساً عمله حول فكرة تتحدث عن الحضارات والبشرية واكتشاف الثقافات وبناء الأمجاد التي يغلب الإنسان في تحصيلها، ثم يعود ويهدمها بطمعه وجشعه ووحشيته.

بكل دقة يتأنى عمران خطاه مع دفعة تتباهى بتفوق عددها ما شكل صعوبة وتحدياً في التنفيذ والتقديم والتنوع.. إلا أن الشغف والحب يلازمانه دائماً وكانا الدافع له في معهد يشكل إرثاً حقيقياً جعله يرافق جيلاً جديداً نحو المستقبل.

مكان لا ينسى

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» كشف الدكتور سامر عمران: «إن البداية كانت منذ منتصف العام، عندما وقف بلحظة من اللحظات هؤلاء الشبان بمفردهم، وتخلى عنهم كل المخرجين لسبب ما، فتم الاتصال بي ورغم أنني لا أملك الوقت الكافي لارتباطي بالسفر إلى محافظة اللاذقية حيث إنني أدرس في المعهد في دمشق، وأتابع عملي في اللاذقية كعميد لكلية الفنون وأستاذ، ولأن المعهد يعني لي الكثير وهو حقيقة مكان لا ينسى، قررت رغم العذاب أن أدخل بفكرة جميلة إلا أنها تحتاج إلى كتابة وعمل».

وعن مبدأ العرض بيّن عمران: «هناك طرح وسؤال يدور دائماً حول الحضارات يدلل على وجودها، حيث إننا نلحظ أثر الإنسان ووصوله إلى أماكن متطورة، بالطبع قد لا تكون متطورة من وجهة نظرنا الآن، إلا أن الحضارات تطورت في السابق بصيغة مختلفة، والدليل على ذلك الآثار المذهلة التي بقيت راسخة في التاريخ مثل إهرامات مصر وغيرها، تخبرنا أن الإنسان بنى حضارته على امتداد العصور، إلا أن جشعه وأنانيته وقسوته على نفسه وعلى نوعه غالباً ما تجعله يدمر حضارته حتى لا يبقى منها سوى الأثر، ومن هنا طرحنا السؤال التالي: ما الشيء الذي يحدث في كل مرة نصل فيها إلى مرحلة عليا من التطور ونتيجة صراعات ما تندثر هذه الحضارات؟ وخصوصاً أن العالم في السنوات الأخيرة من العقدين الأخيرين يمر بفترة تطور مذهل، قد يكون مهمّاً لمصلحة الإنسان، لكنه بنفس الوقت يشكل تهديداً للكوكب، حيث إن أي خطأ من شخصية مؤثرة في العالم ربما ينتج عنه دمار للبشرية».

دفعة إشكالية

وتحدث عمران عن طرح «3021 »، قائلاً: «جاءت الفكرة من المؤرخين والعلماء الذين توقعوا بأن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالحجارة لأن الإنسان سيدمر بالثالثة كل شيء، واتكأت على رواية «العمى»، وعلى فكرة ويلز بأن هناك مبصراً على وادي عميان أحب فتاة منهم، إلا أنه يواجه مصاعب جمة في الحصول عليها ويتعرض لمواقف صعبة وخاصة أنه شخص يدعي الرؤية، وشرط عائلتها التي ترضخ لقوانين المجتمع أن يفقأ المبصر عينيه، مضيفاً إنه: «مهم جداً تقديم الطلاب للناس بصورة مناسبة وخاصة أنها دفعة إشكالية مؤلفة من 22 طالباً وطالبة، حيث تم قبولهم منذ 4 سنوات بعدد 34 شخصاً، وهذا الأمر كارثة حقيقية فعلاً لأن العدد كبير جداً، ولا توجد مسرحية في العالم تحتوي على أكثر من 10 أبطال فما بالك بالـ22؟ ومن هنا قررت أن أكتب النص لأعطي حيزاً أكبر للطلاب وأعدل فيما بينهم، وأحاول قدر الإمكان تقديمهم بنفس الصورة والعدالة، وطلبت منهم في الفترة الماضية مجموعة من المهام لها علاقة بمراحل العمى، وكنت أرغب في أن نبدأ العمى في2021 وننتقل إلى أربع مراحل ربما كل ثلاثة أو أربعة قرون مرحلة، وممكن أن يكون لدينا ثلاث أو أربع أو خمس مراحل عمى، لنرقب السلوك البشري كيف يستطيع التأقلم مع العمى، وذلك يتيح فرصة جيدة للممثلين المرشحين أن يقدموا مواهبهم بصورة أفضل، إلا أن العدد الهائل، والعطل التي مررنا بها انتهاء بأزمة كوفيد 19، دفعتنا لاختصار الكثير من الأشياء».

متنوعو المواهب

بكل تأكيد كان العمل مضنياً يفيد عمران بأن: «التعامل مع 22 شخصاً ليست مهمة سهلة حتى أستطيع أن أرى الجميع وأقدم للجميع وأكتب للجميع، واشتغلت مع الطلاب على الناحية الجسدية والصوتية، وعلى مراحل العمى، كيف يمكن أن يفقد البصر اليوم وكيف الحال بعد ألف عام، وكيف تتطور الحواس الأخرى ويصبح العمى مسألة غير موجودة؟ إضافة إلى مجموعة من الألعاب وتخيل الأشياء المحتملة».

وعن رأيه في الطلاب أوضح عمران أنهم: «تعبوا واجتهدوا، وكما أي دفعة فإنهم متنوعو الإمكانات والمواهب ومتنوعو الشغل والاهتمام، هي دفعة مهمة ولديها الكثير من الإمكانات على الرغم من أن كثرتهم تخلق مشاكل في إنتاج أي عرض مسرحي، إلا أنني حاولت قدر الإمكان وفقاً لصيغة العرض ومرور الزمن ودورانه والفكرة، أن أجد صيغة لهم ليبرزوا كرواة باللغة الفصيحة، والتنوع في الشخصيات حتى يعبروا عن أنفسهم، ويتفاعلوا مع الجمهور، والانتقال إلى رقصة تعبر عنهم، وإعادة دوران الزمن من خلال بزوغ وباء جديد لا شك أنه من صنع الإنسان أو نتيجة لبحث ما أو خلل معين».

يذكر أن العرض مستمر لغاية الخميس 19 من الشهر الجاري، في تمام الساعة السابعة كل مساء على مسرح «فواز الساجر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن