لا تصلهم المياه إلا كل عشرين يوماً أو شهر … قرى ريف طرطوس عطشى.. ومسؤولو المياه لا يردون على اتصالات الناس … مدير عام المياه: مشكلتنا الكهرباء وقدم المولدات وقلة المازوت
| طرطوس - هيثم يحيى محمد
تتلقى «الوطن» يومياً العديد من الشكاوى الخطية الواردة من مواطنين يسكنون في مختلف مناطق ريف محافظة طرطوس يتحدثون فيها عن معاناتهم الشديدة بسبب العطش نتيجة قلة ساعات ضخ المياه من المشاريع التي تغذي مدنهم وقراهم سواء بسبب التقنين الكهربائي الطويل جداً أو بسبب عدم توفر مادة المازوت لمجموعات الضخ.
وأشار الكثير من أصحاب الشكاوى إلى أن المياه لا تصلهم إلا كل عشرين يوماً أو شهر وبعضهم قال إنها تأتيهم كل أسبوع أو عشرة أيام أو أكثر بضع ساعات تكون فيها المياه ضعيفة ولا تصل إلى خزانات منازلهم لتعبئتها.
وشرح هؤلاء في الشكاوى حجم المعاناة التي يعيشونها جراء هذا الواقع الأليم وانعكاسها أيضاً على وضعهم المادي السيئ بالأصل حيث يضطرون لشراء المياه من صهاريج خاصة يصل سعر النقلة الواحدة منها لنحو خمسين ألف ليرة وأحياناً أقل أو أكثر حسب المسافة وحجم الصهريج.
وقالوا: إن حديث الناس في ريف المحافظة بات بمعظمه حول المعاناة الشديدة من الانقطاعات الكهربائية الطويلة حيث لا تأتي في الليل والنهار سوى أربع أو خمس ساعات، وحول العطش والكيفية التي سيؤمنون من خلالها مياه الشرب لهم ولأسرهم ومواشيهم والكثير منهم لمزروعاتهم المنزلية.
وقد تضمنت الشكاوى التي وصلتنا هجوماً كبيراً على مسؤولي مراكز مؤسسة المياه في المناطق وعلى مسؤولي المشاريع واتهموهم بعدم الرد على الهواتف وبعدم معالجة الشكاوى التي تقدموا بها إليهم منذ بداية المعاناة وحتى تاريخه، كما تضمنت تلك الشكاوى مطالبتنا بالعمل مع الجهات المسؤولة لزيادة ساعات الضخ وعودة المياه إلى ما كانت عليه.
تعاون وتجاوب
وهنا نشير إلى أن كل الشكاوى التي وصلت لـ«الوطن» حتى الآن كنا نضعها تباعاً على طاولة إدارة مؤسسة مياه طرطوس، وكنا نطلب منها المعالجة وفِي معظم الأحيان كانت تتم المعالجة الإسعافية جزئياً أو كلياً حسب الإمكانات المتوافرة مع الوعد بالمتابعة والتعاون مع شركة الكهرباء للتخفيف من التقنين عن هذا المشروع أو ذاك بغية زيادة الضخ ولو كان في فترة الليل، لكن رغم ذلك مازالت الشكاوى مستمرة والمعاناة قائمة وخاصة أننا في فترة التحاريق التي تشتد فيها الحاجة لمياه الشرب وغير الشرب.
والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم: ما الصعوبات والعقبات التي تعانيها المؤسسة في الفترة الأخيرة والتي أدت إلى العطش أو قلة مياه الشرب عند سكان ريف المحافظة؟ وما هي إجراءات المؤسسة للحد من الآثار السلبية لهذا الواقع وما مقترحاتها للمعالجة؟ هذا ما سنتوقف عنده في مادة لاحقة.
المدير العام للمؤسسة نزار جبور بيّن أن المؤسسة تعاني صعوبات عديدة في هذه الفترة أبرزها، انخفاض عدد ساعات التغذية الكهربائية ليتجاوز 21 ساعة من أصل 24 ساعة ما أدى إلى انخفاض في كمية المياه المنتجة وبالتالي حدوث اختناقات لاسيما في أرياف المحافظة، إضافة للارتفاع الكبير في أسعار الصرف وما رافقه من ارتفاع كبير في أسعار المواد والقطع التبديلية وندرتها سبب أعباء مادية كبيرة على موازنات المؤسسة الجارية والاستثمارية.
وأشار إلى اعتماد معظم المشاريع في تشغيلها على مجموعات التوليد في ظل ظروف التقنين القاسي والطويل ما أدى إلى استنزاف الاعتمادات المالية للمؤسسة للحفاظ على جاهزيتها ولاسيما أن هذه المجموعات يتجاوز عمرها الزمني العشرين عاماً، ناهيك عن عدم توفر مادة الزيت الخاصة بمجموعات التوليد إضافة لانخفاض جودتها ما أثر في جاهزية هذه المجموعات وخروج بعضها من الاستثمار، إلى جانب قدم الآليات الهندسية والإنتاجية ولاسيما الصهاريج المخصصة لنقل المياه أو المازوت وهو ما كلف المؤسسة مبالغ مالية كبيرة للحفاظ على جاهزيتها ولاسيما في هذه الظروف.
ولفت إلى عدم كفاية مادة المازوت المخصصة للمؤسسة لتشغيل كامل المشاريع في ظل التقنين الكبير للكهرباء، وإلى تخفيض مخصصات سيارات الخدمة من مادة البنزين في حين المطلوب زيادتها ولاسيما بعد التوسع الأفقي للمشاريع في المحافظة وزيادة العمل المطلوب من الورشات الفنية.
وأوضح أن المؤسسة اتخذت إجراءات عديدة لمواجهة هذه الصعوبات منها: اعتماد المؤسسة على الإمكانيات الذاتية من خلال تفعيل الورش الفنية المركزية أو في الوحدات الاقتصادية، والاعتماد على ورش المؤسسة بإجراء الصيانات الكاملة على مجموعات الضخ الأفقية والمحركات الكهربائية ومجموعات التوليد، إضافة لتجهيز المشاريع الجديدة من المواد المعادة، والاعتماد على حفارة المؤسسة في حفر العديد من الآبار، إضافة لتصنيع قمصان الاكتساء الخاصة بها في ورشة المؤسسة، والحفاظ على جاهزية تامة للمشاريع رغم قلة الإمكانيات وندرة المواد، واستنفار تام لجميع مراقبي الشبكات في كافة القطاعات وذلك لضمان توزيع عادل ومتساو لمياه الشرب، إضافة للمراقبة المستمرة لكل المشاريع من خلال قطف عينات وإجراء تحاليل دورية للمحافظة على مياه شرب ضمن المواصفات القياسية السورية، وربط العديد من المشاريع بخطوط توتر مستقلة عن التقنين خلال الفترة القريبة الماضية (مشاريع دوير الشيخ سعد وحصين البحر وميعار شاكر ودير الحجر) بعد المشاريع الإستراتيجية الكبرى التي تم ربطها خلال فترة الحرب ما أمن استمرارية تغذية للعديد من التجمعات السكانية الكبيرة.