«3021».. عرض تخرج حيّ متحرك يكسر النمطية!! … وزيرة الثقافة لـ«الوطن»: العرض فاق التوقعات وكان متميزاً بجميع المقاييس

يشغل طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية حواسنا في عرض تخرجهم 3021، عن نص وإخراج للدكتور سامر عمران، هي حالة تفاعلية جعلتنا ننساق معهم في رواية تسرقنا للحظات من الواقع وتنقلنا إلى موقعهم تماماً وربما تلمسنا الأذى بالعمى وجعلتنا نبتعد عنهم حقاً خوفاً من العدوى.. إلا أن صوت الصنج كان في كل مرة يؤذن لنا بالعودة إلى الواقع.

هذه الدفعة الإشكالية المؤلفة من 22 طالباً وطالبة استطاعت أن تترك وقعاً وصدى وأصرت على تقديم اختلاف يذكر بها.

فاق التوقعات

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكدت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح: «أن المعهد العالي للفنون المسرحية هو مفخرة وزارة الثقافة، وبالرغم من أنني حضرت الكثير من العروض سابقاً إلا أن عرض3021 فاق كل التوقعات وكان متميزاً بكامل المقاييس، وواضح من أداء الطلبة أنهم يحظون بإدارة تمتلك مهارة فائقة، والمميز في العرض تنوع المسارح، خارجي وداخلي، وحالة التفاعل التي خلقها الطلاب مع الجمهور، نحن في وزارة الثقافة فخورون بهم، وبالأساتذة الذين أشرفوا على تخرجهم، ونتمنى لهم التوفيق وأن يثبتوا حضورهم في أرجاء الوطن العربي لا بل يتجاوزونه».

أفضل المواهب

ومن جهته أوضح عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتور تامر العربيد: «أن المعهد منذ انطلاقته يقدم ممثلاً أكاديمياً يتمتع بكامل المواصفات، وهذه الدفعة لها وضع خاص، هي دفعة كبيرة مؤلفة من 22 طالباً، بالطبع هو رقم كبير قياساً بباقي دفعات المعهد، واليوم الطلاب سيقولون ويجسدون ويقدمون إلى سوق العمل».

وأضاف العربيد: «إن العرض قد يبدو متعباً في الشكل، لأنه يجسد حالة جديدة، هو عرض متحرك يبدأ من مكان وينتقل إلى مكان آخر من المسرح إلى الحديقة إلى بهو المعهد مرة أخرى، هذه الانتقالات تفرضها طبيعة العرض والفكرة التي يقدمها، وحقيقة أنا سعيد جداً بالتجربة وسعيد أن المعهد ما زال المكان الإبداعي الأكثر قدرة على تقديم أفضل المواهب لسوق العمل».

العمل ثم العمل

بينما أفاد المخرج المسرحي الدكتور سامر عمران أنه: «لا شك بأن العرض كان عقوبة مع هذا العدد الكبير، إلا أنه درس لنا كي نعرف أن القبول في المعهد ليس بهذه البساطة، لأنه من المفترض أن يستوعب ما بين 10 إلى 15 طالباً كي يتعلموا ويكونوا مميزين ويأخذوا حيزاً جيداً من التعليم والتدريب، إلا أننا حاولنا جاهدين على أمل أن نكون وفّقنا بتقديمهم بطريقة صحيحة وعادلة».

وأضاف عمران: «إن المشكلة ليست في النتيجة فقد حاولت أن أعدل فيما بينهم قدر الإمكان وخاصة أنني كاتب النص ومخرجه فكتبت للجميع، إلا أن الظلم كان خلال الأربع سنوات حيث إن الحيز الذي أخذوه في التدريب أقل من الممكن بكثير، وتبينت الدفعة لأن المعهد يعني لي الكثير، وهو مسؤولية يجب أن نتحملها كلنا، فالمعهد قلعة موجودة منذ أكثر من 45 عاماً لا يجوز أن نتعامل معه بهذا الاستخفاف».

وفي كلمة أخيرة وجّه عمران كلمة للطلبة قائلاً: «عليكم بالعمل ثم العمل ثم العمل دائماً على الأدوات مهما كان التوجه سواء في التلفزيون أم المسرح أم في الإذاعة والدوبلاج من دون توقف، وتطوير أدواتهم وألا ينساقوا وراء الذائقة العامة حتى لو كان خطها البياني متجهاً نحو الأسفل».

عرض مسرحي متكامل

ومن جانبها بينت الدكتورة ميسون علي: «أن الشعور في هذا اليوم لا يوصف فهو خليط من السعادة والفرح والحزن، السعادة في أننا نُخرّج دفعة جديدة سترفد الحياة المسرحية في سورية، والحزن لأننا سنفارق هذه الدفعة خاصة أن المعهد بأقسامه الخمسة مع أساتذته وطلابه يعيشون كعائلة واحدة وفريق واحد».

وأضافت علي إن: «النص ليس سهلاً على الإطلاق على المستوى الفكري والأدبي حيث إن طالب التخرج يكون أمام عرض مسرحي متكامل، وفي هذا العرض ارتأى الدكتور سامر أن يقتبس النص من روايتي «العمى» و«بلد العميان»، بما يتناسب مع عدد الطلاب وهو عدد غير سهل على الإطلاق لذلك قد يكون المتفرج في هذا العرض في قلب الحدث وربما يشعر أن هذه القوانين التي تقدم في العرض وتحكم الشخصيات هي نفس القوانين التي تحكمه في الواقع، ولكن هذا البعد قد يمر بسلاسة ودون خطابات مباشرة على المتفرج».

تفتح خيال الممثل

فيما بيّن الممثل والأستاذ في المعهد حسن دوبا: «إنه في البداية كانت الفرضية مع الطلاب صعبة، واحتاجت لجهد كبير من الدكتور سامر لإنجازها، وفرضية العميان تفتح خيال الممثل وفي العرض كل تفصيل مهم وكل يعرف مهمته لأن الخطأ إذا ضاع الطالب لحظة سيكون واضحاً كعين الشمس، وما يميز العرض الحالة التفاعلية مع الجمهور، والفكرة تقوم على مدينة عميان يحاربون شخصاً مبصراً فيقررون أن يصبح أعمى مثلهم، هذه الحالة بالتأكيد تحتاج إلى تكنيك خاص، وبالطبع هناك مستويات بين الطلاب لكنهم في العموم جميعاً متفوقون».

كلمة الخريجين

وقال الطالب وسام محمود إنني: «أجسد شخصية ضابط الأمن، تم اختيارها من قبل الدكتور سامر عمران، ومررنا في عام صعب جداً، حيث كنا نرتجل عن النصوص في رواية العمى، حتى نجد صيغة والدكتور سامر كان معنا في كل دقيقة وأعطانا جميع الأشياء التي من الممكن أن تساعدنا، أنا اليوم سعيد جداً أنني سأنطلق إلى مستقبلي بعد أربع سنوات من التحضير».

بينما بيّن الطالب محمد سقور: «أن العرض مسؤولية كبيرة، في الوقت نفسه يشكل حالة من الفرحة والدعم الذي حصلت عليه من المقربين والأصدقاء، كانوا قريبين مني وأنا متحمس جداً لنجاحي، وحقيقة لا تتملكني أي مشاعر من الخوف أو الارتباك بل أنتظر الناس لأقول لهم تعالوا وشاهدوا عرضنا وتطلعوا إلى نجاحنا وخبرتنا، ولاشك أن النص كان صعباً في البداية لأن الشخصيات لا ترى، ولكن متابعة الدكتور سامر والتكنيك الذي قدمه لنا جعلنا نتجاوز كل الصعاب».

ومن جانبه أوضح الطالب مؤنس مروة أن: «المشاعر تختلط في هذا اليوم بين الحزن والفرح، حيث كنا كل عام ننتظر عطلة الصيف لنعود إلى المعهد هذا المكان الدافئ، أما اليوم فنستعد للخروج إلى حياة جديدة لا نعلم خفاياها، لكن مهما كبرنا سنبقى نتذكر أيام المعهد، والحقيقة تدربنا مع الدكتور سامر على مدى تسعة شهور، وتابعنا العديد من الأفلام والمسرحيات عن العميان وعشنا بنفس التفاصيل التي يعيشونها وتوحدنا معهم إلى درجة التماهي، وأصبحت كل يوم أعيش في هذه الغمامة السوداء وأشعر أني لا أريد الخروج منها».

الطالبة رغد سليم قالت إن: «العرض يقدم حالة صعبة حيث إننا سنجسد دور عميان في الوقت الذي نرى فيه، والعرض مقطع مثل السينما، أي إن كل مكان له حدث وموقع وجغرافيا معينة وزمن معين، ونحاول بقدر المستطاع أن يكون الجمهور متفاعلاً معنا في الأجواء والإضاءة وكل شيء، وبما أن العرض ينقسم إلى أكثر من قطعة فإنه يساعدنا كممثلين كي نتحكم بأنفسنا منذ لحظة الذروة إلى النهاية».

ويقول جبريل عجي: «إن دوري يتحدث عن أستاذ جامعي في علم الفلسفة يحمل الكثير من تفاصيل الفكر الإنساني، ويجنح إلى فلسفة الطبيعة الإنسانية عندما يكون تحت ظرف معين وعلى هذا الأساس عملنا، مشاعري اليوم تختلط بين الحزن والفرح لأنني سأترك هذا المكان ولكن النجاح أهم خطوة نسعى لتحقيقها».

فيما يبين الطالب علي يوسف أنني: «أجسد دور قائد الجيش في 3021، في مدينة بلا عيون، الناس كلها فقدت بصرها وأستخدم شعري في الكاركتر، مشاعري اليوم متنوعة بين الخوف والقوة، سنتخرّج من الأكاديمية ومعنا شهادة مهمة، والخوف من القادم لأنها بداية المرحلة وأول درجة في سلم الحياة».

ويبين حسام دلال: «إن شخصيتي هي المبصر الوحيد بين العميان، حالة تمثل أي اختلاف في المجتمع كيف ينظر لها، وهل يتقبلها أم لا، والمعهد يعني لي الكثير، سعيد أنني سأتخرج وأذهب إلى حياة أخرى وفي الوقت نفسه لن أنسى هذا المكان وسأبقى على تواصل معه».

أما مارسيل جبيلي فتقول: «أجسد شخصيتين من خلال المرحلة الأولى حيث أكون فتاة مدللة، والثانية شخصية مغنية في فرقة غنائية في 3021، وبالطبع سعيدة لأنني سأتخرج وسعيدة بالنتيجة التي حققناها كدفعة، وأشعر بالامتنان والفخر في هذه التجربة التي مررنا بها خلال الأربع سنوات التي الماضية».

ويذكر أن العرض من نص وإخراج سامر عمران – مساعد مخرج: حسن دوبا – موسيقا: رعد خلف- تصميم أزياء: غيث المرزوقي- تصميم إضاءة: علاء الكيزاوي – مساعد: عماد خالد – تنفيذ الإضاءة: رباب الدمني- رامي حسين- محمد سكر – وجد النجار- صوت: علي زهوة – تصميم الرقصة: نورس عثمان.