عربي ودولي

الرئيس الأفغاني يغادر إلى طاجيكستان.. ومساعٍ لتفادي «المعركة» … «طالبان» تدخل كابل من دون مقاومة وتدعو «لفتح فصل جديد من التسامح»

| وكالات

تسارعت الأحداث في أفغانستان بشكل كبير ومتلاحق أمس الأحد، بعد أن بدأت حركة «طالبان» باقتحام كابل من جميع الجهات، وسط أجواء هلع في العاصمة الأفغانية، في وقت تساءل فيه خبراء ومتابعون للشأن الأفغاني كيف تمكّن نحو 60 ألفاً من مقاتلي الحركة، بأسلحة تقليدية ومن دون تدريب مناسب على أساليب الحرب الحديثة، من هزيمة أكثر من ربع مليون جندي بالجيش الأفغاني، مزودين بكل أنواع الأسلحة الحديثة، بما في ذلك سلاح الطيران، ويتلقون مساعدات دولية استثنائية؟!
وفي ظل سيطرة «طالبان» على أغلبية ولايات أفغانستان ودخولها كابل من دون مواجهة أي مقاومة تذكر، ومغادرة الرئيس الأفغاني البلاد، أكد متحدث باسم «طالبان» أن الحركة تريد انتقالاً سلمياً للسلطة، مطمئناً رعايا السفارات الأجنبية بأن لا خوف عليهم ويمكنهم البقاء في البلاد.
وقال مصدر بالرئاسة الأفغانية، أمس الأحد: إن الرئيس أشرف غني وافق على الاستقالة في ظل الأوضاع المتأزمة في البلاد، موضحاً أن الأنباء عن التوافق بين الأطراف الأفغانية على اختيار وزير الداخلية السابق علي أحمد جلالي لرئاسة حكومة مؤقتة، مجرد «شائعة».
وقال المصدر في القصر الرئاسي حسب وكالة «سبوتنيك»: «الرئيس أشرف غني وافق على الاستقالة، وقال: إنه لا احتمالية لاندلاع القتال في كابل لأن «طالبان» لا ترغب في عنف عادي».
وأضاف أيضاً: إن الأنباء حول التوافق على تعيين جلالي كرئيس لحكومة مؤقتة ووصول الملا عبد الغني برادر رئيس المكتب السياسي لحركة «طالبان» «مجرد شائعات»، كما لفت المصدر بالقصر الرئاسي إلى أن الأزمة الحالية سوف تنتهي «خلال يومين أو ثلاثة أيام».
بدورها، أكدت مصادر إعلام أفغانية أن الرئيس غادر البلاد، بينما نشرت وكالة «رويترز» عن مسؤول في وزارة الداخلية الأفغانية أن الرئيس أشرف غني غادر إلى طاجيكستان، الأمر الذي أكده نائب الرئيس السابق عبد الله عبد الله.
على حين قال مكتب الرئيس الأفغاني لـ«رويترز» إنه «لا يمكننا الإفصاح عن أي شيء بخصوص تحركات غني لأسباب أمنية»، على حين أكدت وسائل إعلام أفغانية أن رئيس مجلس النواب الأفغاني، مير رحماني، وعدداً من القادة والمسؤولين الآخرين غادروا إلى إسلام أباد.
إلى ذلك نقلت قناة «طلوع نيوز» الأفغانية عن مصدرين محليين قولهما: «إن الرئيس غني غادر البلاد بعد دخول «طالبان» المدينة وإن مساعديه المقربين غادروا معه».
وأشارت القناة إلى أن القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني بسم اللـه محمدي كان أعلن في وقت سابق أن الرئيس الأفغاني سلم مسؤولية حل الأزمة في البلاد إلى القادة السياسيين وأن وفداً سيتوجه إلى العاصمة القطرية الدوحة اليوم الإثنين لإجراء محادثات بشأن الوضع في البلاد.
بينما قالت مصادر مقربة من «طالبان» أنه تم الاتفاق على استقالة غني بعد اتفاق سياسي وتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية، وفي الإطار ذاته أفادت مصادر عدة بأن مجلساً انتقالياً جديداً تولى إدارة أفغانستان بعد مغادرة الرئيس غني البلاد.
ووفقاً لمصدر مقرب من «طالبان» فإن المجلس الجديد يضم الرئيس السابق حامد قرضاي ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية الأفغانية عبد اللـه عبد الله.
بدوره قال المتحدث باسم حركة «طالبان» سهيل شاهين لشبكة «بي بي سي» أمس الأحد: إن «عناصر الحركة يريدون تسلّم السلطة في أفغانستان في الأيام المقبلة عبر انتقال سلمي».
وعرض المتحدث الخطوط السياسية العريضة المقررة من جانب «طالبان» بهدف عودة الحركة إلى الحكم، بعد 20 عاماً على طردها من السلطة عن طريق التحالف الدولي بقيادة واشنطن، إثر اعتداءات 11 أيلول 2001.
وأوضح المتحدث: «نريد حكومة إسلامية جامعة، ما يعني أن جميع الأفغان سيكونون ممثلين في هذه الحكومة»، كاشفاً «سنتحدث عن ذلك في المستقبل، عندما يحصل الانتقال السلمي» حسب تعبيره.
وأكد أيضاً أن «السفارات الدولية وموظفيها لن تكون مستهدفة من جانب مقاتلي طالبان، وأن بإمكانها البقاء في البلاد»، وقال: «ليس هناك أي خطر على الدبلوماسيين والمنظمات الإنسانية، ولا على أي شخص.. عليهم جميعاً أن يواصلوا عملهم كما كانوا يفعلون حتى الآن، لأنهم لن يتعرّضوا لأي أذى، يجب أن يبقوا».
وإذ رفض المخاوف من عودة البلاد إلى السيطرة الأولى لــ«طالبان» على الحكم، مع تطبيق صارم جداً للشريعة الإسلامية، أكد المتحدث باسم «طالبان» أن «الحركة تريد الآن فتح فصل جديد من التسامح».
وأردف: «نريد العمل مع جميع الأفغان، وفتح فصل جديد من السلام والتسامح والتعايش السلمي والوحدة الوطنية للبلد والشعب الأفغاني» حسب تعبيره.
وبخصوص علاقات «طالبان» مع الولايات المتحدة، أوضح المتحدث أن «الحركة ستعيد النظر قريباً بعلاقاتها مع الولايات المتحدة والتي اتسّمت بعقدين من النزاع»، وقال: إن «علاقتنا باتت من الماضي»، مضيفاً: «في المستقبل، ستعني فقط خياراتنا السياسية، لا شيء آخر، سيكون هناك فصل جديد من التعاون».
وقالت الحركة في بيان على موقعها الإلكتروني: «أصدرت الإمارة الإسلامية بياناً في الصباح جاء فيه إن قواتنا خرجت من كابل ولا نريد دخول كابل بالوسائل العسكرية، ولكن الآن هناك تقارير تفيد بإخلاء مناطق في كابل، وتركت للشرطة وظيفتها في توفير الأمن».
وفي سياق متصل، أفادت وسائل إعلام ومصادر محلية، أن «طالبان» تسيطر على جميع المعابر الحدودية في أفغانستان، كما استولت الحركة في وقت سابق أمس على قاعدة باغرام الجوية، التي سلّمتها القوات الأميركية إلى الجيش الأفغاني الشهر الماضي، وخلال الأيام القليلة الماضية، احتفى مقاتلو «طالبان» بالسيطرة على عدد من المواقع العسكرية الحيوية والاستيلاء على معدات عسكرية ثقيلة وتكتيكية، بما في ذلك طائرات ومركبات «همفي»، في ظل انتصارات متتالية سيطروا من خلالها على أغلب المدن الرئيسة في البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن