ختام المعسكر التدريبي لفريق «جريح وطن» الرياضي … طموحات كبيرة لأبطال يصرون على عدم الانكسار وآمال عريضة لرياضيين انبعثوا من رماد الحرب
| الوطن
أمس عاشت مدينتا تشرين والفيحاء الرياضيتان حدثاً رياضياً كبيراً لم يكن مباراة بكرة القدم بين فريقين جماهيريين ولا حتى بكرة السلة بل هو معسكر إعداد رياضي لفريق مكون من جرحى الحرب الذين نالت منهم الإصابات المنوعة وهم يدافعون عن حياض الوطن من عناصر الجيش والشرطة والقوات الرديفة وحتى من المواطنين العاديين الذين وصلت إصاباتهم إلى نسبة عجز 80% فما فوق وذلك في إطار مشروع أكبر هو «جريح وطن» الذي توليه الدولة اهتماماً كبيراً في إطار رفع المعاناة عن شباب في عمر الزهور كادت الحرب أن تنهي حياتهم وقد نالت منهم في بعض الجوانب بعدما خرجوا بإصابات جسدية متنوعة لكنها أحيت في نفوسهم روحاً جديدة من الحيوية والنشاط ليشغلوا حياتهم بأشياء تفيدهم بشكل شخصي وتفيد مجتمعهم بدلاً من أن تجعلهم عالة عليه.
الرياضة حياة
ولأن الرياضة حياة ومجالها رحب وواسع في إبراز طاقات المجتمع فإنها خير مجال لبعض هؤلاء الجرحى لإثبات وجودهم وتفجير طاقاتهم الإبداعية، فكان مشروع فريق «جريح وطن الرياضي» وهو حالياً يتألف من ست ألعاب هي: كرة السلة والريشة الطائرة وكرة الطاولة ورفع الأثقال والسباحة وألعاب القوى من خلال لعبتي رمي الرمح ودفع الجلة وقد أسس ليسير بالتزامن مع برنامج «جريح وطن» الذي يحظى برعاية كاملة من القيادة السياسية، ولذلك فقد أسندت المهمة للاتحاد الرياضي العام ليشرف بشكل مباشر على معسكر الفريق المؤلف من تسعين رياضياً ونيف في الألعاب المذكورة، وقد أقيم على مرحلتين، الأولى في حماة على مدار أسبوعين والثاني لمدة شهر كامل في دمشق تحت إشراف إداريين ومدربين متخصصين للألعاب المذكورة، وقد جرى خلال المعسكرين انتقاء اللاعبين ممن سبق لهم ممارسة بعض الألعاب الرياضية قبل إصابتهم وبعضهم مارس لعبته التي أحبّ متابعتها، وجرى انتقاء المبرزين منهم ليكونوا نواة لفريق سيمثل سورية في محافل رياضية إقليمية وقارية ودولية قادمة.
دورة «جريح وطن»
وأول هذه الاختبارات الجدية للفريق ستكون الدورة الرياضية التي ستقام في اللاذقية بداية من الجمعة القادم وتقام منافساتها على مدار خمسة أيام وبمشاركة دولية عرف منها حتى الآن فرق رياضية من دول عربية شقيقة وأجنبية صديقة وقد تجهزت المدينة الرياضية في عروس الساحل لهذا الحدث الأول من نوعه في بلدنا.
ولأن الحدث فرض نفسه من حيث نوعية الرياضيين المشاركين فقد كان الاهتمام الإعلامي كبيراً فقد اجتمعت كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الفيحاء ثم في تشرين لمتابعة آخر التطورات التي وصل إليها فريق «جريح وطن»، وعلى مدار أربع ساعات تجولنا خلالها على الألعاب الست المشاركة في هذا الفريق وخرجنا خلالها بانطباعات مؤثرة.
ضحك ولعب وجد
هذا ما لمسناه خلال هذه الساعات ومن خلال لقاءاتنا مع المشرفين على الفريق وكذلك بعض اللاعبين، فالابتسامة تعلو وجوه الجميع والأمل يملأ وجدانهم بأنهم مقدمون على حدث كبير يحاولون فيه رفع علم بلادهم في مجال الألعاب الرياضية كما رفعوه في ساحات المعارك، والتفاؤل حاضر لدى الجميع بأنهم سيقدمون أداء يليق بهم كأبطال ويليق بسمعة سورية، والكل يمارس لعبته بجد ونشاط في محاولة لإبراز مواهبهم التي كادت تدفنها الحرب.
الطموح المشروع هو هدف كل منهم بأنه سيحقق رقماً أعلى أو رمية أبعد وأن كرته ستصيب الهدف، ولم يعرف اليأس طريقه إلى أحد منهم فبعد كرة (تنس الطاولة) تذهب بعيداً أو ريشة لم يستطع اللحاق بها أو رمية كرة جانب حلقة السلة كان الرد بالإسراع بإعادة المحاولة لكي يكون نصيبها النجاح.
أجواء من التفاؤل والحب واللعب والتسلية تابعناها في المسبح وفي الصالات التي يتدرب على أرضيتها فريق «جريح وطن» فلا مكان إلا للإنسان الطامح لكتابة تاريخه الخاص والخروج من كآبة الحرب ومصائبها ليتألف فريق تسوده الألفة والمحبة حسب تصريحات معظم من قابلناهم، وهو أقل ما نتوقعه بعد سنوات المعاناة التي ذهبت إلى غير رجعة.
المشروع من أساسه فكرة إنسانية رائعة وبالطبع فإنها من واجبات الدولة التي ترعى من أخلص لها ومن دافع عن أرضها ومائها وسمائها وبالتأكيد فإن القيادة السياسية لم ولن تدخر جهداً في سبيل تجسيد هذه الفكرة على أرض الواقع من خلال رعايتها الكاملة والدائبة والتفصيلية للمشروع برمته ولم تغب بالطبع عن الشق الرياضي حسب ما رأيناه بأم العين.
أيام قليلة وتقام الدورة الرياضية لمشروع «جريح وطن» وبالطبع لم تغب عن تخطيط القائمين عليه بأن دورة اللاذقية ما هي إلا مقدمة لدورات قادمة ومشاركات أكثر وأعلى على المستوى الخارجي بهذه الفئة من الأبطال الرياضيين الذين يستحقون رفع القبعة احتراماً لتضحياتهم الجليلة ولأنهم فضلوا الاندماج مع المجتمع بشكل إيجابي ومن خلال الميدان الرياضي.