الأولى

جهاديو إدلب يهلّلون ابتهاجاً ويوزعون الحلوى في شوارعها … أفغانستان تسقط بقبضة «طالبان» وأميركا تعيد التاريخ بخروج مذلٍّ ورمي لأدواتها

| الوطن

على خلاف أفلامها الهوليودية وبطولاتها الوهمية، استحضرت الولايات المتحدة التاريخ من جديد، مستعيدة مشاهد خروجها المذل من فيتنام إلى الذاكرة مرة أخرى، لكن هذه المرة بمشاهد أكثر قساوة ستخلّد لعشرات وربما لمئات السنين.
الولايات المتحدة التي لا يهمها تصديق العالم لذرائعها وتبريراتها في احتلالها للبلدان، بدت كعادتها غير مهتمة بالنتائج الكارثية التي سيخلّفها خروجها السريع من أفغانستان، ولاسيما على أدواتها وأتباعها، وأعلنت من جديد بأنها دولة لا تعترف إلا بمصالحها، ترمي أدواتها عند أول «مفترق طرق»، حتى وإن تشبث هؤلاء بعجلة طائرة حربية تابعة لها.
تهاوت المدن الأفغانية الكبرى الواحدة تلو الأخرى أمام هجوم طالبان، التي أكدت عودة الإمارة الإسلامية مجدداً، وقدمت ما يلزم من طروحات «براغماتية» لزوم تهدئة الجوار والعالم الذي ترك في حيرة من أمر الأداء الأميركي العابث بمصير الشعوب والخرائط.
وصول طالبان إلى حكم أفغانستان مجدداً سُمع صداه جيداً لدى أذرع القاعدة في كل مكان، لاسيما في شمال سورية حيث يسيطر هناك فرع تنظيم القاعدة «هيئة تحرير الشام» واجهة جبهة النصرة، وكشفت مصادر أهلية في إدلب لـ«الوطن» أن الاحتفالات عمّت أمس وأول من أمس محافظة إدلب، وعلت أصوات «شرعيي» ومتزعمي «النصرة» ومكبرات الصوت في المساجد ابتهاجاً بـ«انتصار» إخوتهم في «العقيدة»، ووزعت الحلويات و«الشعيبيات» في شوارع المدن الرئيسة، وفي مقدمتها إدلب التي تتخذها «النصرة» عاصمة لـ«إمارتها» الإسلامية بدعم منقطع النظير من النظام التركي الذي ابتهج للمشهد».
وعلى حين اعتبر أحد «شرعيي» جبهة النصرة المدعو مظهر السويس أن تنظيمه الإرهابي نهل الكثير من الدروس من حركة طالبان وأن «المعادلة تغيرت الآن»، وصف شرعي آخر بارز لها والملقب بـ«أبو ماريا القحطاني» الحركة بـ«الأخوة»، واعتبر انتصارها «انتصاراً للمسلمين، ولجميع المظلومين»، فيما ذهب زميلهم التونسي الملقب بـ«الإدريسي» بعيداً في تصوراته وأحلامه بالقول: «ما بعد تحرير أفغانستان ليس كما قبله، طالبان قررت إعادة رسم سياسة العالم من جديد»!
التهنئة لطالبان جاءت من حركة حماس كذلك، التي وجهت التهنئة في بيان لها قالت فيه: «نهنئ حركة طالبان وقيادتها الشجاعة على هذا الانتصار الذي جاء تتويجاً لجهادها الطويل على مدار عشرين عاماً مضت»، على حد تعبيرها.
بموازاة ذلك اتخذت المواقف الدولية المتواترة طابع الحذر، فمن بكين قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينغ، أن الصين تحترم خيارات الشعب الأفغاني وتأمل بانتقال سلس للوضع في أفغانستان، معربة عن تطلع الصين لوفاء طالبان بالتزاماتها بشأن ضمان انتقال سلس للوضع في أفغانستان، وكبح جميع أنواع الإرهاب والأعمال الإجرامية وإبعاد الشعب الأفغاني عن الحروب وإعادة بناء وطنه الجميل، بدورها طهران وعلى لسان رئيسها إبراهيم رئيسي قالت إن الهزيمة العسكرية وخروج الولايات المتحدة من أفغانستان، يجب أن تتحول إلى مناسبة لإعادة الحياة والأمن والسلام المستدام في هذا البلد.
بدوره أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنه ناقش الوضع في أفغانستان مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكين، فيما أعلن مسؤول رفيع بخارجيتها أن موسكو مستعدة للتعامل مع حكومة انتقالية أفغانية، وهي لم تعترف بشرعية سلطة طالبان.
بدوره دعا مجلس الأمن الذي اجتمع لمناقشة الوضع في أفغانستان، إلى «وقف فوري للأعمال العدائية وانتهاكات حقوق الإنسان»، وحثّ جميع الأطراف على «السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ومن دون عراقيل».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن