اقتصاد

في الإدارة العامة (2)

| نبيل الملاح - باحث ووزير سابق

يأتي هذا المقال تتمة للمقال المنشور بتاريخ 21 نيسان 2021 الذي طالبت فيه بإعادة النظر بالكثير من الطروحات والمفاهيم التي ظهرت في العقدين الماضيين وثبت عدم صحتها وجدواها، وذلك من خلال وضع رؤية إستراتيجية لإعادة بناء مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية بعيداً عن الشعارات والمزايدات.
وبالتأكيد فإن وضع هذه الرؤية يتطلب عملاً وطنياً جامعاً يقوم به كبار رجال الدولة والخبراء والاختصاصيون من أساتذة الإدارة والاقتصاد والقانون وتناقش في مختلف المستويات في الدولة وصولاً إلى مجلس الشعب، ولا يجوز وضع هذه الرؤية من قبل إحدى الوزارات ولو كانت المعنية بالتنمية الإدارية؛ فالتنمية الإدارية رغم أهميتها تبقى محوراً من المحاور المختلفة للرؤية المطلوبة ولابد من العمل على كافة المحاور للترابط فيما بينها ليكون عملاً متكاملاً وليس مجتزءاً.
ويُشاع أن وزارة التنمية الإدارية قدمت مشروعاً تضمن أن يتم حصر تسليم المواقع الإدارية القيادية بخريجي المعهد الوطني للإدارة العامة وحملة الماجستير والدكتوراه، وأعتقد جازماً أن هكذا قرار لن يكون صائباً وعادلاً؛ فهناك خبرات عالية في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة تفوق خبرة هؤلاء ويجب المحافظة على أحقيتهم في تسلم المراكز التي يستحقونها وفقاً لدرجتهم الوظيفية، على أن تكون الأفضلية لحملة الماجستير والدكتوراه عند التعادل في الدرجة الوظيفية، وكذلك بالنسبة لخريجي المعهد الوطني للإدارة العامة.
إن النهوض بالإدارة العامة يتطلب إقرار المبادئ الأساسية التي يجب الالتزام بها وعدم تجاوزها، أهمها:
1- وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفق المعيار الأساسي والأبدي في أن الوطن للجميع ولا ميزة لأحد على أحد إلا بميزان الكفاءة والنزاهة.
2- المحافظة على التراتبية الوظيفية، وعدم جواز استمرار أي مسؤول في موقعه لفترة زمنية طويلة تزيد على 5-7 سنوات.
3- وضع منهجية دائمة وثابتة لمحاسبة الفاسدين والمقصرين والمهملين، وتفعيل عمل أجهزة الرقابة والتفتيش ورفدها بالمفتشين الذين يتمتعون بالخبرة والنزاهة والموضوعية.
4- حصر السلطة الإدارية بالمخولين بها قانوناً، ومنع التدخلات المباشرة التي تقوم بها بعض الجهات.
5- السعي لإيجاد نظام عادل للرواتب والأجور والضمان الاجتماعي والصحي.
وأؤكد أن المناصب والمواقع الإدارية العليا تحتاج إلى رجال دولة يتمتعون بالعلم والخبرة والنزاهة، وإن الخبرة هي التكنولوجيا اللازمة للإدارة وهي لا تتكون إلا بمرور الزمن والتجربة.
وعلى الدولة أن تحافظ على أصحاب الخبرة والعلم والنزاهة، وألا تسمح بالتخلي عنهم تحت أي شعار.
كفانا تنظيراً..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن