ولد أديباً فقيراً؛ لجأ إلى الصحافة كمورد رزق؛ وبرع في هذه وتلك؛ فكان أديباً حاذقاً بين الصحفيين وصحفياً بارعاً بين الأدباء.
ثم ومن خلال احتكاكه المتواصل بالأدب والصحافة اكتسب موهبة النقد فغدا أديباً صحفياً ناقداً، وكان يزن الكلمة بميزان دقيق مكَّنه من تصنيف الكتَّاب والشعراء تصنيفاً عادلاً دقيقاً، وقد بوَّأته موهبة النقد منزلة سامية بين الأدباء، فقد كان يصنف الأدباء على درجات، هذا في الدرجة الرابعة وذاك في الثالثة، وفلان من الدرجة الممتازة، وآخر مطرود من مجالس الأدب كلها، ذلك أنه كان يعتبر نفسه قاضياً أدبياً، وكان حين يطرد أحداً من ساحة الأدباء فإنه يلاحقه في جلساته ومنتدياته ويسخر منه ويتهكم به.
لم يكن سعيد الجزائري أديباً عادياً من عامة الأدباء، شهِد على ذلك أدباء ونقاد عصره والعصور التي تليه ؛ فقد كان ينهل من موارد صافية نقية لا تعكر صفوها شائبة، فهو نشأ على أيدي فحول اللغة والأدب الكبار من أمثال الشاعر الكبير محمد البزم والأستاذ عبد القادر المبارك.
كان يملك حيوية متدفقة تضفي على كلامه وأدبه لونا طريفا ما جعله يشارك بتأسيس (عصبة الساخرين) التي ضمت عدداً من الأدباء الهازلين مثل حسيب الكيالي وعبد الغني العطري وعبد السلام العجيلي.
بدت ميوله الشعرية صغيراً، ولما نشأ عمل في الصحافة مراسلاً في بادئ الأمر، كما عمل بالتعليم ووظائف الدولة.
أحب الصحافة كثيراً والتصق بها حتى أمضى حياته كلها فيها؛ فعمل في جرائد الاستقلال- الجزيرة- القبس- وألف باء- والإنشاء- ودمشق المساء.
تولى أمانة التحرير في جريدة (النظام) التي تحولت إلى مجلة أسبوعية سياسية باسم (النقاد) وكانت تعنى بالأدب، وقد كان سعيد الجزائري يوقع على مقالاته التي يكتبها بها باسم (فتى الغوطة)، كما تولى التحرير في (مجلة الإذاعة السورية).
أسهم بتأسيس بعض الفرق التمثيلية للهواة في النادي الذي أسسه عبد الوهاب أبو السعود.
وكان عضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو نادي دمشق الأهلي الرياضي.
لقد جمع الأديب سعيد الجزائري بين الأدب الجاد المفيد وبين الطرفة الهازئة الهادفة فكانت شخصيته مزيجاً بين الوقار الصارم وبين السخرية اللاذعة، وأكثر ما تجلى ذلك في برنامجه الإذاعي (أدب وأدباء) ذاك البرنامج الذي كان يحمل في حلقاته تحليلاً ذكيا لآثار الأدباء الكبار من أمثال أحمد شوقي وخليل مطران وحافظ إبراهيم وعباس محمود العقاد ومحمد البزم وشفيق جبري وغيرهم من كبار الأدباء.