ثقافة وفن

طموحي للعالمية بدأ بالتبلور وبقطف الجوائز … أحمد الوعري لـ«الوطن»: يبدأ عملي التشكيلي من سورية

| سوسن صيداوي- ت: مصطفى سالم

«آخر وجه ارتديته كان أكبر.. أذكر أن ملامحي كانت أكثر.. وأحلامي أقل من أن تُذكر.. أصبحت مألوفاً.. أغرب من المواقف بصدفة.. وأبعد عن المستحيل بكارثة.. أما بعد.. أنا تغيّرت حدّ الجمود.. واخترت وجهاً مثالياً.. أعظم ما يمكن أن يقوله عابر.. وأبسط ما يخفيه صمته حقيقة».

هكذا قدّم الفنان التشكيلي أحمد الوعري، مجموعة لوحاته الجديدة التي احتواها معرضه «أما بعد» المقام في غاليري الآرت هاوس بدمشق.

فاللوحات الخمسة عشر المتفاوتة الأحجام لن تخبرنا بأكثر مما لديها، بل ربما أول نظرة إليها ستدرك ما تحتويه من مشاعر بالألوان أو الخطوط، أو ربما تقف أمامها ولا تحصل على هذا الإنجاز بالشعور.

الكثير من المشاعر للوجوه التي تصورها الأعمال، تقيّدت مع الشخوص بالألوان الكثيفة وبالمساحات الواسعة من الألوان البسيطة، في تناقض منسجم مع الحياة التي نعيشها.

كلمة مبدع

في معرض (أما بعد) هناك الكثير من الخيالات والكثير من الوجوه، التي ننظر إليها ونتمعّن بها، ولكنها بالحقيقة هي وجوهنا، هذا ما أوضحه الفنان أحمد الوعري في حديثه لـ«الوطـن» قائلاً: «كل ما يمرّ بالإنسان من وجوه تختزن بالذاكرة، وتصبح ملامحها واحدة وصامتة مرة وكثيرة المشاعر وجامدة مرة أخرى، ومع الوقت أصبحت هذه الوجوه مترسخة في ملامحنا، وبالمقابل بالأعمال نجد من يحاول أن يخرج من هذه الملامح التي تأطره وتقيّده بسبب الظرف المر، والأخير هو مصدر الإلهام، وهذا موضوع لا يمكن إنكاره أبدا، ولكن في حالته لا يمكننا أن نذهب نحو التقييد والتنميط المفروض علينا من الظروف القاسية والتي ستتكرر بحلولها، بل يجب أن نتمسّك بالأمل الذي يجب أن نقدمه للجمهور، الأخير الذي يرى الأعمال بطريقته وبحسب ما يعيشه وما مرّ عليه من تجارب. والدليل على كلامي هذا أعمالي الحالية والتي جاءت نتيجة مشاعر عشتها وقاسيتها، فأنا مقيم في مدينة حمص، وهي من المدن السورية التي عانت كغيرها من الويلات والدمار، وصحيح أنني تأثرت، ولكنني لا أرغب بأن أبقى قابع بنفس الدائرة».

وأوضح الوعري بأن اجتهاده هو ما أوصل أعماله للجمهور وفتح له قنوات ليتمكن من البيع، مضيفاً» الظروف الاقتصادية تتعقد أكثر، ولكن اجتهادي إضافة للمعارض التي أقمتها رغم أن عمري صغير، هذين العاملين ساعداني في زمن قياسي بتعريفي بالجمهور المحلي والعالمي، وأتاح لي العيش ضمن حدّ متوسط، ولكن هذا لا يعني بأن الأمور جيدة، فالحالة العامة في بلدنا قاسية».

وأخيراً عن مشاركات الفنان الشاب وتحقيق النجاحات، ختم قائلاً: «طموحي للعالمية بدأ بالتبلور، فلقد شاركت بمعرض بأميركا، تجولت الأعمال خلاله في ثلاث ولايات، وحصلت على الجائزة الأولى في هذه المعارض، كما شاركت بمعرض في كندا وحصدت فيه الجائزة الأولى. وأضيف بأن لديّ مقتنيات بالعديد من الدول في العالم العربي والأجنبي، ولكن عملي الأساسي من المحليات من وطني سورية فهو منبت جذوري ومطلق إبداعي».

الخروج بفكرٍ نيّر

تم افتتاح المعرض بحضور وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح، التي أثنت على الأعمال وعبّرت عن إعجابها الكبير بالتجربة الجديدة للفنان أحمد الوعري، وفي تصريحها لـ«الوطـن» قالت: «بصراحة أنا أعُجبت جداً بمعرض (أما بعد)، وأهميته تأتي من كون الأعمال هي نتاج إبداعي لشاب لم يتجاوز عمره الثلاثين. فتجربته غنية جداً، وتطوره الفني غني أيضا، وواقعيته ممزوجة بالخيال، والأدوات التعبيرية لديه متطورة. وأنا أرى بأن الفنان أحمد الوعري واعد جدا».

وعن أهمية الحركة التشكيلية والثقافة البصرية شددت وزيرة الثقافة على ضرورة تكاتف وزارة الإعلام مع وزارة الثقافة من أجل الإضاءة أكثر على المعارض التشكيلية عبر الإعلام السوري المنوّع، من أجل تطوير الثقافة البصرية لدينا. والتكاتف من جهة ثانية مع وزارة التربية من أجل الاهتمام أكثر بحصة الرسم الدراسيّة في المدارس، مع دعوتها لعدم تحويلها إلى ساعات تسلية أو غياب مدرس، متابعة» فإن لم نكن قادرين على دفع الطفل نحو الرسم والتلوين، يمكننا أن نجعله ينظر إلى عدد من اللوحات، ليتمكن من التمييز بين الجميل والقبيح، وليتمكن من معرفة قيمة اللون والخطوط والانحناءات في اللوحات، وليدرك بالنتيجة قيمة التشكيل».

وختمت حديثها بقدرة الشباب التشكيلي السوري على تحدي الظروف القاسية، وبعدم السكون لليأس مهما بلغت من صعوبة وخصوصاً على الصعيد الاقتصادي، قائلة: «الفن التشكيلي كالفنون الأخرى هو ابن مرحلته وزمانه، حيث يعبّر عن مشاعر الفنان التي تنتابه في لحظة ما وفق ذهنية معينة، وما عاشه الشباب خلال عشر سنوات ماضية لم يكن بالقليل، ولكنهم يخرجون من هذه المرحلة العصيبة بأفكار نيّرة وبرؤى مستقبلية جميلة، وهذا ما نشاهده بمعرض الفنان الوعري».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن