مرحلة التوقف الأولى للدوري الكروي الممتاز بدأت منذ نهاية مباريات الأسبوع الثاني ويستمر هذا التوقف حتى (12-13/9) حيث يعاود الدوري الممتاز مسيرته من بداية الأسبوع الثالث من الذهاب، والتوقف هذا كرمى المنتخب الوطني الذي يمضي معسكره الأخير في قطر يلعب خلاله مع الجزائر (اللاعبين المحليين) قبل أن ينطلق لمواجهة إيران ويستقبل بعدها المنتخب الإماراتي في عمان العاصمة الأردنية.
التوقف الآن مفيد جداً لكل فرق الدوري، فالفرق جميعها من خلال أدائها الذي قدمته في أول جولتين تبين لنا أنها غير مستعدة لهذا الموسم، واستعدادها بدا متفاوتاً بين فريق وآخر.
وما شاهدناه أن أغلب الفرق لم تصل إلى الجاهزية البدنية المفترضة والدليل أن المخزون البدني كان ينخفض كثيراً في الشوط الثاني، فلم نشاهد وفرة الأهداف في الشوط الثاني كما اعتدنا على ذلك في المواسم السابقة، فقد شهد الشوط الأول تسجيل 17 هدفاً والثاني 12 هدفاً فقط.
فترة التوقف القادمة تساعد على تحقيق الجاهزية البدنية والفنية والانسجام والتناغم بين أفراد الفريق من جهة وبين أفراد الفريق والطاقم الفني من جهة أخرى، إضافة لذلك فإن المدربين اختبروا في هذه المباريات سواء بالدوري أم قبلها الاستعدادية أغلب اللاعبين، ومن الطبيعي أن يكون المدربون وصلوا إلى صورة كاملة عن إمكانيات اللاعبين وأهليتهم، ولابد أن تكون هناك أخطاء ظهرت ستتم معالجتها وتصحيحها على أمل أن تكون القادمات أفضل.
الكرة الآن صارت بملعب المدربين وإذا أقنعنا أنفسنا بما أدلوا به من تصريحات سابقة نسبوا فيها تعثر فرقهم إلى سوء الاستعداد وتأخر التحضير فإننا لن نقبل هذه الأعذار عندما يستأنف الدوري من جديد.
الغياب المؤثر
الهجرة الجماعية للاعبينا إلى الدوريات العربية كان لها التأثير السلبي على الدوري المحلي وخصوصاً أن أغلب اللاعبين المهاجرين كانوا من المؤثرين في فرقهم، فهم إما مهاجمون هدافون أو صانعو أهداف كمحمود البحرو علاء الدين دالي ومحمد مرمور وعبد الرحمن بركات وورد السلامة وأسامة أومري ومحمد حلاق ومرديك مردكيان وغيرهم، هؤلاء كانوا بيضة الميزان ليس بفرقهم فقط إنما في الدوري كله، لذلك شاهدنا العقم في التسجيل والضعف في بناء الهجمات والتراخي في المناطق الدفاعية.
وهذا بدوره أدى إلى الأداء الضعيف عموماً بين فرق الدوري، والصدمة كانت كبيرة من نتائج بعض الفرق كالوحدة وتشرين والجيش والكرامة المرشحة على قائمة الكبار المنافسين على لقب الدوري.
كذلك الصدمة طالت عدة فرق مثل الاتحاد والوثبة والفتوة التي دخلت الدوري بترويج إعلامي غير مسبوق.
على كل حال فإن فترة التوقف (كما قلنا) ستكون مفيدة لمراجعة كل أنواع الخلل، فأسبوعان من الدوري من الممكن تعويض نقاطهما المهدورة إن استفادت الفرق من عثراتها وأخطائها.
أخطاء التعاقد
أكثر من 150 لاعباً شملهم الميركاتو الصيفي في الدوري المحلي، وكما نلاحظ فإن اللاعبين تبادلوا المراكز والمواقع من فريق إلى آخر في حركة مستمرة وشاملة، حتى إن بعض الفرق غيرت فريقها بالكامل، وهذا الأمر له سلبياته الكثيرة على سبيل الاستقرار والانسجام، والتبديل والتغيير من المفترض أن يكون جزئياً، لكن العقلية الاحترافية الموجودة عند إدارات الأندية وعند العديد من اللاعبين الباحثين عن عقد مالي أفضل فرضت هذه الصورة القائمة التي تدفع فرقنا في نهايتها ضريبة باهظة.
ونلاحظ أن الضائقة المالية فرضت على الأندية الكثير من الخيارات ربما كانت جيدة أو غير ذلك، لذلك نجد أن التعاقدات فرضتها الأوضاع المالية بشكل عام، لكن هذا الأمر لا يفرض على الأندية العديد من التعاقدات التي رآها البعض غير مبررة وغير مفيدة، وخصوصاً عندما يتم التعاقد مع لاعبين منتهي الصلاحية أو مصابين أو لم يثبتوا وجودهم الإيجابي مع كل الفرق التي لعبوا لها في الموسم الماضي، وهنا غمز البعض من قناة الشبهات في هذه التعاقدات.
وسبق أن تحدثنا عن ضرورة ضخ دماء جديدة في الفرق بعد النزيف الحاصل باللاعبين والفرق إن لم تحصل على الفوائد المباشرة فإن هذه الفوائد قادمة لا محالة.
ولنا في ناديي حطين والنواعير (على سبيل المثال) خير دليل، فاللاعبون الشبان الذين زج الناديان بهم لم يكونوا سيئين وقدموا حتى الآن أداء مقبولاً وحققوا نتائج أكثر من المتوقع.
لذلك فإن التوجه إلى اللاعبين الشباب أحد الحلول المجدية للكرة السورية، فهي العلاج الناجع لمواجهة الأزمات المالية والاقتصادية، وهو الحل الأمثل لزج دماء جديدة في الدوري، وكم نتمنى أن يفرض اتحاد الكرة على أنديته هذا الأمر من خلال قرارات عديدة منها عدم جواز التعاقد مع أكثر من ثلاثة لاعبين تجاوزوا الثلاثين من العمر.
صدمة البداية
لم يستطع أي فريق تحقيق العلامة الكاملة في الأسبوعين الأولين من الدوري وهذا أمر من النادر حدوثه في الدوري المحلي، وكانت الصدمة كبيرة على عشاق البحارة بطل الدوري الذي وقع في شرك النواعير العائد إلى الممتاز بتشكيلته المختلطة من القدامى والشباب، فالتعادل أفقد تشرين نقطتين مهمتين بعد أن كان الفوز مضموناً حسب توقعات كل المراقبين في استطلاعات الرأي العام نظراً للفوارق الشاسعة التي تفصل تشرين عن النواعير، لبطل الدوري ولكل المنافسين نقول: إن كبوة البداية مفيدة وهي أفضل بكثير من كبوة متأخرة، لأن إصلاح الخطأ ممكن وترميم النقص مقدور عليه.
الوحدة أيضاً تلقى صدمة مماثلة بتعادله على أرضه مع جبلة، والصدمة لأن جبلة ليس من الفرق المنافسة هذا الموسم، ولأن الإمكانيات مختلفة فالوحدة دخل الدوري من أوسع الأبواب بتعاقدات محرزة دفع لها كل إمكانياته على عكس جبلة الذي خانته الظروف.
الجيش وصيف الدوري أهدر أربع نقاط من تعادلين، يمكن التعادل الأول مع الفتوة كان مخيباً للآمال، لكن التعادل الثاني مع الاتحاد كان منطقياً وخصوصاً أنه لعب كامل الشوط الثاني بعشرة لاعبين، مع التنويه إلى أن الزعيم افتقد هدافه محمد الواكد لمرضه وهذا الغياب أثر بطريقة ما على الفاعلية الهجومية وخصوصاً بلقاء الفتوة.
الكرامة حتى الآن وضعه طبيعي وجيد، فاز على الشرطة 2/1 وتعادل مع الوثبة بلا أهداف ودوماً فإن لقاءات الديربي محفوفة بالمخاطر.
التعادل أضرّ بالفريقين بشكل غير مباشر وخصوصاً أن طموحهما كبير إما للمنافسة أو للتقدم نحو مواقع الكبار.
خيبة أمل
خمسة فرق خاب أملها في افتتاحية الدوري لعل أبرزها الوثبة الذي كان من أكثر الفرق استعداداً وتحضيراً وتعاقداً مع لاعبين من ذوي الخبرة والشهرة، الوثبة لم يحقق في مباراتين أكثر من التعادل السلبي، وهذا رفع الكثير من إشارات الاستفهام حول الأداء الهجومي للفريق، لقاء جبلة لم يكن بالصعوبة المتوقعة، ولقاء الكرامة كان بحاجة إلى فارس، ولكن الفريق ارتضى بسيد الأحكام، ومن أراد صعود الترتيب فعليه ألا يفرّط بالنقاط.
وعلى الشاكلة ذاتها كان الفتوة، استعداد جيد، لاعبون متميزون، نتائج مرموقة بالمباريات الاستعدادية، لكن الحصيلة لم تأت كما تشتهي سفن الفريق فاستسلم أمام دوريات الشرطة وصمد أمام كتائب الجيش. ولم يحقق أكثر من نقطة واحدة.
عزاء الفريق أن أداءه كان بالمباراتين مقبولاً، لكن عيبه بعدم استغلال الفرص المتاحة، ومن لا يُسجل يسجّل عليه وهذا ما حدث بلقاء الشرطة فخسر المباراة بغمضة عين.
التفاؤل بفريق الفتوة يبقى قائماً مع التأكيد على الفاعلية الهجومية التي تحتاج إلى حلول جذرية.
الاتحاد أكثر من التعاقدات فصار لديه فريق من المخضرمين وفريق من الشباب المواهب، وقصته باتت مكررة بأوضاع إدارية ومالية مضطربة أفقدته عدداً من اللاعبين أمام تشرين فخسر، وعندما اكتملت صفوفه لم يحقق المطلوب أمام الجيش ولم يستغل الظروف التي كانت بمصلحته طوال المباراة فخرج متعادلاً، الحصيلة نقطة واحدة، وإذا كانت الخسارة أمام تشرين باللاذقية مقبولة فإن التعادل مع الجيش بحلب ضمن ظروف المباراة يعتبر خسارة، وإذا استمر الفريق على هذه الحال فإن مسيرته بالدوري لن تتغير عن مسيرة الموسم الماضي.
عفرين الوافد الجديد إلى الدوري كان من المتوقع أن تكون نتائجه أفضل، وخصوصاً أن القرعة لم تضعه بمواجهة الكبار، والمواجهتان كانتا من النوع السهل باعتبار أن حطين ليس الفريق الذي نعرفه كما يعلم الجميع بوضعه وظروفه هذا الموسم وحرجلة تأخر كثيراً بالتحضير وهو ليس من الفرق الثقيلة بالدوري، وإذا أضفنا إلى كل ما سبق الاستعداد المثالي للفريق ونوعية اللاعبين الذين تم التعاقد معهم لقلنا إن عفرين كان أكبر الخاسرين بحصوله على نقطة واحدة، وهذه النقطة كانت بضربة حظ!
ضيف الدوري الجديد يجب أن يستغل توقف الدوري لاستدراك الأخطاء والهفوات الدفاعية التي رأيناها بلقاء حرجلة وكانت سبباً مباشراً في خسارة الفريق.
قد لا يكون الطليعة هذا الموسم بأفضل من الموسم الماضي على صعيد التعاقدات والتحضير، لكن قرعة الدوري سهلت له الدخول فيه من أوسع الأبواب بمباريات بسيطة في متناول اليد، الأولى تعادل فيها مع النواعير 2/2 والثانية خسرها أمام حطين 1/2، هاتان النتيجتان غير منطقتين من باب الموازنة بين الطليعة وفريقي النواعير وحطين ونجد أن إعصار العاصي خسر فيهما الكثير ونقطة واحدة فقط لا تكفي، وإذا كان هذا هو الحال في هذين اللقاءين فكيف به عندما يواجه كبار الدوري.
خطوة إيجابية
فريق حطين فاجأ الجميع بنتائجه وكانت بدايته مشجعة وجميلة، وقد تجاوز آلام المال وجراح الغياب فحقق تعادلاً جيداً أمام عفرين بحلب 1/1 وفاز على الطليعة 2/1، وهذا سيعطيه الدافع لمواصلة المشوار بعزيمة وصدق وشجاعة، ولاشك أن اللاعبين أمام تحد كبير لمواجهة أزمة النادي ومواجهة صعوبات الدوري.
الشرطة قدّم أكثر من المتوقع، مع الكرامة بحمص خسر 1/2 وهي خسارة بكل الأعراف طبيعية، لكنه تفوق على نفسه وفاز على الفتوة 2/1.
والجيد في المباراتين أن الشرطة قدم أداء مقبولاً رغم قصر فترة تحضيره قياساً على تحضير الكرامة والفتوة، وقياساً أيضاً على نوعية اللاعبين الموجودين في الفريقين، هذا الحصاد يدفع الفريق نحو الأمام أكثر ولابد أن يمنحه المعنويات العالية لتحقيق الانسجام الأكبر وإصلاح العيوب وخصوصاً في المنطقة الخلفية.
حرجلة فاجأ الجميع بالفوز على عفرين وعرف مدربه كيف يداري خسارته الأولى أمام الوحدة وقد خسرها بفارق الخبرة ولبعض الهفوات الدفاعية، حرجلة كان آخر الفرق استعداداً وتعاقداً مع اللاعبين، لذلك فإن الفترة القادمة مهمة للفريق لتعويض كل نقص وخلل على أمل أن يتجاوز كل أزماته بسرعة ليتجنب كل مواقع الخطر كما فعل الموسم الماضي.
أعتقد أن جبلة حقق المطلوب منه حتى الآن من خلال تعادلين جيدين مع فريقين كبيرين بمستوى الوثبة وحجم الوحدة.
ومع ذلك فإن أبناء جبلة يعتقدون أن فريقهم لم يقدم العرض المطلوب حتى الآن، وبعض لاعبيه مازالوا في إجازتهم الصيفية.
المشكلة الأكبر التي تواجه الفريق هذا الموسم غياب هدافه محمود البحر دون أن تستطيع تعويض هذا الغياب المؤثر، وإذا استطاع الفريق إيجاد الحلول الهجومية المناسبة فإن خسارة هذا الغياب ستكون أقل ضرراً على الفريق، حقق جبلة نقطتين من تعادلين سلبيين.
النواعير بشكل عام قدّم أفضل ما عنده وأكثر من المطلوب منه، والتعادلان اللذان تحققا هما بمقياس الفوز، وخصوصاً مع تشرين 1/1، حتى التعادل مع الطليعة 2/2 كان له لذة خاصة.
كل الأجواء كانت تشير إلى أن النواعير لن يحقق شيئاً وخصوصاً أن قرعة الدوري لم تخدمه فوضعته بمواجهتين صعبتين للغاية لكنه نجا منهما.
بكل الأحوال فإن التوقف مفيد للنواعير لمزيد من الاستعداد وصولاً إلى الجاهزية الفنية والبدنية المطلوبة.