ثقافة وفن

إن الأدب هو تمازج من نور الثقافات المختلفة

| منال محمد يوسف

هو روح الجمال، إذ يُمثّل فلسفات خالدة ويسمو بين قطبي الفن التقويميّ ذي المعارف المهمة..
هو ذاك النهج الذي يُعرّف بأنّه متكامل المعارف ويسمو إذ ما دخلت عليه «نظرية الألق الفلسفيّ بما تمتلك من خصائص جماليّة تُهذب منطقه الخاص والعام»..
فقد تمنحه ذلك العمق الفكريّ الإنسانيّ المرتجى والمطلوب وقد يمنحها هو جماليّة خاصة..
فكم من الأدبيات التي نقرأ ونُلاحظ كيف تُجملها «روح الفلسفة ويشعُّ نورها الإنسانيّ»؟
وكم يسمو الأدب إذ دخل إلى مدارات الفلسفة، يسمو في بدائع الصور التجريديّة ومفهومها الإبداعي الأجمل..
وكم يسمو العقل البشريّ بقراءة المنهج الفلسفي والأدبيّ إذ استطاع أن يفكّ آلية الترميز وسرّ الشيفرة «السرّ الجماليّ» الذي يربط بينهما.
ويعمل على تنظيم بعض القوانين الفاعلة المنفعلة بهذا المنهج الفلسفيّ الأدبيّ أو ذاك.. وبالتالي يبتكر لنا «صور الرؤى الثابتة» الصور الجادة التي تُبلور مضامين علم الفكرة الفلسفية.
وتُشكّل جوهرها الفعليّ إذ تدخل مختبر الفلسفة والأدب معاً.
وبالتالي تتكون نواة ذو اتجاهين يتبلور كلِّ منهما في خدمة الطرائق الإبداعيّة المُثلى.. وتُقدّم تجانساً معرفياً يرسم ملامح الاندماج الفكريّ والفنيّ ويكتب مقدمات تخصُّ الأدب والفلسفة وتُشكّل قوة العلاقة فيما بينهما، وتسمو بذلك معزوفة الشيء المنطقيّ الإنسانيّ.
وإذ يُصادفنا السؤال التالي: أيّهما يصبغ جماله على الآخر أكثر؟ وأيّهما يبدو أوضح في ماهيّة فهم العلاقة بين الفلسفة والأدب؟
فهناك من يجزمُ قائلاً: إنَّ الأدب تتضح ملامحه عندما يقترب من روح الفلسفة ومن مدارات أمرها وهناك من يتمنى أن ينهلَ من علومها ويحاول التزوّد بها ويحمل مشكاة نورها ويسيرُ بها على دروب الأدب.
ويرسم صورة الاندماج الفلسفيّ الأدبيّ الذي يخلق تيارات ثابتة متميزة الفكر الإنسانيّ لا تُهزم أمام عصرنة المعلومات السريعة..
وإنّما تبقى «كالطود الشامخ» تُثقل موازين التمازج الفلسفيّ الأدبيّ وتحقق بذلك الاهتداء النوعيّ إلى بعض أبحاثه وعناوينه المميزة وتخلق تيارات فلسفية أدبية وتعمل على تقويم مداها اللّامتناهي، حيث تُزهر لغات الفكر الإنسانيّ بجمالها الفلسفيّ الأدبيّ والوجدانيّ، مما يخلق «تيارات فلسفيّة أدبيّة» لا يمكن إلا الاحتكام إليها وقراءة «دساتير فكرها الإنسانيّ» بما يحمله من ذاك العمق الفلسفيّ الوجدانيّ الذي يُشكّل ملامح الأدب.. ويبتكر له منحى متميزاً ذا رؤى مختلفة..
وبالتالي تتجدّد جدليّة العلاقة بين الأدب والفلسفة وتجعلها تزدهر فكراً منطقياً وثقافةً إنسانية لا بدَّ من الانتماء إلى بعض مداراته القويمة التقويمية..
وكُلنا أصبح يعرف بأن الأدب يحتاج إلى «روح الأدب وجماليته الخاصة» لكي تأتي إليه وتُجمّل جمود قوانين لديها، وكذلك الأدب يحتاج إلى ذاك العمق الفلسفيّ ويجب أن ترتبط أهدافهما الصغرى والكبرى على حدٍّ سواء، وبهذا المعنى تتم قولبة الأدب وتجعله ذا جماليّة خاصة..
كما تضعه في مقدّمة الشيء الذي يُسمّى «القولبة الإبداعية»، وتنحو في جزئيات أمره الفلسفيّ والأدبي، حيث الألق الفكريّ المتوازن وفلسفات التواجد في واحات تسطع فيها نجوم التمايز الفلسفيّ والأدبيّ وتكون عصيّة على الخفوت.
وهنا بالطبع نقصد الخفوت الفكريّ «الخفوت المتراتب من عدم التأمّل ومحاكاة الشيء الفلسفيّ بما يرضي العقل أولاً».. وبما يفتح الآفاق على مدارك الفكر الفلسفيّ وعلى أهمية السموّ به من حيث «نبالة شأنه ونبالة لفظه» وبلاغة تفكيره العاقل، بلاغة الحكم الفلسفيّ على منطق الأشياء.. على جماليّة المنطق وأحكامه «جماليّة المنطق الذي تتبع له».
ويتفق معها من حيث إبراز الشيء الفلسفيّ والإنسانيّ وخلق أدبيات قد تُمثل «علم الجمال الفلسفيّ الأدبيّ» علم الجمال وسرُّ التمازج بين الفلسفة والأدب، سرّ قوتهما الذي يدعم منطق الثقافة العظيم..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن