في انتخابات رابطة حكام كرة القدم … صورة ضبابية تعكس واقع الانتخابات القادمة
ناصر النجار :
من المفيد وقد علمنا بما جرى في انتخاب لجنة رابطة الحكام، أن نستعرض المسألة التحكيمية في كرتنا لكونها من أهم مفاصل اللعبة، وربما أكثرها خطورة.
والحديث في هذا الاتجاه له شجون كثيرة وفيه الكثير من الألم الذي يعتصر القلب، واللجنة التي تدير العملية التحكيمية لن تمرر في هذه الدورة الانتخابية التي أفلت، إلا مصالحها فقط، وهذا الكلام مثبت، ونملك فيه الكثير من الأدلة والبراهين.
المؤسف أننا فوجئنا بمن ادعى الصلاح والإصلاح عندما كان خارج اللجنة بأنه غير ذلك للأسف، وأعماله كانت شاهدة على ما نقول، لذلك بتنا نندم على زمن من سبقه، لدرجة قلنا سقى الله أيام زمان عندما كان التحكيم السوري مهيمناً على التحكيم الآسيوي والعربي والعالمي، وللتذكير فإن حكامنا شاركوا بتحكيم كأس العالم بكل الفئات وبتحكيم كل المسابقات الآسيوية بكل فئاتها «أندية ومنتخبات»، وحكامنا كانوا مطلوبين في لبنان والأردن ومصر وإفريقيا، وبعض حكامنا ساهم بتحكيم بطولات في أوروبا ومنذ ظهر العميد فاروق بوظو على الساحة التحكيمية، حتى توالت الخبرات التحكيمية التي أعلت راية التحكيم السوري، وبات علماً من أعلام التحكيم العالمي، من ينسى حكمنا الدولي جمال الشريف وحمدي القادري وتوفيق قرام وتاج الدين فارس ونزار وته ومحمود الرفاعي وقيس العبد الله وباسل الحجار ونزار رباط وغيرهم، كل هؤلاء أعلوا رايات التحكيم السوري في كبريات البطولات الآسيوية والدولية فضلاً عن البطولات العربية.
لكن المشهد اليوم تغير، لأن المصالح الخاصة صارت أعلى وأهم من المصالح العامة، لا ننكر أن تحكيمنا في السابق كان يشوبه بعض الشوائب، لكن كانت أقل من كل الثوابت التي كانت بمنزلة الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه.
اليوم تجاوز القائمون على التحكيم وداعموهم كل الخطوط الحمراء بعد أن تجاوزت مصالحهم الخاصة كل المبادئ وحالات العمل الإيجابي البناء، لدرجة أن تحكيمنا بات يعتمد على الطفرات التي يمكن أن يجود بها وطننا المعطاء.
أول الرقص
في انتخابات رابطة الحكام لم تسر الأمور كما تشتهي العدالة الانتخابية، فكل شيء كان بمصلحة أصحاب القرار الكروي.
والاهتمام المفاجئ بهذه اللجنة جاء بسبب صوتها الانتخابي ومن سعى لتكتيك انتخابات رابطة الحكام كسب صوتاً ليوم التاسع من كانون الأول.
بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه: أين كانت لجنة رابطة الحكام في السنوات الماضية، وهل انتخابها الآن شرعي؟ وما دام اتحاد كرة القدم يرفض تعديل اللجان الفنية لكون التعديل قبل ستة أشهر من انتخابات كرة القدم يعتبر غير شرعي، فهل الانتخابات التي هي خارج إطار اللجان الفنية شرعية؟
في موضوع اللجان الفنية فإن اتحاد كرة القدم ضامن لأصواتها لكونها من حاشيته، وهذا الكلام ينسحب على أغلبها، وليس معظمها، ونحن لا نستبعد حدوث اختراقات من هذا وهناك، فالظاهر في الأمر أن الأمور لن تجري بسلاسة فهناك عوامل ضغط متعددة، وقد يكون المال أحدها وهو حاضر في شراء الأصوات كما سمعنا، للأسف!
إذا اعتبرنا أن ما جرى في انتخاب رابطة الحكام وكذلك رابطة اللاعبين صورة مصغرة عن انتخابات كرة القدم، فإن الأمور حتماً لن نكون، على ما يرام، ولن ننتظر انتخاب الأفضل بل ستكون الحظوة للطرف الأقوى، والأكثر دعماً وتأثيراً في الناخبين.
ونخشى أن نقول: إن أول الرقص حنجلة، وخصوصاً أن الفائزين حسب تسلسل الأصوات سحب منهما الصوت الانتخابي، ومن جاء رابعاً تصدر رابطة الحكام ومن جاء ثالثاً تصدر رابطة اللاعبين، فهل في ذلك سر أم تكتيك أم مؤامرة؟
كآبة
ما أسفرت عنه انتخابات رابطة الحكام، جعلتنا نشعر بالكآبة، وأن القادمات أسوأ مما مضى، لأن هذه الانتخابات أعطت مؤشراً إلى استمرار القائمين على التحكيم بعملهم لدورة أخرى، هذا إن فاز القائمون على الاتحاد الحالي بالانتخابات وخصوصاً رئيس الاتحاد.
وتشاؤمنا يأتي من أرض الواقع، لأن اللجنة سارت بعملها المصلحي بشكل مكشوف وعلى مبدأ «على عينك يا تاجر». ونحن هنا لسنا مع فلان أو ضد فلان، نحن مع المصلحة العامة بشكل رئيسي وكل، ملاحظاتنا على لجنة الحكام كانت على الشكل التالي:
أولاً: أبعدت كل خبراء التحكيم عن مواقع التحكيم، فرفضتهم شركاء عمل أو استشاريين، ولم تمنحهم أدنى حقوقهم وهي مراقبة المباريات كحد أدنى، واستأثرت بكل شيء، لدرجة أنها جعلت العمل شركة مساهمة مغفلة فتقاسمت الغنائم فيما بينها، وكل حسب مركزه وقربه من موقع القرار الكروي.
ثانياً: اعتمدت في العملية التحكيمية على عدد قليل من الحكام، وساندت البعض على حساب المجموعة باعتبار المصالح الخاصة، فالحكام المدعومون وعددهم لا يتجاوز الثلاثة هم أصحاب القربى والحظوة، وأحدهم نال الرضا بكل المشاركات الخارجية لكونه يحمل مؤهلات لا يحملها بقية زملائه.
من هنا يتراجع المستوى التحكيمي، لأن الحكام عندما يدركون أن العمل يجري وفق آلية «الخيار والفقوس» فإن الاحباط سينال منهم كل النيل، إضافة للجيل الجديد الذي سيقع أمام خيارين، فقد يسلك طريق المدعومين، وهذا قمة في الفساد الخلقي والفكري وقد يسلك طريق الاجتهاد إنما بلا أمل، وهذا وحده كفيل بعدم تطور العملية التحكيمية.
ثالثاً: لم نجد أي أثر للاهتمام بالقاعدة التحكيمية، ورغم أننا منحنا نائب رئيس لجنة الحكام الفرصة ليتكلم عن كل هذه الجوانب، إلا أن حديثه لم يكن مقنعاً لنا ولكل جماهير الكرة، فالشواهد الماثلة بالأذهان كانت أقوى من كلامه، والمهم هنا أن الاهتمام بالمصالح الشخصية فاق الاهتمام بالمصلحة العامة، ما دام العذر قائماً وموجوداً بالأزمة التي يختبئ خلفها كل المقصرين والمهملين لأعمالهم.
في المحصلة العامة بعد هذا السرد نأمل أن يتم إجراء تغيير كامل على لجنة الحكام، بسبب فشلها في عملها وهذه توصية نقدمها لمن سيظفر بسدة الفيحاء، وهي مطلب مهم، ومسؤولية يجب أن يعيها الجميع وعلى رأسهم القيادة الرياضية.