سورية

نتيجة سرقة النظام التركي مياه الفرات … خبراء ومنظمات إنسانية يدقون ناقوس الخطر: الجفاف يهدّد سورية

| وكالات

دق خبراء وتقنيون ومنظمات إنسانية ناقوس الخطر من حدوث كارثة في شمال سورية وشمال شرقها، نتيجة انخفاض تاريخي ومرعب بمنسوب مياه نهر الفرات بعد قيام النظام التركي باحتجاز حصة سورية والعراق من مياه النهر، الأمر الذي يهدد سير العمل في سدي تشرين بمحافظة حلب، والفرات «الطبقة» بمحافظة الرقة، وسيؤدي إلى انقطاع المياه والكهرباء عن ملايين السكان.
ونقلت وكالة «أ ف ب»، عما يسمى مدير «سد تشرين» حمود الحماديين تحذيره من انخفاض تاريخي ومرعب في منسوب المياه لم يشهده السد منذ بنائه عام 1999، مشيراً إلى تراجع منسوب المياه في سد تشرين خمسة أمتار منذ كانون الثاني، وفي حال استمراره بالانخفاض سيصل إلى ما وصفه الحماديين بـ«المنسوب الميت»، ما يعني أن تتوقف العنفات بشكل كامل عن العمل، حسبما ذكرت وكالة «أ ف ب».
وبيّن، أن محطات ضخ مياه عدة، توقفت عن العمل، موضحاً أن انخفاض منسوب المياه يهدد بارتفاع معدل التلوث ويعرض الثروة السمكية للخطر.
وأكد، تراجع منسوب المياه في بحيرة الأسد في «سد الفرات» نحو خمسة أمتار، وبات يقترب من «المنسوب الميت» أيضاً.
وأشارت الوكالة إلى أنه تم بناء سدين أساسيين على نهر الفرات في سورية هما «سد تشرين» في ريف حلب الشمالي، و«سد الفرات» حيث تقع «بحيرة الأسد» الضخمة في ريف الرقة الشرقي. ويقع السدان في مناطق سيطرة ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» الانفصالية المدعومة من الاحتلال الأميركي.
ويغطي السدان 90 بالمئة من حاجات شمال شرق سورية من الكهرباء، بما فيها التيار اللازم لمحطات ضخ المياه، ويهدد تراجع منسوب المياه اليوم فيهما بتوقف آلية العمل فيهما.
من جانبه، أرجع فيم زفينينبيرغ من منظمة «باكس» للسلام الهولندية غير الحكومية تراجع منسوب نهر الفرات في سورية إلى مشاريع زراعية ضخمة أنشأتها حكومة النظام التركي، إضافة إلى التغير المناخي الذي فاقم الوضع سوءاً.
وقال: «الجفاف قادم لا محالة»، مشيراً إلى أن صوراً عبر أقمار اصطناعية تظهر التراجع السريع في النمو الزراعي الصحي في كل من سورية وتركيا.
وحذر تقرير صدر الشهر الحالي عن خبراء المناخ في الأمم المتحدة من أن فترات الجفاف ستصبح أطول وأكثر حدة حول البحر الأبيض المتوسط.
وأوضحت الأمم المتحدة، أن انتاج الشعير قد يتراجع 1.2 مليون طن العام الحالي، ما يصعّب تأمين العلف للحيوانات خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ورجح مدير مجموعة البحوث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط في ليون الفرنسية فابريس بالانش، أن تواجه سورية جفافاً قد يستمر سنوات لم تشهده منذ آخر موجة جفاف فيها بين عامين 2005 و2010.
ويقول «سيضطر المزارعون خلال السنوات المقبلة إلى تقليص المساحات المزروعة» محذراً من أن سورية كلّها ستشهد نقصاً في الغذاء، وسيكون عليها أن تستورد كميات ضخمة من الحبوب.
وبات انكماش «بحيرة الأسد»، أكبر البحيرات الاصطناعية في سورية، الهم الأكبر لدى عمال «سد الفرات» من جهة والمزارعين من جهة ثانية.
وقال شاهين الذي يعمل في السد منذ 22 عاماً: «نحاول تخفيض كمية المياه التي تمر عبر السدود للخروج بأقل الخسائر الممكنة»، موضحاً أنه في حال استمر الحال على ما هو عليه، من المحتمل أن يتم توقيف توليد الكهرباء، حيث يقتصر الأمر على تغذية المخابز والمطاحن والمستشفيات فقط.
ويشكو المزارعون من شح المياه، وزيادة تكاليف ضخ المياه، ويقول المزارع حسين صالح العلي (56 عاماً) من قرية الطويحينة بريف الرقة الغربي والمجاورة للسد: «بعد انخفاض منسوب المياه لم نعد نتحمل مصاريف الخراطيم ومولدات سحب المياه».
وفي قرية الرميلة في محافظة حلب، يقول خالد (50 عاماً) «كأننا نعيش في صحراء، حتى إننا نريد النزوح ونفكر بالهجرة لعدم توافر مياه للشرب أو لري الأشجار».
وكان أكثر من خمسة ملايين شخص يعتمدون على النهر من أجل توفير مياه شرب نظيفة، لكنّ معظم المحطات التي كانت تتولى عملية تكرير المياه وتنقيتها توقفت نهائياً عن العمل أو تعمل بشكل متقطع، وبات على السكان شراء المياه من صهاريج خاصة، تتم تعبئتها من نهر الفرات لكن من دون تنقيتها، في وقت تتراكم مياه الصرف الصحي ويزداد التلوث.
من جهتها، أكدت ما تسمى الخبيرة في الأمن البيئي، مروى داوودي، أن تراجع منسوب نهر الفرات يهدد المجتمعات الريفية على ضفافه والتي تعتمد بشكل أساسي على الزراعة والري.
وحذرت 6 منظمات إغاثة دولية، في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، من أن ملايين الأشخاص في سورية والعراق معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المياه والكهرباء والغذاء، وسط ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه بشكل قياسي، بسبب قلة هطل الأمطار والجفاف، واستيلاء النظام التركي على مياه نهري دجلة والفرات.
ووقعت سورية والنظام التركي اتفاقيــة في عام 1987، نصت على تعهــد الجانب التركي بأن يوفر معدلاً مــن الميــاه يزيد عن 500 متر مكعب في الثانيــة للجانــب السوري، وبعد ذلك بعامين اتفق الجانب السوري مع العراق على تمرير 58 بالمئة من مياه الفرات نحو الأراضي العراقية مقابل 42 بالمئة لسورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن