ثقافة وفن

أتبع إحساسي وشعوري ولا أتجه إلى أمر لن أضيف فيه … حازم زيدان لـ «الوطن»: «عم يوجعك شي؟» قدرٌ على الإنسان مواجهته

| سوسن صيداوي

حزم، ثقة، تمكين أكاديمي وتربوي، تجدد مرتبط بالإضافات لمشوار اختاره صاحبه ليثبت نفسه، رغم المشقات والعقبات وما يُنسب إليه من تبعيّة الأب. حازم زيدان فنان متنوع الإبداع، تارة يذهب إلى التمثيل، ومرة إلى الإخراج السينمائي، وحيناً آخر يركن مستكيناً إلى الكلمة التي يبوح بها بما يدور في فكره ولبّه.

اليوم حوار «الوطـن» يكشف عن العلاقة ما بين الفنان الشاب مع أبيه الممثل القدير أيمن زيدان، وعن تبني الأب لموهبة ابنه وتوجيهه لصقلها بالشكل الأمثل، مع الحديث عن التجربة الثانية لحازم في الإخراج السينمائي للفيلم القصير «عم يوجعك شي؟»، والتوقف عند أمور أخرى تخللها الحديث عن مسرحية «سوبر ماركت» الجاري التحضير لها.

وفي حوار «الوطـن» تجدون المزيد:

• بداية قيل في أسلوبك الإخراجي السينمائي بأنه تأسيسي لنمط مغاير عمّا حقّقه المكرّسون… ما تعقيبك؟

لا أعرف من قال هذا عني، ولكنني أتمنى بأن أوفق وأكون عند حسن الظن، فهذا الكلام شرف لي، وهو صحيح من جهة رغبتي الدائمة بالتغيير والتجديد والتطوير بأي مجال كان فما بالكم بالفن، من دون أن يكون هناك أي انتقاص بالأسس التي تربينا عليها وعشناها، وخصوصاً بأن السعي في المشوار الفني يجب أن يكون وفق منظومة تكاملية، بمعنى ما الفائدة إن لم يُحدث الوجود تطويراً ما، أو أن يكون قادراً على الاختلاف المنطقي. وهذا ما أطمح إليه منذ انطلاقتي الفنية بأن أقدم إضافات بعيدة عن التكرار. وأتمنى أن أكون قد حققت بفيلمي الأول «العين الساحرة» شيئاً جديداً على المستوى البصري في السينما السورية وفي الأفلام القصيرة أو المتوسطة الطول، والتي سوقها محدود ولا تُشاهد من شريحة كبيرة من الجمهور.

• من اسم الفيلم «عم يوجعك شي؟».. يبدو أنه واقعي الأحداث، وفيه الكثير من الألم والمعاناة…. برأيك اليوم وبعد سني الأزمة المُرّة في بلدنا ألا يحتاج الجمهور إلى أعمال تبعث في النفس الأمل والفرح؟

حدودتة فيلم «عم يوجعك شي؟» منطلقة من العنوان، وتدور أحداثها حول موضوع قدريّ على الإنسان مواجهته ومقاومته. ومن عنوانه ومن تجربتي الخاصة التي أثرت بي لسنوات طويلة ولازلت تحت التأثير، أحببت بأن أوجه سؤالاً يلامس شريحة كبيرة من الناس، وخصوصاً الذين عانوا من تجربة مرض السرطان سواء بالإصابة أم بتواجد فرد من العائلة مصاباً به. فانطلقت بالسؤال: «عم يوجعك شي؟»، لأحكي حدودتة صغيرة عن طفل وأمه، ولم أقدم القصة بالطريقة الكلاسيكية.

• ولكن قصة الفيلم التي أنت قمت بتأليفها تمتد لست دقائق فقط… كيف ستتمكن من إيصالها للجمهور في هذا الوقت الضيق؟

حاولت قدر الإمكان اعتماد أسلوب التكثيف بالسينما، بمعنى ليس بالضرورة أن تأخذ الحكاية دائماً شكلها الروائي الكلاسيكي، بل اشتغلت من خلال التأثير البصري الذي سيترك للمشاهد الفهم من دون أن نكون نمطيين بالطرح. وهذا ما تعلمنا في برامج المونتاج بحيث يتم إدخال اللقطات ومجموعة مشاهد ليست بالضرورة أن تكون واضحة أن شوهدت على حدة، ولكنها بكتلتها العامة تقدم تأثيراً معيناً وقادرة على رواية الحكاية بشكل مختلف. وأخيراً الفيلم لم يتم عرضه بعد وأتمنى بوقتها أن يحقق الهدف المنشود وأن تصل فكرته للناس رغم ضيق وقته.

• من جانب آخر أنت ابن بيت فني عريق… وصُقلت موهبتك بعناية… واليوم نجدك تتنوع بها ما بين الكتابة والتمثيل وصولاً للإخراج… ألا تخشى هذا التنوع؟.. بمعنى هل ممكن أن يصيبك بالتشتت أو عدم التركيز؟

على اعتبار بأنني ولدت وتربيت في حضن عائلة فنية، وكبرت ونشأت وأنا أتابع كل الأعمال التي قدمها والدي الأستاذ أيمن زيدان وأعمامي شادي ووائل زيدان، فهذا الأمر شكل عندي هاجساً وحماساً كبيرين بأن أقوم بالدراسة الأكاديمية للفن، ولذلك درست في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وهو المكان الذي درس فيه أبي ولأنّ عطشي وشغفي لم يرتو بدراستي فيه، سافرت إلى مصر لأدرس في المعهد العالي للسينما، وخلال دراستي لهذه الأربع سنوات، تم صقل العديد من الجوانب بطريقة أكاديمية، وتعززت قدراتي بمسك مفاتيح وأدوات ومفردات عالم الفن.

وبالنسبة للشق الثاني من السؤال… أشكال الفرجة المتنوعة ما بين الدراما، المسرح أو السينما، كلّها مضمونها واحد، فالدراما هي شيء نقوله، وفي المسرح نقوم ونؤدي شخوصاً نتبناها بالمطلق، وفي الإخراج هناك رؤية يخلقها المخرج بطريقة معينة كي يوصلها للجمهور. وبالتالي لا أتخيل بأن التشتت سيكون عقبة في طريق الفن الذي أسلكه، وأنا أصلاً لن أسمح بذلك، لأنني دائماً أتبع إحساسي وشعوري، فلا أتجه إلى شيء لا تجد فيه نفسي القدرة على الإضافة.

• أنت رفيق للأب زيدان في الحياة والمهنة.. فالأخيرة أنت تشاركه بأدوار في السينما والمسرح والدراما التلفزيونية… كيف يكون التعامل بينكما في مواقع التصوير وعلى خشبة المسرح؟

علاقتي بوالدي أيمن زيدان علاقة أبوة وصداقة وزمالة فنية، فالنقاشات والحوارات بيننا حول الأعمال الفنية الخاصة بنا وبغيرها دائمة، وأعيش هذه الأوقات وأشعر خلالها بسعادة كبيرة، وخصوصاً بأن والدي مرّحِب بأفكاري وبآرائي ويصغي إليّ جيداً، وفي الحقيقة ما يشعرني بالاطمئنان أكثر، ابتسامته على وجهه في أثنائها، هذا والأمر نفسه عندما أقترب منه ويحدثني عما يفكر فيه من أمور فنية يخطط لها أو سينجزها.

• ولكن اسم أبيك كممثل قدير في الحركة الفنية السورية.. إلى أي مدى هو أمر جميل ومرهق في ذات الوقت؟

طبعا اسم أبي هو مسؤولية كبيرة علي، وامتحان صعب جداً، فهو أمامي دائماً الأستاذ القادر على اكتشاف كلّ الأخطاء، وبنفس الوقت يُثني على الاجتهاد والإبداع، فرؤيته الفنية النافذة، وتحليله وتقديره المنطقي للأمور الفنية بوقت قصير هو نتيجة خبرته الطويلة في مشواره الفني المتنوع والغني جداً، وهذا الأمر ينعكس خيراً علي، لأنه يساعدني في مشواري بتقديم الخبرة والتجربة والاختصار للوقت والجهد وبالمقابل اسم أبي الذي أحمله فيه الكثير من المسؤولية لأنه يتطلب مني بأن تقل أخطائي، وأن تكون خطواتي مدروسة ومحسوبة على جميع الأصعدة، وأخيراً هنا أنا سعيد جداً عندما أكون شريكاً لأيمن زيدان، هذا المؤسس الكبير لحركة فنية سورية كاملة.

• في الختام.. في هذه الفترة يتم التحضير لمسرحية «سوبر ماركت»… من إخراج أيمن زيدان… أين تجد نفسك بشكل حقيقي وأقرب: على خشبة المسرح أم في السينما أم في الدراما التلفزيونية.. وأي من الثلاثة هو المستفز لحالتك الإبداعية؟

مسرحية سوبر ماركت من 1/9 إلى غاية 15/9 على مسرح الحمراء بدمشق، وأنا سأقوم بشخصية «جيوفاني» وهي شخصية رئيسية فيها، كما وأجدها حتى اللحظة من أهم الشخصيات التي قدمتها خلال مشواري الفني المتنوع وبقي أن أذكر هنا بأن المسرح يتميز بشيء مهم جداً، فالعلاقة والتأثير مباشر مع الجمهور، ولذلك ما يحدث على الخشبة يتطلب جهداً كبيراً، فعبء التجربة يقع على كتف الممثل، ومهما أبدع المخرج أو بذل جهداً كاتب النص المسرحي، في النهاية الممثل هو من يوصل هذا المنتج بأفضل طريقة أو العكس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن