ثقافة وفن

علم الجمال والتسامي جماليات معرفية

| سوسن صيداوي

الجمال والتسامي، هل أمر خاضع لتجربة المرء الشخصية؟ وهل هناك اختلاف بين ما نحكم عليه أنه «جميل بحد ذاته»، أو ما نسميه «الجمال في نظر العامة» ونشير إليه بكلمات مثل رائع، عظيم، أعجبني؟ والأسئلة تمتد إلى تذوق الجمال في الأعمال الفنية التي منها ما نجد أنه يؤثر فينا أو نعتبره من الروائع الجمالية الخالدة. مفاهيم وعناصر تجيب عن الأسئلة التي طرحناها وتضيف إليها، ضمن فصول كتاب: «علم الجمال والتسامي جماليات معرفية في الأدب والفنون»، من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب، تأليف باتريك كولم هوغان وترجمة: د. باسل المسالمة.

فصول الكتاب

يتضمن الكتاب سبعة فصول، يبحث الفصل الأول إلى الفصل الرابع الاستجابة الجمالية، على حين ينظر الفصلان الخامس والسادس في التسويغ الجمالي. بمعنى آخر تعالج الفصول الافتتاحية المسائل الوصفية والتفسيرية، على حين تتناول الفصول اللاحقة التقويم والمعايير. أما الفصل الأخير فيقدم لمحة موجزة لما يشكل الفن، وهنا تتصدر الأسئلة «ما الفن؟» مع سؤال « ما الجمال؟»، وتأتي الإجابات التي يطرحها الكتاب إلى حالة تدل على أن العديد من الكتّاب رفضوا تماما وجود أي ارتباط بسيط بين الفن والجمال. على حين يأتي الفصل الأخير ليكشف ما إذا كان عمل ما فناً أو لا، مع الإشارة إلى اختلاف في المعايير التي يمكن للمرء من خلالها تصنيف العمل على أنه فن، طارحاً وجهة نظر مؤثرة وهي «المؤسسية» المؤثرة إزاء الفن والتفسيرات ذات الصلة، إذ غطت الفصول السبعة مجموعة من الموضوعات النظرية والأمثلة الفنية، وعرضتها وفق تحليلات وتفسيرات متعددة حول المكونات للجمال الشخصي أو الاستجابة الجمالية.

الشعور الشخصي بالتسامي

في الكتاب تتمحور قضية حاسمة حول تأثير تجارب الفترة الحرجة في أعمال الفن أكثر من الوجوه. ومن الممكن ومنطقياً أن تؤثر مثل هذه التجارب في بعض المجالات من الاستجابة الجمالية وليس غيرها، وهنا يوضح المؤلف نقطة في غاية الأهمية وهي أن تجارب الفترة الحرجة جوهرية بالنسبة إلى التعلق، وبهذا يخلص إلى نتيجة وهي إذا كان التعلق أمراً مهماً جداً للشعور بالجمال فإنه يبدو من المحتمل أن تكون تجارب الفترة الحرجة مهمة للاستجابات الجمالية للأعمال الفنية، متابعاً المؤلف بأن أشد تجاربه الجمالية تأثيرا هي بالأدب الصوفي مثل قصائد الرومي، فهو يفضل هذا النوع من الشعر المتعلق بألوهية الأنثى، وكيف تتضمن القصائد نماذج يعتبرها أكثر من رائعة في جماليتها.

معاني الجمال الثلاثة

هناك ثلاثة عناصر شائعة وهي في الوقت نفسه مختلفة بشكل متباين من حيث استخدام مصطلح الجمال، هذه العناصر تساعد في تمييزنا بالحصول على معنى من أنواع الأشياء أو التجربة التي تدور في عقول الناس عندما يشيرون إلى الجمال، بعيداً عن التمسك بالحدود الدقيقة للاستخدام الشائع لمصطلح «الجمال»، ومن دون التقييد في هذه الحدود التي بطبيعة الحال تختلف من فرد إلى آخر انطلاقاً من الشعور الشخصي للجمال، سواء أكان بطريقة منهجية أم بطريقة واضحة، إلى جانب الاستخدام الاجتماعي والمعياري الذي نسميه «الجمال في نظر عامة الناس» والذي يشير إلى ما هو مقبول وجميل في مجموعة معينة، وهذا الأمر يختلف باختلاف معرفة القواعد الثقافية للجمال التي هي جزء من الكفاءة الاجتماعية.

الجمال غير المعلن

تحت هذا العنوان يشرح المؤلف كيف يتم النظر في الجمال الذي كان موجوداً إلى حد ما في العمل الفني، وفي العناصر التي يمكن تحديدها سواء أكانت في الرواية أم الفيلم أو أي شيء آخر. يتابع شارحاً حول ظهور الأنماط وتقريب النماذج الأولية وأفكار التعلق على الأقل بأنها جزء من العمل نفسه، سواء على مستوى القصة نفسها أم الحبكة أو السرد أو التعبير اللفظي، موضحاً بأن فكرة الوجود في النص وهمية إلى حد ما. وأخيراً هنا يشير إلى الطريقة التي يجب اتباعها لتذوق جمالية أي عمل فني قائلاً: بأنه يجب علينا أن نقوم بمحاكاة في هذا الصدد وأن نستجيب دائماً إلى تخيلنا للعمل وليس للعمل نفسه، حيث نستجيب إلى ما سماه علماء الظواهر بـ«الشيء المقصود» وليس الشيء في حد ذاته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن