من دفتر الوطن

كهرباء من الفضاء

| حسن م. يوسف

أحسب أن كلمة «كهرباء» هي أكثر المفردات تكراراً على ألسنة أبناء بلدي السوريين، فنحن لا نتذكر التيار الكهربائي عند انقطاعه وعودته وحسب، بل نتذكره عندما نفكر بالمؤونة وبالطبخ وبالهاتف المحمول ومضخة الماء وكل ماله علاقة بتعبنا وراحتنا طوال نهاراتنا وليالينا! لهذا السبب بالذات يلح عليَّ، لدرجة الإزعاج، التقرير الذي نشره الصحفي ريان موريسون في جريدة (الديلي ميل) اللندنية، في الثامن عشر من آب الماضي بعنوان طويل هذا نصه: « الصين تكشف خططها لإطلاق أسطول من الألواح الشمسية بطول ميل من أجل توليد الطاقة الكهربائية وإعادة إرسالها إلى الأرض عام 2035 وتقول إن إنتاج هذا النظام من الكهرباء قد يعادل في عام 2050 إنتاج محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية».
يفيد ريان موريسون كاتب التقرير أن الصين تطمح من خلال هذا المشروع لتحقيق هدفها لتوفير طاقة نظيفة تحافظ على البيئة بحلول عام 2060.
يقول موريسون في تقريره إن كاتب الخيال العلمي الأميركي، الروسي الأصل، إسحاق عظيموف (1920-1992) هو أول من فكر بإنشاء محطة لتوليد الكهرباء في الفضاء ترسل إنتاجها من الطاقة إلى الأرض في العام 1941. صحيح أن مؤلفات عظيموف تركت أثراً عميقاً على أدب وسينما الخيال العلمي، كما أثرت على صناعة الروبوتات من خلال صياغتها للقوانين الثلاثة للإنسان الآلي، إلا أن فكرة النقل اللاسلكي للكهرباء ليست من إبداع عظيموف كما يوحي كاتب التقرير، بل هي من إبداع العالم الأميركي المجري نيكولا تسلا (1856 – 1943) الذي أثبتت تجاربه العلمية إمكانية نقل الطاقة لاسلكياً، كما تنبأ بأن تصبح شبكات تمديد الكهرباء لا لزوم لها، وبأن الحصول على التيار الكهربائي سيكون في المستقبل مباشراً ومستمراً، مثل الحصول على البث التلفزيوني.
يفيد ريان موريسون في تقريره أن جدوى المشروع الصيني يرتكز على حقيقة عدم وجود غيوم يمكن أن تعوق وصول أشعة الشمس إلى الألواح الضوئية، فوق كوكب الأرض، وعدم وجود ليل بل نهار دائم! ما يجعل المحطة الشمسية الفضائية «… مصدراً ثابتاً ومضموناً للطاقة الكهربائية بانبعاثات كربونية صفرية، أي إنها لا تسبب أي تلوث من أي نوع، لا لسكان الكرة الأرضية، ولا لأي مكان آخر في الكون».
وتفيد الأنباء أن الحكومة الصينية وضعت حجر الأساس لمحطة الطاقة الشمسية الفضائية الجديدة في مدينة «تشونغ تشينغ» التي تعد أكبر مركز صناعي وتجاري في منطقة جنوب الصين الغربي، وتعتبر همزة وصل للعديد من الطرق البرية والنهرية. وقد أطلقت الحكومة على المحطة اسم (Bishan).
يؤكد العلماء القائمون على المشروع بأن وجود مصفوفات من الألواح الشمسية تدور في مدار ثابت فوق الأرض على ارتفاع 22400 ميل، من شأنه أن يسمح لمحطة الطاقة بتجنب ظل الأرض وجمع ضوء الشمس طوال الوقت».
وسيقوم فريق من العاملين في محطة (Bishan) على مدى العقد المقبل، باختبار وإطلاق الألواح الشمسية لتصطف في مدار ثابت حول الأرض. وستبدأ الاختبارات لهذه المحطة مع نهاية العام الحالي، على أمل أن تتحول إلى محطة كبيرة للطاقة الشمسية بحلول العام 2030.
والحقيقة أن هذا المشروع الذي يشبه الخيال يفتح شباك الحلم على مصراعيه بالنسبة لنا نحن السوريين، لأن أحفاد أحفادنا قد لا يعرفون معنى كلمة «تقنين»!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن