ثقافة وفن

جذوة الثقافة والإعلام

| منال محمد يوسف

وعنهما نتحدث اليوم ونكتب عن مفهوم الثقافة والإعلام لا بدّ أن نستقرئ التقارب المعرفيّ والجماليّ بينهما..
ولا بدّ أن نلاحظ ألق كلّ منهما وانعكاسه على الآخر، ولا بدّ أن نسأل من الذي يُضيف على الآخر؟ ومن الذي يُصيغ تلك الدساتير المعرفيّة الخاصة؟
هذه الأقانيم التي توجب ضرورة أن تلتقي وتنصهر في بوتقة التفكير العقلاني بين الأدب والإعلام، وبين كلّ المنظومات والأنظمة التي تخصُّ كلاً منهما.
تخصُّ خط التلازم المنطقيّ بينهما وبالتالي تؤكد على جمالية خبرهما إذ أتى وقُدّم كِليهما على الآخر، وهنا يكون الاتحاد الأجمل بينهما وبالتالي تُصاغ منهجية تُسمّى الإعلام الثقافي ومنطق العقلانية التي ترفد كلاً منهما من نهر الآخر.
«فالثقافة» هي المرتكز الأهم في حياة المجتمعات، هي قوارب النجاة إن صح التعبير، وكم من الثقافات قالت كلمتها العُليا «كلمتها الأمثل التي تُمثّل الصوت الأبقى».
والإعلام يُمثّل هذا الصوت ونطوقه الأجمل وفصاحته المرجوة، وبالتالي فإنه يرسم أوجه الالتقاء الثقافي الإعلامي.
ذاك الالتقاء الذي يبحث فيما يبحث عن «الجذوة» جذوة الشيء الأقدر على إحداث تغيرٍ ما، وعلى وضع بصمة ما، بصمة لا تركن إلى حالة معينة وإنما تحمل مجموعة من الأبعاد الثقافيّة والإعلاميّة معاً.
وهذا بالطبع يجعلنا نبحث عن خيوط الارتباط بين الثقافة والإعلام.
فهل هي موجودة بالفعل؟ وكيف يكون الأمر إن لم تكن موجودة، ولم يكن ذاك التفاعل والتجانس الثقافي الإعلامي؟
ذاك التجانس والاندماج الذي نحتاجه حقاً، نحتاج بعض قواربه من أجل أن نبحر بها ربّما، وبالتالي نجد بعض السُبل الفُضلى التي تنقلنا إليه، تنقلنا إلى ذاك الشط الثقافي الإعلامي، «تنقلنا» وتجعلنا نستقرئ الشيء المندمج بصيغ ثقافيّة وإعلاميّة، وهذه الصيغ قد يتبلور لها الكثير من الأسس والمعايير الموضوعية بالفعل الثقافي والإعلامي، هذا الفعل الجاد الأقدر على ترجمة ما نبتغي إيصاله بالفعل والوصول إليه.
وهنا قضية أخرى يجب النظر إليها، وإلى بعض قواعدها، قواعد الشيء الإعلامي الثقافي المُنظّم، المُنظّم بحسب مُقتضيات قضاياه أولاً، أي بحسب قوة الفكرة وتصويبها بالشكل الصحيح، الشكل الذي يرتقي بالعلاقة القائمة بين الأدب والإعلام.. ويصيغ تلك الدساتير الخاصة بهذا المفهوم أو ذاك.
فمن يستقرئ قوة الترابط الفكري بينهما يرى أن كلاً منهما يُمثّل وجهاً يعكس جمال الآخر، فعند كلّ منهما يتسع منطق القول ويستمد من بلاغة الآخر، من جمال صوره وقوة الفعل المندمج والمرتبط بهما.
ذلك الاندماج العقلاني الذي يحمل المحتوى والفحوى في ذات اللحظة، وقبل هذا وذاك يحمل في طياته قوة البناء التجريدي، أي التجريدي الأهداف، أي وضوح الرؤى الثقافيّة الإعلاميّة، ونضج تجربتها الآتية من تجارب ملموسة مترابطة فيما بينها، وهذه التجارب قد تُوقد جذوة الفكرة وعظمة العمل الخلّاق الذي يُصقل الأمرين معاً، ويجعل كلاً منهما في دائرة الاندماج الفعلي والتوصيفي، ولكل من يقترب من بريدهما الوارد الإتيان إليه.
وصياغة تشكيلات تُناسب الأهداف المرجوة من قوة الترابط الفعلي بينهما، وتوضع فيه أحقيّة التوارد الثقافي الإعلامي، وهنا يكمن الجوهر الذي لا يمكن الانزياح عنه وبالتالي لا يمكن إلا التأسيس والبناء عليه.
البناء على قواعد تخصُ فلسفات الإعلام الثقافي، وتُصقل جوهر هذا وذاك وتجعل من أمرهما متلازمتين تُمثّل كلّ منهما وحدة من التجانس المميز الذي يرسم ملامح الالتقاء الثقافي الإعلامي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن