ثقافة وفن

التراكميّة الثقافيّة

| منال محمد يوسف

إنَّ الثقافة بمعناها العظيم والشموليّ قد تعني توارد الشيء المعرفيّ الوارد إلينا عبر أزمنة متلاحقة، وهذا يجعلنا نستقرئ «فنون وتراكمية الأدب المعرفيّ».
هذه التراكمية تُبنى على ما سبقها من علومٍ وآدابٍ، وتحمل الكثير من القيم المعرفيّة التي ينبغي أن يُضاف ويؤسس عليها، ويُبتغى أن يؤخذ من الشيء أفضله، فعندما نقول «التراكميّة الثقافيّة» نُشير إلى عظمة المعارف التي تحقّقت إلى الآن.
ونرى شعاع نورها الذي لا يمكن أن يخفت في حالٍ من الأحوال ونتمنى أن يبقى هذا «الشعاع الثقافيّ» وأفعاله الناطقة أدباً وفكراً بلاغيّ الملامح ما يُعزّز ثقافة التجذّر والانتماء الثقافي ويُبرز جمالية روافده ويجعلها إضافة ضرورية تُشكّل مظاهر الإرث الثقافيّ المهم، وتعمل على تكوين مُقتضيات أمره البلاغيّ والثقافيّ.
وهنا نقصد بالطبع مُقتضيات التصوير الجماليّ في أسمى حالاته، وإذ نتحدث في هذا المضمار يُصادفنا السؤال التالي: كيف تُعكس فنون التراكميّة في الأدب ويُضافُ إليها؟
كيف يكون حالها أقرب إلى الشيء المُسمّى «الفنّ التراكمي» فن الأدب الذي لا يُختصر وإنما يمتد طولاً وعرضاً عبر الأزمنة؟
ويُمثّل «حقيقة التاريخ الأدبي» ويُحادث وليجة نوره المعرفيّ ومعارج نبله وإن عُرّجَ عليها، وقيل: (هذه تراكمية الأدب وما أفصح ذاكرة نطقها. وما أجمل القناديل التي تُضاءُ لأجلها) وتُجدّد الإشارة إلى مدلولها الفعليّ والوجدانيّ على حدٍّ سواء.
فإذا عرّفنا الثقافة بأنها عوالم مفتوحة من المعرفة الخالصة، أصبحنا نرى حقيقة نورها المتعاقب «نورها الأكاديميّ والعقلانيّ كما يُصطلح على تسميته».
وتسميّة مصطلحات العلوم المعرفيّة ونبعها العظيم، وبلورة الشيء الذي يُسمّى نباهة التراكميّة العظمى ويقينها المعرفيّ الخاص والعام.
وهنا نقصد يقين معرفتها المُثلى التي تحمل الكثير من الآراء الأدبية التي يمكن الإضافة إليها والاستفاضة بألقها الدائم.
ومن هنا تُقرأ لنا «دساتير الفنَّ التراكمي» في ظاهر الأمر وباطنه.
ونتبين من حقيقة كيفية الاستفادة من الأدلة التي تُثبت مشروعيتها، وهنا نقصد «مشروعية الفنون التراكميّة» ومصداقية الشيء الإبداعيّ الذي يدلُّ عليها وتدلُّ عليه.
وبهذا الشكل نلاحظ تزاحم وتعدد أنماط المعرفة العُظمى، هذه المعرفة التي لا تقبل إلا التزّين والتزوّد بألق المعارف المتراكمة، فهي تُمثّل انعكاس الضّوء الثقافيّ وظهور فحواه ومحتواه.
وتُبرز ملامح «الرُّوح الثقافية» عبر الأزمنة المتلاحقة، وبالتالي تعكس صورة التراكميّة الثقافيّة المُثلى.
وتصيغُ لنا ما يُسمّى «دساتير الشيء التراكميّ الموحّد معرفياً وثقافياً»، كلّ هذا يحادث فنون التراكميّة بصورها المختلفة.
ويؤكد لنا بأن الأبحاث الثقافيّة لا يمكن أن تتوقف عند ظهور بحثٍ معرفيّ غير مسبوق وبالتالي لا يمكن إلا التأسيس على ما مضى وأُنجزَ فعلاً.
وبالتالي يُظهر لنا حقيقة المنجز الثقافيّ والشيء المهم الذي يُسمّى تراكميّة الشيء المنفعل بمؤثراته الإيجابية وتشكّل روافد إبداعيّة تُغني العمل والمفهوم التراكميّ الإبداعيّ. وتعمل على «عصرنة الشيء الأدبي» وذاكرته المتقدة المتوهّجة.
وهنا نقصد ذاكرة الشيء المعترف به وبقدمه المعرفيّ، المعترف به من حيث وثائقه الأدبية الموثقّة إبداعياً وهذا ما يغنيّ حركة التراكميّة الثقافيّة، ويحثّها على تطوير ذواتها وأدواتها المعرفيّة.
ويعمل على تشكيل شيء يُسمّى الجوهر «الجوهر التراكميّ الثقافيّ» الذي نستطيع أن نبني على مقتضى أمره الجماليّ، ونستقرئ بعض قواعده قواعد الاستقامة المعرفيّة الفُضلى ونهجها الأمثل.
نستقرئ «علوم التراكميّة الثقافيّة» وندخل مدارات مداها اللامتناهي التي تتراكم وتُشكّل مناهج ثقافيّة لا يُمكن الاستغناء عنها.
وتؤرخ لشيء يجدر بنا الإتيان إليه ومحاولة الإضافة إليه، وقولبة الرُّوح الإبداعية وفق ما يخدم أسس التراكميّة الثقافيّة ما يجعلها في مقدمة الأشياء الإبداعية التي تُجمّل المفهوم العام لفنون المدّ التراكمي.
وبالتالي تُجمّل مفهوم «الصلة الإبداعيّة التراكميّة» وتعمل على تجديد هويّتها الفكريّة والثقافيّة والإنسانية وترفد فنون التراكميّة الثقافية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن