من دفتر الوطن

كل شيء على ما يرام

| عصام داري

يقول نزار قباني: تعب الكلام من الكلام.. فخذي حبوب النوم سيدتي و.. نامي».
أما أنا، ومن خلال تجربة عمرها سنوات طويلة، فأقول: تعب الكلام مني ومن كل من أمسك بيده القلم وقرر أن يكتب عن الفساد والفاسدين والمفسدين، لأننا اصطدمنا بحقيقة مرة عبرت عنها فيروز بأغنية (ما في حدا لا تندهي.. ما في حدا)!
أمام هذه الحقيقة المرة سأتوقف نهائياً عن التطرق لقضايا الفساد في بلدي، وسأخصص كتاباتي عن الفساد والفاسدين في دول العالم، إن كان في الشرق أو في الغرب، أما بالنسبة لنا في سورية فسأكتفي بعبارة واحدة تعبر عن واقع الحال وهي: «كل شيء على ما يرام» وهي العبارة التي اخترتها لتكون عنواناً لزاويتي هذه!.
لو سألني أحد عن الخبز والبسكويت والكاتو والكرواسان وبقية المعجنات فسأقول: كل شيء على ما يرام، وأضيف «والحمد لله على هذه النعم»!
وسأجيب عن كل من يستفسر عن الكهرباء بالجملة الذهبية نفسها «كل شيء على ما يرام»، ومن يزعم غير ذلك فهو متحامل أو متجاهل، أو جاهل.
وهكذا ستكون هذه الجملة رفيقتي اليومية كلما لاحظت أن الفساد رفع رأسه عالياً ومد لنا لسانه متباهياً بنفسه لأن أحداً لم يستطع ولن يستطيع أن يوقفه عند حده، وأنه يسرح ويمرح أمام أنظار كل شعوب الأرض!.
لكن أكثر ما أخشاه أن يأتي يوم ويتم توقيفي من بوليس الآداب بتهمة خدش الحياء العام واستخدام عبارة غامضة بغرض السخرية من الجهات العامة والخاصة التي تتخذ من مكافحة الفساد مهمة رسمية لها.
المهم وكي أثبت حسن النية أسجل هنا وفي هذا الحيّز أنني لم ألمس على الإطلاق أي نوع من الفساد في سورية وفي البلدان المجاورة، بحيث لا يتسلل الفساد إلى مجتمعنا النظيف والراقي وإلى مدينتنا الفاضلة التي سبقت مدينة أفلاطون نفسه و(فشر) أفلاطون في أن يصل إلى مستوانا ولو سار بسرعة الضوء والصوت!.
لكنني ضبطت حالات فساد بالجرم المشهود في «سورينام» و«نامسوري» و«سورنامي» تمثلت في سرقة مساعدات جاءت للشعب وتم بيعها في الأسواق، وكذلك في فرض ضرائب باهظة على المواد الاستهلاكية اللازمة لحياة شعوب تلك البلاد النائية بما فيها الخبز ومشتقاته والمحروقات بأنواعها، وحتى على استخدام الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) بحيث تصل سرعة النت إلى نحو كيلو متر واحد في السنة بسرعة سلحفاة متوسطة العمر!
وحتى اليوم يبحثون عن أساليب ناجعة إما لوضع حد للفساد، أو عبر إصدار قوانين وتشريعات تبرر هذا الفساد، لأنه من الفلكلور الوطني الذي يجب أن نحافظ عليه، قصدي أن يحافظوا عليه، ويرقّونه ويضعون عليه الأحجبة (جمع حجاب) كي لا تصيبه العين، وعين الحسود فيها عود!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن