ثقافة وفن

أطفالنا.. والتفاهم مع الآخرين

| د. رحيم هادي الشمخي

إذا أردنا أن يعيش الأطفال سعداء في عالم اليوم، فإن عليهم أن يتعلموا كيف يتفاهمون مع الآخرين، مع الأسرة، والأصدقاء، وزملاء الدراسة المدرسين، والأطفال هم على وفاق مع غيرهم، هم على العموم أطفال سعداء، لهم أصدقاء يعملون ويلعبون معهم، يقاسمونهم مرحهم، ويعطفون عليهم في حالة الفشل.
ويبدو أن الأطفال الذين هم على وفاق مع الآخرين أكثر نجاحاً في عملهم، من أولئك الذين يلاقون صعوبة من هذه الناحية، وقد لا يكون الأطفال المتفاهمون قادرين على أن يقوموا بكل شيء على أحسن وجه، فقد لا يكونون تلاميذ متفوقين، ولكن أمامهم فرص كثيرة تتيح لهم النجاح، لأنه من السهل عليهم أن يكيفوا أنفسهم مع الظروف المحيطة بهم، ويشعر أغلبية الأطفال بأهمية العلاقات الحسنة والناجحة مع الآخرين، وقد ظهر من بحث شامل خاص بمشكلات تلاميذ المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، أن معظم الأولاد والبنات في حاجة إلى المساعدة في هذه الناحية، ففي هذا البحث الذي شمل 15000 تلميذ وتلميذة، ثبت أن 54% كانوا يتمنون أن يحبهم الناس أكثر مما يحبونهم، وتمنى 50% من التلاميذ أن يكون لهم أصدقاء جدد، وتمنى 42% منهم أن يكونوا أكثر شعبية.
وغالباً ما تبدو سنة الطفل الأول في المدرسة خداعة المظهر خالية من المتاعب، مادام هو على وفاق مع معلمته ومعلمه وزملائه، ويحتاج الأطفال إلى مساعدة آبائهم لتفسير كثير من هذه المواقف تفسيراً صحيحاً، والمفروض أن يكون للأبناء ثقة بآبائهم، وأن يتكلم الطفل مع أبيه بحرية عن مشكلاته، فإذا وجد الطفل أنه ليس على وفاق مع معلمته أو زملائه في الفصل، فإن الأب يجب أن يساعده على فهم الموقف في المدرسة، وإذا شعر الأب أو الأم أن ابنهما يستشعر في بعض مدرسيه شعوراً بالعداء أو الظلم فيجب أن يقولا له: (إن المدرسة جزء من الحياة، ففيها، كما في غيرها، في كل أنحاء العالم، أناس مختلفون يعتقدون في أشياء مختلفة، ويحب بعضهم ما لا يحبه الآخر، وتبدو الأشياء المهمة عند بعضهم، تافهة عند البعض الآخر، وعندما تنتهي من المدرسة فإنك ستعمل أيضاً مع أشخاص من هذا القبيل، إنه جزء من نموك أن تفهم هذا، وأن تتعلم كيف تعمل مع أنواع مختلفة من الناس، وإذا شكا أحد الأطفال لوالديه مشكلة يبدو فيها الطفل محقاً، والمعلم أو المعلمة مخطئين، فعلى الوالدين أن يستمعا إلى القصة كلها، لا إلى الجزء الذي يتصل بالطفل فقط، ومن المعروف أن الطفل الذي يشعر بأن من في المنزل يحبونه ويقبلونه كما هو لن يجد صعوبة تُذكر في التفاهم مع زملائه في المدرسة، لأنه لا يشعر بالحاجة إلى كفاح مستمر حتى يقبله زملاؤه، كما أنه يمكنه أن يتقبل الآخرين بسهولة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن