سورية

قمة سورية – روسية في موسكو طغى عليها الود وحفاوة الاستقبال استهلت … باجتماع ثنائي مطول وانضم إليه وزيرا الخارجية المقداد والدفاع شويغو … الرئيس الأسد: مصمّمون على السير بالتوازي في تحرير الأراضي وفي الحوار السياسي … الرئيس بوتين: الناس يثقون بكم ويربطون اسمكم بإعادة الحياة الطبيعية إلى سورية

| الوطن - وكالات

وسط أجواء طغى عليها الود وحفاوة الاستقبال، عقدت في موسكو قمة سورية روسية بين الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين، تركزت المباحثات خلالها على التعاون المشترك بين البلدين في عملية مكافحة الإرهاب واستكمال تحرير الأراضي السورية التي ما زالت تخضع لسيطرة الإرهابيين، إضافة إلى ملفات التعاون الثنائي القائم بين البلدين والإجراءات المتخذة لتوسيعه وتطويره تحقيقاً للمصالح المشتركة.

القمة التي استهلت باجتماع ثنائي مطول بين الرئيسين انضم إليه لاحقاً وزير الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، ووزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، وبحثت التعاون المشترك بين جيشي البلدين في عملية مكافحة الإرهاب واستكمال تحرير الأراضي التي ما زالت تخضع لسيطرة التنظيمات الإرهابية، وفق ما ذكرت وكالة «سانا».

كما تم التباحث بشأن الخطوات المتخذة على المسار السياسي، حيث أكد الجانبان أهمية استكمال العمل في هذا المسار من أجل التوصل إلى توافقات بين السوريين ومن دون أي تدخل خارجي، وتطرقت المباحثات أيضاً إلى مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وناقش الرئيسان الأسد وبوتين آخر مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية.

وبدت حفاوة الاستقبال التي حظي بها الرئيس الأسد من نظيره الروسي واضحة في شريط فيديو نشرته رئاسة الجمهورية العربية السورية في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وكذلك نشرته وسائل إعلام روسية.

وفي مستهل القمة الثنائية، قال الرئيس الأسد: «أنا سعيد أن نلتقي اليوم في موسكو وقد مضى على العملية المشتركة لمكافحة الإرهاب الآن نحو ست سنوات حقق خلالها الجيشان العربي السوري والروسي إنجازات كبيرة ليس فقط من خلال تحرير الأراضي أو من خلال إعادة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم، وإنما أيضاً من خلال حماية مواطنين أبرياء كثر في هذا العالم لأن الإرهاب لا يعرف حدوداً سياسية ولا يقف عند الحدود السياسية».

وأضاف: «طبعاً إضافة إلى النتائج المهمة في تحرير الأراضي وتراجع الإرهابيين كان إطلاق العملية السياسية سواء في سوتشي أو في أستانا أو في جنيف مؤخراً، وقد مضى على هذه العملية الآن نحو سنتين تقريباً ولكن كما تعلمون هناك عوائق لأن هناك دولاً تدعم الإرهابيين وليس لها مصلحة في أن تستمر هذه العملية بالاتجاه الذي يحقق الاستقرار في سورية، وقامت بعض الدول بفرض حصار على الشعب السوري، حصار نصفه بأنه غير إنساني، غير أخلاقي وغير قانوني، مع ذلك نحن مصممون في سورية كحكومة وكمؤسسات دولة على السير بالتوازي في عملية تحرير الأراضي وفي عملية الحوار السياسي».

وتابع: «الزيارة اليوم هي فرصة مهمة للنقاش في هاتين النقطتين إضافة إلى العلاقات الثنائية التي سيتابعها فريقنا من المختصين في الحكومتين بالتوازي مع اجتماعنا هذا».

وقال الرئيس الأسد: «أريد أن أستغل هذا اللقاء لكي أوجه الشكر للدولة الروسية وللشعب الروسي على المساعدات الإنسانية التي قدمت للشعب السوري، سواء فيما يتعلق بجائحة «كورونا» مؤخراً أم فيما يتعلق بتأمين كل المستلزمات الأساسية التي يتطلبها المواطن السوري في حياته اليومية، وأريد أن أتوجه بالشكر لكم وللمؤسسة السياسية الروسية وخاصة وزارة الخارجية للجهود التي قاموا بها في المحافل الدولية للدفاع عن القانون الدولي الذي ينص في بدايته على سيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مستقبلها ومصيرها، والتي تمكنت بفاعلية وبقوة من منع استثمار عملية مكافحة الإرهاب في العالم لأهداف سياسية تخدم أجندات بعض الدول».

بدوره قال الرئيس بوتين: فخامة الرئيس المحترم يسعدني أن أرحب بكم في موسكو مجدداً، وأود أن أهنئكم بمناسبة عيد ميلادكم، كما أهنئكم بفوزكم المستحق بنتيجة ممتازة في الانتخابات الرئاسية، هذه النتائج تثبت أن الناس يثقون بكم، وبالرغم من الصعوبات والمآسي التي مرت بها سورية في الفترة السابقة، فإن الناس يربطون اسمكم بإعادة الحياة الطبيعية إلى سورية والتي تعملون كثيراً من أجل تحقيقها، بما في ذلك ترتيب سير الحوار بينكم وبين الخصوم السياسيين ونتمنى أن تستمر هذه العملية، فإن تحقيق هذا النوع من التضافر بين جميع القوى السياسية في سورية سوف يمكننا من التحرك قدماً من أجل تحقيق مستقبل أفضل للسوريين».

وأضاف: إنه «بفضل جهودنا المشتركة تم تحرير الجزء الأكبر من الأراضي السورية، رغم كل الصعوبات والمآسي وبفضل هذه الجهود تسيطر الحكومة السورية على أكثر من 90 بالمئة من الأراضي».

وأكد الرئيس بوتين، أن المشكلة تتمثل في أن قوات مسلحة أجنبية توجد على الأراضي السورية دون موافقة الأمم المتحدة ودون إذن منكم وهذا يتناقض بوضوح مع القانون الدولي ولا يسمح لكم ببذل أقصى الجهود للسير على طريق إعادة إعمار البلاد بالوتائر التي كانت ممكنة في حال سيطرة الحكومة الشرعية على جميع الأراضي.

وقال: للأسف لا تزال هناك بؤر للإرهابيين الذين لا يقتصرون على السيطرة على منطقة ما بل يواصلون أيضاً إرهاب السكان المدنيين.

وأوضح الرئيس بوتين، أنه رغم ذلك يعود اللاجئون إلى المناطق المحررة بصورة نشطة، ورأيت عندما كنت في ضيافتكم بدعوة منكم، كيف يقوم الناس بفعالية بإعادة إعمار منازلهم ويعملون بنشاط كي يعودوا إلى الحياة الطبيعية بالمعنى الكامل لهذه الكلمة، وإن جهودنا المشتركة تعود بنتيجة أيضاً.

وأضاف: لإنني لا أتكلم الآن عن مجرد المساعدة الإنسانية من روسيا إلى الشعب السوري بل أتكلم أيضاً عن تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية حيث ازداد حجم التبادل التجاري خلال النصف الأول من السنة ثلاث مرات ونصف المرة، ونحن نعمل معاً على حل القضية الرئيسية التي تواجهها البشرية بأسرها حالياً وأقصد بذلك مكافحة جائحة كورونا حيث وصلت إلى سورية الإرساليات الأولى من لقاحي «سبوتنيك في» و«سبوتنيك لايت»، وآمل في أن تتم بالجهود المشتركة مساعدة الشعب السوري للنهوض عبر المساعدة في إحياء الاقتصاد والوضع الاجتماعي ومجال الصحة بالدرجة الأولى.

وحسب مصادر مطلعة في العاصمة الروسية موسكو، يعكس انضمام وزير الدفاع الروسي إلى المحادثات تمسك القيادة الروسية إلى جانب دمشق في مسألة استكمال تحرير الأراضي، حيث تعتبر القيادة الروسية أن استكمال تحرير الأراضي قضية لا يمكن التراجع عنها.

وتشير المصادر إلى أن انضمام وزير الدفاع الروسي إلى الاجتماع المُغلق يعني أن الأولوية لموسكو هي للتحرير ولاسيما أن الرئيس الأسد في المقابل هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة.

وتأتي القمة بين الرئيسين الأسد وبوتين، بعد أيام قليلة على بدء تنفيذ التسوية التي طرحتها الدولة السورية في حي «درعا البلد» ثم بلدة اليادودة بريف درعا الشمالي الغربي، حيث انتشر الجيش العربي السوري في الحي والبلد وأعاد الأمن والاستقرار إليهما، وتم رفع علم الجمهورية العربية السورية فيهما في حين عاد كل النازحين إلى منازلهم في «درعا البلد»، على حين تواصل دوائر الخدمات في المحافظة إزالة السواتر الترابية وفتح الطرقات وإعادة الخدمات للحي.

كما تأتي القمة بالتزامن مع تكثيف وتوسيع سلاح الجو الروسي مؤخراً دائرة استهدافه التي رسمها للنيل من التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة الموالية للنظام التركي في منطقة «خفض التصعيد» بإدلب والأرياف المجاورة لها، في رسائل استياء واضحة تستهجن وتستنكر تصرفات النظام التركي الذي باتت تستهويه سياسة تجاهل التفاهمات مع الجانب الروسي فيما يتعلق بإدلب التي يسيطر على جزء كبير منها تنظيم «جبهة النصرة» المدرج على اللوائح الدولية للإرهاب.

وبحسب المصادر السابقة فإن التعاون الاقتصادي بين البلدين كان حاضراً على جدول أعمال القمة السورية الروسية، حيث بحث الرئيسان هذا التعاون بما يساهم في تعافي الاقتصاد السوري ويساعد الشعب السوري على تجاوز آثار الحصار المفروض عليه ويسرّع من عملية عودة اللاجئين السوريين.

وناقش الجانبان التفاهمات التي توصلت لها اللجنة المشتركة السورية الروسية لاسيما في مجال توريد القمح الروسي إلى سورية وإعادة تأهيل عدد من المحطات الكهربائية والعمل على إقامة مشاريع مائية، والتعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات.

القمة الروسية السورية تطرقت لمسار أستانا ولجنة مناقشة الدستور ولكن كان التركيز على الشق الاقتصادي وتحرير باقي الأراضي السورية، إذ لم تعد مسألة لجنة مناقشة الدستور تحمل أي أهمية بالنسبة للقيادة الروسية خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية السورية وما حملته من دلالات سياسية والتي عبّر عنها الرئيس بوتين للرئيس الأسد عندما هنأه بفوزه «المُستَحَق» في الانتخابات الرئاسية.

وسبق أن قام الرئيس الأسد بزيارة عمل إلى العاصمة الروسية في 21 تشرين الأول 2015 وأجرى خلالها محادثات مع الرئيس بوتين، حيث ناقش الرئيسان خلال اجتماعهما الحملة العسكرية المشتركة على تنظيم داعش الإرهابي في سورية، وفق ما قاله المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف حينها.

وفي السابع من كانون الثاني 2020 قام الرئيس الروسي بزيارة إلى دمشق وأجرى محادثات مع الرئيس الأسد، ونقلت حينها وكالات أنباء روسية عن بيسكوف قوله: «خلال محادثاته مع الرئيس الأسد، لفت الرئيس بوتين إلى أنه اليوم، يمكن القول بثقة إنه تم اجتياز طريق هائل نحو إعادة ترسيخ الدولة السورية ووحدة أراضيها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن