ثقافة وفن

دار الأوبرا تحتضن أمسية أوبرالية بنكهة عالمية! … أدريان لـ«الوطن»: الفن في سورية حاجة وليس للتسلية كما في أوروبا

| سارة سلامة

تخترق الموسيقا الجدار، هذا ما فعلته حقاً في سورية، كسرت الحصار وجمعت ألواناً موسيقية أوبرالية أوروبية قلما ما سمعنا عنها منذ اندلاع فتيل الحرب.. على مسرح دار الأوبرا السورية اجتمعت عواصم عالمية لطالما أغلقت أبوابها.. بالموسيقا وحدها تحيا الشعوب، تفك غضبها وتمنح صوتها إلى الأفق لاغية كل القيود.

حيث حفلت دار الأسد للثقافة والفنون وبمشاركة خمسة من مغني الأوبرا من فرنسا وبلجيكا وسويسرا، أحيتها الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، أمسية أوبرالية احتفالية قدم من خلالها المغنون برنامجاً فنياً كأداء منفرد مع السيمفوني وثنائيات.

وهم ستيفان سينيشال وبيليز كارار من فرنسا ولور كاترين بييرز من بلجيكا وسمية حلاق السويسرية من أصل سوري وواثق سلمان «أدريان»، من سورية مقيم في فرنسا.

عن الأمسية

والبداية كانت مع عزف السيمفوني لافتتاحية أوبرا لاترافياتا غنى بعدها سينيشال وهو أحد أشهر سفراء التينور الفرنسيين أغنية «بعيداً عنها روحي العاشقة» من أوبرا لاترافياتا كما غنى الجزء الأول «لاريا كافارادوسسي» من أوبرا توسكا.

وأدى واثق سلمان بصوته مقطوعة «لك الوداع الأخير أريا فييسكو» من أوبرا سيمون بوكانيغرا.

وغنت لور كاترين بييرز «السلام السلام يا إلهي أريا ليونورا» من أوبرا قوة القدر، وهي مغنية السوبرانو دراماتيك، وحاصلة على جائزة جيرار سوزاي للأغنية الفرنسية في المسابقة الدولية للأغنية الفنية بنيويورك.

سمية حلاق السوبرانو دراماتيك والتي أسست مشروع أمل وحب وحياة لأجل السلام لأطفال سورية أدت أغنية «عشت للفن أريا توسكا» من أوبرا توسكا و«انظري يانورما» جاءت كثنائية مع المغنية كاترين بييرز.

خبرات صوتية هائلة

وعلى هامش الأمسية التقت «الوطن» مع الفنان السوري الفرنسي واثق أو «أدريان» سلمان وهو راقص ومغنٍ درس في المعهد العالي لمدة عامين ونصف وبعدها دخل في مضمار الإعلام لمدة 14 عاماً، حيث عمل كمذيع في الإذاعة والتلفزيون في محطات سورية وأميركية، وخلال وجوده في أميركا تابع دراسة الأوبرا مع أساتذة كبار إلى جانب التدريب الإذاعي، فحقق خبرات صوتية في مجالات مختلفة، في مجال القراءة والتنفس واللفظ والغناء إلى جانب إتقانه لعدة لغات وهذا أيضاً صقل شخصيته بعد مشوار طويل سواء بالساسة أم في الفن أم الثقافة، كما أن السفر أغنى تجربته، في الإدراك والمعرفة والأوبرا.

الفن في سورية هو حاجة

ولأننا في سورية نفتقر إلى المصادر للتعرف على هذا النوع الراقي والعريق من الموسيقا، الذي بدأ في إيطاليا، إذ كشف سلمان قائلاً: «خلال سفري إلى أميركا وفرنسا عززت وأغنيت تجربتي الأوبرالية من خلال تعرفي وتعمقي بهذا الفن إلى جانب كبار الفنانين الأوبراليين الأميركان أو الفرنسيين أو الإيطاليين، والآن أوشك على إنهاء دراستي العليا في باريس بمدرسة La Schola Cantorum».

وعن الوقوف على مسرح دار الأوبرا بدمشق بيّن سلمان أن: «الوقوف على مسرح دار الأوبرا في دمشق يعني لي الكثير كمغنٍ أوبرا، وأرى أن الفن في سورية هو حاجة وليس للتسلية فقط، كما هو الحال في أوروبا، أفتخر وأعتز بهويتي كمواطن سوري أقف على خشبة الأوبرا بعد غياب دام 13 عاماً، لأعود إلى بلدي مع خبرات صوتية، وأقف إلى جانب مغنين لديهم خبرة كبيرة، أقف بصفتي مغنياً وراقصاً للمرة الأولى في سورية، شعور كبير يتملكني اليوم مفعم بالفخر والاعتزاز والسعادة، وجميل أن نستقدم هذا الفن إلى سورية بعد سنوات طويلة من الحرب، والتي أبعدتها عن الموسيقا الغربية الكلاسيكية والترنيمات الأوبرالية».

تقنيات صوتية عالية

درس في المعهد العالي للموسيقا بدمشق وتابع تدريبه المهني من خلال دروس متقدمة في فن الغناء بفرنسا وأميركا، عن تأثير ذلك في شخصيته وكم صقلت خبرته أوضح سلمان أن: «الأوبرا فن يتسم بالصعوبة من ناحية الغناء والأداء بما فيه من تقنيات صوتية عالية إلى جانب الإتقان في غناء النوطات الموسيقية والبقاء في الإيقاع والانتباه إلى أهمية اللغات خاصة أنني أغني بعدة لغات، الإيطالية والألمانية والفرنسية والإنكليزية والإسبانية.. هي دراسة بحد ذاتها تتطلب التفرغ الكامل إلى جانب احترام الشروط كي يصبح المغني ماهراً بأداء هذا الفن، فيجب عليه اتباع شروطه من ثقافة وتدريبات بشكل مكثف ومواظب».

أدى بصوته مقطوعة «الوداع الأخير اريا فييسكو» من أوبرا سيمون بوكانيغرا، ماذا قال عنها وكيف كان تفاعل الجمهور أفاد سلمان: «أديت مقطوعة «الوداع الأخير» من الأوبرا الإيطالية، التي تحكى قصتها عن شخص يكون من كبار النبلاء في الأوبرا ويودع قصره إلى الأبد، ذاهباً إلى مكان آخر بعد أن كانت له ذكريات أليمة في هذا المكان، المقطوعة صعبة وتتميز بالتقنيات الصوتية العالية وتحتاج إلى سنوات من الخبرة للتمكن من أدائها، أما تفاعل الجمهور فكان جميلاً جداً خاصة أن الموسيقا في هذه المقطوعة لم تكن حماسية كباقي المقطوعات بل كانت هادئة أحياناً ومتصاعدة في بعض الأحيان وتعتمد على الصوت بشكل كامل، وللحقيقة استمتعت بهذه التجربة من ناحية المرافق الموسيقية إن كانت من الأوكيسترا ومن الناحية الصوتية.

التأسيس لهذه العروض

الأمسية الأوبرالية كانت بمشاركة من فرنسا وبلجيكا وسويسرا وسورية.. كيف كان هذا الخليط؟ وكم من المهم أن نجمع الثقافات في الأوبرا السورية؟ كشف سلمان أنني: «كنت السبب في هذا اللقاء العالمي بين سورية وفرنسا وبلجيكا وسويسرا في وقت أرى فيه أن الأوبرا مغيّبة عن سورية كباقي الفنون الغربية بعد سنوات الحرب، البلد الذي لطالما احتضت عروض الفن في الماضي، لذلك أقول إن الفن اليوم في سورية هو حاجة ملحة، هو تجربة مهمة ويجب أن نقدم في المستقبل عروضاً من هذا المستوى للناس التي تعشق هذا الفن، ومن واجبي كفنان سوري لدي علاقات في أوروبا أن أساهم في التأسيس لهذه العروض عندما تسمح الفرصة على مسرح دار الأوبرا».

وفي كلمة أخيرة بيّن سلمان «أتشكر الجمهور المتناغم المنسجم الذي حضر في الأوبرا وتفاعل مع هذا النوع من الموسيقا، حيث لم أكن لأِشك يوماً أن سورية والسوريين شعب محب للموسيقا والغناء، وذواق لكل أنواع الفنون».

في المقلب الآخر

أما في الضفة الأخرى من الأمسية فشهد القسم الآخر حضور مدارس مختلفة من خلال مؤلفات النمساوي موتسارت والأميركي جورج غيرشوين والمجري فرانز ليار والمكسيكي أغوستين لارا والإيطاليين إدواردو دي كابوا وجوزيبه فيردي.

والبداية مع سلمان الذي أدى «يا ايزيس واوزيريس اريا زار استرو» من أوبرا الناي السحري، في حين أدت كاترين بييرز وسمية حلاق «أنا سأختار الأشقر وأنا سأختار الأسمر» من أوبرا كلهن يفعلن هكذا.

وقدمت ايزابيل كارار المغنية والكوميديان مع ستيفان سينيشال «وقت الصيف» أغنية من أوبرا بروغي أند بيس.

وأدت أغنية «فيليا» من أوبريت الأرملة السعيدة كاترين بييرز، على حين أدت سمية حلاق أغنية «جوديتتا» من أوبريت جوديتتا.

وأخيراً في مسك الختام قدم سلمان مفاجأة للجمهور برقصة إيقاعية من التراث الفلامنغو الإسباني على صوت المغني الفرنسي بأغنية «غرناطة» التي عمل على توزيعها أوركسترالياً ناريك عبجيان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن