ثقافة وفن

تأتي أهمية هذا البازار بتأصيله للهوية الوطنية … د. بثينة شعبان لـ«الوطن»: عمل وطني يستكمل ما قام به الجيش العربي السوري

| سوسن صيداوي - صوير: طارق السعدوني

رسالتنا اليوم لأجيال قادمة تحمل مسؤولية وهي في الوقت ذاته أمانة في أعناقنا من أجدادنا الذين بنوا الحضارة السورية ونشروا علومها في كل أنحاء المعمورة. ما بين الرسالة والأمانة تُبذل كل الجهود للاستمرار رغم العصي الموضوعة في العجلات لتثبط الهمم وإيقاف التقدّم. ولكن من أجل الاستمرار لا بدّ لنا من التمسك بما لدينا من إرث ثقافي وتراثي، فهو بتنوعه الكبير يعبّر عن هويتنا ويقول للعالم أجمع: نحن السوريين.. نحن شعب لن يُقهر ونحن هنا.

وللمضي قدما، من دمشق العاصمة تم افتتاح البازار الأول (تراثنا برؤية جديدة) في مؤسسة وثيقة وطـن. يضم البازار معروضات من نتاج إبداع فتيات معهد التربية الاجتماعية، وبقي أن نذكر هنا أن هذه المناسبة هي برعاية كل من: مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، الجمعية السورية للفتيات الأحداث، ومعهد التربية الاجتماعية للفتيات، ومنظمة تيرفند، ومؤسسة وثيقة وطـن.

الشعب السوري لا يُقهر

انطلاقاً من أهمية التراث السوري للحفاظ على هويتنا التي يسعى الاحتلال بكل وسائله أن يطمسها، تقوم كل الجهات المعنية باستثمار القدرات وخصوصاً الشابة، من أجل إحياء التراث، مهما بلغت شدّة التحديات. ومن هنا جاء حديث «الوطـن» مع المستشارة السياسية والإعلامية لرئاسة الجمهورية د. بثينة شعبان، خلال افتتاح البازار الأول «تراثنا برؤية جديدة» في مقر مؤسسة وثيقة وطـن. لتؤكد أهمية التنوع التراثي السوري وغناه وجماله، لكون البيئة الحاضنة له دائماً متجددة وقادرة على إنتاج كل ما هو جميل، مشيرة إلى أن المنتجات المعروضة لا تعود إلى التراث السوري وحده بل هي مستوحاة من بلاد الشام، لتقول: «البازار هو نشاط مهم للجمعية السورية للفتيات الأحداث وله هدفان: الأول أن يساعد الفتيات على تجاوز الواقع الذي وجدوا فيه وعلى اكتساب حرفة أو مهنة تساعد على تغيير نمط حياتهم. أما الهدف الثاني يأتي بغناه لكون البازار لا يقتصر على تقديم منتجات تعود للتراث السوري، بل إن المعروضات التراثية تعود لبلاد الشام كلّها. ومن جهة أخرى تأتي أهمية هذا البازار بتأصيله للهوية الوطنية، لأن هذه الحرف اليدوية هي جزء أساسي من هويتنا، ونحن رأينا كيف أن الحرب على سورية استهدفت كل ما له علاقة بالهوية السورية. إذا هدفهم مصادرة هويتنا كي يقولوا إنهم هم أصحاب المنطقة، لذلك أنا أقول: الحفاظ على الهوية بكل أطيافها الأدبية، التراثية، التاريخية، المعمارية، هو عمل وطـن ويستكمل ما قام به الجيش العربي السوري من دحر للإرهابيين وزرع جذورنا في هذه المنطقة، لأنها هي منطقتنا نحن. ومن هذا المنطلق استضافت مؤسسة وثيقة وطـن هذا البازار للجمعية السورية للأحداث كي نؤكد أهمية التراث وكي نكمّل بعضنا، كما الفرقة السيمفونية، فلا يمكن لعازف واحد أن يعمل وحده، بل أربعون عازفاً يعملون معاً وكل واحد ضمن اختصاصه، كي يقدموا لنا موسيقا جميلة. وهذا التكامل ما نسعى له ببلدنا الجميل سورية. وبصراحة من خلال مشاهدة هذه الأعمال ندرك حقيقة أن الأمل في سورية موجود منذ عشرة آلاف سنة، وسيبقى لأن السوريين متمسكون بجذورهم وبمستقبلهم، ويعملون بجدّية من أجل الاثنين،

لذلك الشعب السوري لا يُقهر»

كما تهتم مؤسسة وثيقة وطـن بأرشفة تراثنا المادي واللامادي من خلال توثيق التراث شفوياً عبر جائزة «هذه حكايتي» التي تتحضر لها المؤسسة، وحولها أضافت د. شعبان: «نحن نسعى من خلال جائزة «هذه حكايتي» لتوثيق الحرب على سورية، فعبر القصص والحكايا الصوتية والمكتوبة نكتشف كم لدينا من الأبطال والبطلات الذين تمسّكوا بالأرض ودافعوا عنها بطريقتهم الخاصة من تلقاء أنفسهم كي تبقى سورية وطننا عزيزة وقوية، وكرامتها موجودة بعيداً عن الاحتلال والإرهاب، وأخيراً ما نقوم بتوثيقه هي قصص وحكايات تكبّر القلب وتشعرنا بأن سورية لا تقهر».

منتجات يدوية مئة بالمئة

من جانبها ناهدة أبو شقرة وهي متطوعة بالجمعية السورية للتنمية الاجتماعية، وفي الوقت نفسه هي متدخلة بالتربية الاجتماعية في معهد التربية الاجتماعية للفتيات الأحداث والجانحات، أخبرتنا بأن هذه هي التجربة الأولى والنتائج جداً مرضية ومشجعة للاستمرار، كما أشارت للصعوبات التي تعرضوا لها، فتقول: «أنا مدربة في هذا المشروع، ونحن نقوم بالتطريز الفلاحي، والهدف منه هو تمكين الفتيات الجانحات سواء الموجودات في المعهد أو خارجه، من السير في الطريق الصحيح عبر إيجاد مورد رزق يعيشون منه. وبصراحة في البداية لم تتقبل الفتيات العمل بالتطريز الفلاحي، وكن يقلن: من سيهتم بهذا الشي فهو موضة قديمة ولا يهتم به إلا كبار السن كالجدات. ولكن بعد أن شرحنا لهم أهمية ما يقمن به وضرورته كونه تراثنا وهويتنا، وكيف سيكون عملاً مربحاً، لأننا سنقدمه للمجتمع بطريقة عصرية ومتطورة، عبر إدخال هذا التطريز بالديكورات والملبوسات والإكسسوارات والحقائب. هنا وجدنا من جانب الفتيات بعض اللين. وبالنسبة للبازار جماليته تكمن بأنه يقدم منتجات يدوية مئة بالمئة، ولا تدخل في الصناعة ولا آلة، حتى المقص استخدامه مدروس جداً. إذاً العمل كلّه بالإبرة والخيط».

مورد رزق جيد

في الختام أخبرتنا الشابة «ملاك» عن مشاركتها بالبازار قائلة «عندما بدأت التعلم على التطريز الفلاحي كنت في معهد الفتيات، وفي هذه الفترة بدأنا بالعمل بالأشغال اليدوية، كانت الأعمال بسيطة، ومن بعدها تمكنا بإنجاز منتجات جميلة جدا. إلى جانبي فتيات من داخل المعهد وأخريات من خارجه، ولكننا ما زلنا نتابع بالأعمال اليدوية مع الجمعية. أنا سعيدة جداً بمشاركتي بهذا البازار، لكوني وجدت عملاً قادراً أن يسندني ويعيلني في حياتي.

وأخيراً مشروع التطريز الفلاحي جميل جداً، فهو يحيي تراث وطننا سورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن