قضايا وآراء

وماذا بشأن أرتال اللصوص وداعمي الإرهاب؟!

| أحمد ضيف الله

بعد اجتماع عقد في بغداد بين اللجنة الفنية العسكرية العراقية برئاسة نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير الشمري ونظيرتها الأميركية برئاسة قائد قوات عمليات العزم الصلب في العراق اللواء جون برينان في الـ16 من أيلول 2021، أعلن أن الطرفين «اتفقا على تقليص الوحدات القتالية والقدرات الأميركية من القواعد العسكرية في عين الأسد وأربيل على أن يكتمل بحلول نهاية شهر أيلول الجاري، كما تم تخفيض مستوى قيادة التحالف الدولي من مقر بقيادة ضابط برتبة فريق إلى مقر أصغر بقيادة ضابط برتبة لواء لأغراض الإدارة والدعم والتجهيز وتبادل المعلومات الاستخبارية والمشورة».
التحالف الدولي في العراق، قال في بيان له: إن «عمليات تبديل للقوات الأميركية ستجري هذا الشهر (أيلول) بدلاً من كانون الثاني كما كان مخططاً لها سابقاً»، أي إن ما يجري هو تبديل وليس تقليصاً للقوات، وأن الترويج بأن القوات الأميركية ستغادر العراق نهاية أيلول الحالي، هو للاستهلاك الإعلامي الداخلي في العراق وأميركا، إذ إن ما يحدث هو إعادة صياغة أهداف بقاء القوات الأميركية في العراق، ليس إلا، فالعديد من التصريحات الأميركية المتعلقة بالوجود الأميركي في العراق تشير إلى أنه لا يزال في العراق نحو 3500 جندي أجنبي، بينهم 2500 أميركي سيبقون بصفة «مدربين واستشاريين» في قاعدتي عين الأسد غربي الأنبار، والحرير في أربيل، كما أن القادة العسكريين الأميركيين لا يخفون رغبتهم في بقاء القوات الأميركية في العراق إلى أجل غير مسمى، لمواجهة إيران، وهم يكررون هذه الرغبة مراراً، مؤكدين أن الدعوات الإيرانية بأن تغادر القوات الأميركية من العراق هو سبب بحد ذاته للبقاء فيه، وقد أكد قائد القيادة المركزية الجنرال كينيث ماكنزي في تصريحات له، أن «هجمات الجماعات المسلحة هذه تهدف إلى الضغط على القوات الأميركية وإخراجها من البلاد»، وبالتالي فإن «هدف الوجود الأميركي في المنطقة هو ردع سلوك إيران، ومنعها من التمادي في أنشطتها الخبيثة».
إن تغيير مهام القوات الأميركية في العراق الآنية، لن يُغيّر كثيراً من وضعها على الأرض، فاستمرار بقاء القوات الأميركية من خلال بدعة التدريب والاستشارة غير المحددة بزمن! يُمكنُها من إنجاز مهامها العدوانية والاستخباراتية في العراق وسورية من خلال العمليات الجوية من خارج العراق، فهناك قواعد ومحطات أميركية في السعودية، وقطر، والبحرين، والإمارات، والكويت، وعُمان، وتركيا، تضم أكثر من 80 ألف جندي، ففي قطر وحدها نحو 11 ألف جندي أميركي، بالإضافة إلى التعاون والتنسيق الدائم بين القوات الأميركية والإسرائيلية المعروف، وكلها ستوضع في خدمة الأهداف الأميركية في المنطقة، وخاصة في العراق وسورية.
المسؤولون العراقيون لم يتوقفوا عن التصريح، بأنه «يجب ألا يكون العراق مصدراً لتهديد دول الجوار، وألّا يكون بوابة للتدخلات الخارجية والداخلية»، مؤكدين رفضهم «استخدام الأراضي العراقية ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية والدولية»، ولطالما أكدوا أن «أمن واستقرار سورية هو جزء من أمن واستقرار العراق»، فعندما أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد حسين باقري، وجود تحركات معادية من الأراضي العراقية تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سارعت رئاسة أركان الجيش العراقي إلى التأكيد في بيان لها في الـ21 من أيلول الجاري، أن «العراق يرفض بشدة استخدام أراضيه للعدوان على جيرانه، وأنه متمسك بحسن الجوار والعلاقات الأخوية مع دول الجوار».
بعد لقاء وزير الخارجيَّة العراقي فؤاد حسين بنظيره السوريّ فيصل المقداد، على هامش أعمال الدورة الـ76 للجمعيّة العامّة للأمم المُتحِدة في نيويورك في الـ23 من أيلول الحالي، قالت الخارجية العراقية في بيان لها: إن «الوزير (فؤاد حسين) بين أن استقرار سورية يهم العراق، وأنَّ الوضع الأمني غير المُستقر ووجود إرهابيي داعش وغيرها من المُنظمات الإرهابيّة في سورية هو تهديد، أيضاً، لاستقرار وأمن العراق».
بالمقابل، أرتال الاحتلال الأميركي التي تدخل الأراضي السورية من شمال العراق بشكل شبه يومي، محملة بالمعدات والذخائر الحربية لقواعده ومجموعاته الإرهابية والانفصالية، ومن ثم الخروج محملة بالنفط والمحاصيل الزراعية السورية المسروقة لبيعها في العراق، ما زالت مستمرة ولم تتوقف! ولم نسمع موقفاً عراقياً رسمياً تجاه ذلك!
إن الوجود العسكري الأميركي في منطقتنا موجه أساساً لخدمة الأهداف الإسرائيلية والقوى الانفصالية، ودخول قوات الاحتلال الأميركي للأراضي السورية انطلاقاً من الأراضي العراقية، لممارسة القتل والسرقة ودعم المجموعات الإرهابية والانفصالية، هو عدوان لا يمكن القبول به، وهو خرق للسيادتين العراقية والسورية وفقاً للقوانين والشرائع الدولية، والعراق الذي يرفض أن يكون ساحة للاعتداء على دول الجوار، مطالبٌ وفق تصريحات كبار مسؤوليه، بإدانة وإيقاف أرتال اللصوص وداعمي الإرهاب الأميركي، أليس كذلك؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن