سورية

الطائرات الروسية تلاحق «النصرة» إلى عفرين وتدكّ ميليشيات أنقرة فيها.. و«M4» في رأس القائمة … توقعات بسقف مطالب مرتفع لروسيا بوجه النظام التركي في «سوتشي» الأربعاء

| حلب- خالد زنكلو - حماة- محمد أحمد خبازي

توقعت مصادر متابعة للملف السوري، أن ترفع موسكو خلال المباحثات التي سيجريها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في منتجع سوتشي الروسي الأربعاء القادم، سقف مطالبها للحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات فيما يخص وجود قوات الاحتلال التركية في أراضي سورية، وخصوصاً في منطقة «خفض التصعيد» بإدلب التي يتصدرها فتح طريق عام حلب- اللاذقية المعروفة بـ«M4» كعنوان بارز في رأس قائمة المطالب الروسية.
وقالت المصادر لـ«الوطن»: إن «إدلب ستحظى بالنصيب الأوفر من مباحثات «سوتشي»، لأنها البؤرة الإرهابية الأهم في البلاد، ونظراً لسيطرة الفرع السوري لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، المتمثل في تنظيم «جبهة النصرة» وحاضنته «هيئة تحرير الشام»، على معظم مساحتها، وفي ظل امتناع النظام التركي عن القيام بالخطوات اللازمة والواجبة لفصل التنظيم الإرهابي عن ميليشياته المسلحة المندمجة معه في غرفة عمليات «الفتح المبين» التي تقودها النصرة».
وأضافت: إن «موسكو اعتمدت خيار الضغط العسكري المتواصل على أنقرة في الآونة الأخيرة وقبيل القمة، من خلال استهداف سلاح الجو الروسي لمقار ومعاقل مسلحي «النصرة» والإرهابيين الممولين للنظام التركي، لإيصال رسائل تدلل على مدى استياء الكرملين من تملص وتنكر نظام أردوغان من تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار في «خفض التصعيد» أو «اتفاق موسكو» الموقع بين الجانبين منذ ٥ آذار ٢٠٢٠ وينص على وضع «M4» في الخدمة بعد إنشاء شريط حماية آمن بعمق ٦ كيلو مترات على ضفتيه وتسيير دوريات مشتركة، وهو ما لم يلتزم به نظام أردوغان الذي يناور على عامل الوقت ويراهن على التناقضات الإقليمية والدولية لإفراغ الاتفاق من مضمونه، تماماً كما فعل بـ«اتفاق سوتشي» العائد لمنتصف أيلول ٢٠١٨».
ورجحت المصادر، أن يقابل بوتين أردوغان بلغة متشددة، لا يحسد عليها الأخير، لوضع النقاط على حروف تطبيق الاتفاقيات الثنائية بين الجانبين، والتي مضى عليها ردحاً طويلاً من الزمن عمل خلاله الاحتلال التركي على فرض واقع عسكري جديد في «خفض التصعيد» عبر نشر أعداد كبيرة من جنوده وعتاده العسكري ونقاط مراقبته غير الشرعية فيها، للحيلولة دون تنفيذ الاتفاقيات بقوة العمل العسكري الذي ما زالت خياراته قائمة ومطروحة لدى الجيش العربي السوري بمساندة سلاح الجو الروسي والحلفاء، في حال لم يلتزم النظام التركي بتنفيذ بنود الاتفاقيات، وفي مقدمتها فتح «M4» أمام حركة المرور والترانزيت لتفعيل دوران الحركة الاقتصادية في البلاد، وهي مسألة سيادية للدولة السورية.
ورأت، أن المتغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة وانعكاساتها على الساحة السورية، ومنها تقارب الرؤى بين موسكو وواشنطن حيال إجراءات تحقق انفراجات في الملف السوري بخلاف العلاقة التي تحكم واشنطن بأنقرة، تصب في مصلحة فرض املاءات على نظام أردوغان للوفاء بالتزاماته وسحب إرهابييه من جنوب «M4» إلى شماله، لوضع الطريق في الخدمة، كخطوة أولى مشروعة في سبيل استعادة الدولة السورية السيطرة على جميع أراضيها المحتلة شمال غرب البلاد.
ميدانياً، بينت مصادر محلية في منطقة عفرين المحتلة بريف حلب الشمالي لـ«الوطن»، أن مقاتلات روسية شنت غارتين في الصباح الباكر أمس في محيط بلدة باصوفان جنوب غرب عفرين ضد موقع يفترض أنه تابع لميليشيا «الجبهة الشامية»، المنضوية في صفوف ما يسمى «الجيش الوطني» الذي شكله النظام التركي في المناطق التي يحتلها بريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي، ما أدى إلى تدمير آليات عسكرية وقتل وجرح عدد من الإرهابيين قدر عددهم بأكثر من ١٠ إرهابيين.
وأوضحت، أن الموقع يتمركز فيه إرهابيون من «النصرة» استقدمهم متزعمون نافذون في «الجيش الوطني» إلى المنطقة على خلفية اللقاءات السرية والعلنية بين المتزعمين وتنظيم «النصرة» الطامح لإيجاد موطئ قدم له في عفرين، كمقدمة للتوغل في باقي مناطق هيمنة تنظيمات وميليشيات أردوغان شمال وشمال شرق حلب وبإشراف ودعم من الاستخبارات التركية.
ولفتت إلى أن مسلحي «النصرة يتنقلون بين إدلب وعفرين وفي داخل الأخيرة عبر وثائق ورموز خاصة بـ«الجبهة الشامية» وبوساطة من الإرهابي محمد الجاسم متزعم ميليشيا «فرقة سليمان شاه» الملقب بـ«أبو عمشة»، والذي أعلن صراحة تأييده لـ«تحرير الشام» ومتزعمها الإرهابي أبو محمد الجولاني.
وأشارت إلى أن استهداف باصوفان والميليشيا ذاتها، هو الثاني في غضون يومين والثالث من نوعه منذ نهاية آب المنصرم، ما يدل على مدى وعنفوان الغضب الروسي من النظام التركي بعد أن وسع دائرة استهدافه لمعاقل الإرهابيين في «خفض التصعيد» لتصل إلى عفرين في المنطقة التي يسميها النظام التركي «غصن الزيتون» والتي احتلها في آذار من عام ٢٠١٨.
في السياق ذاته، وسع سلاح الجو الروسي دائرة استهدافه لميليشيات أنقرة في البلدات والمناطق التابعة لعفرين، إذ نفذ أمس ضربات جوية طالت مقرات تمركز وتدريب ميليشيات «الحمزات» و«الجبهة الشامية» و«فيلق الشام» في محيط بلدات كيمار وبراد وبصلحايا والباسوطة وجبل الأحلام المطل عليها، في غارات هي الأعنف والأوسع ضد ميليشيات «الجيش الوطني» بريف عفرين الجنوبي الغربي، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الإرهابيين، وفي رسائل روسية واضحة لأردوغان قبيل قمة «سوتشي» تقول: لقد نفد صبرنا.
وأما في البادية الشرقية، فقد بين مصدر ميداني لـ«الوطن»، أن الطيران الحربي السوري والروسي شن، صباح أمس، عدة غارات مكثفة على مواقع لتنظيم داعش الإرهابي في بادية أثريا بريف الرقة الغربي، موضحاً أن الغارات حققت أهدافها بتدمير تلك المواقع، بينما واصلت الوحدات المشتركة من الجيش والقوات الرديفة، عملياتها البرية في تمشيط البادية من خلايا داعش، من عدة محاور.
ولفت إلى أن العمليات البرية كبدت الدواعش مؤخراً خسائر كبيرة بالأفراد والعتاد، وخصوصاً في بادية السخنة بريف حمص الشرقي، وفي بادية دير الزور.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن