الفرص الضائعة!
عصام داري :
طوال عمرنا نبحث عن فرص لتحسين حياتنا على الأرض، ونحن نعرف أن سعينا محكوم بالعمل والأمل والحظ والظروف وأشياء غير واردة في حساباتنا، وكم أضعنا من فرص، بإرادتنا، أو بطيش منا، أو ربما كان للقضاء والقدر الدور الأكبر في هذا الضياع.
لكنها على كل الأحوال فرص ضائعة كان بعضها نقطة تحول جذرية في حياتنا، جاءت مرة وذهبت ثم لم تعد، ولن تعود أبداً.
ندمت على فرص ضاعت مني، بل لم أندم بل تحسرت، لأنني مارست جبني الطبيعي الموجود لدى كل منا، كان يجدر بي أن ألعب لعبة المغامرة، قد أسقط، لكنني إذا نجحت حينها كانت مسيرة حياتي ستتغير مرة واحدة وإلى الأبد.
لم أختر تاريخ ميلادي، ولا اسمي، وطبيعي لم أختر أبي وأمي، لكن حياتي كانت، كحياة أي إنسان منا، كانت حافلة بالخيارات، وإن كان بعضها يشبه المحال، ويحتاج إلى معجزة لتحقيقه.
لم أختر العمل الذي أمضيت فيه أربعة عقود، لكنني أحببت ما اختاره لي القدر والمصادفة البحتة، فعشقت القلم، وغرقت في بحر الكتابة، وانتهجت طريقي بحب، وكي تنجح في الحياة عليك أن تحب إلى حد العشق ما تقوم به.
الخيارات أمامنا كثيرة، لكن لنعترف أن فرص النجاح محدودة جداً، تحكمها الظروف والحظوظ، وطبيعة العلاقات الاجتماعية، وأيضاً الفقر والثراء، وعندما يستطيع أصحاب المال شراء الشهادات الجامعية وألقاب علمية ومناصب سياسية، في حين أن الفقير يخسر معظم الفرص، فهناك عدم عدالة قائمة في كل مجالات الحياة.
الفرص الضائعة في حياتي وحياة الكثيرين من البشر من ذوي الجيوب المثقوبة، والحظوظ المعطوبة، والأيام الضائعة وسط الزحام، قليلة، ونادرة يصادرها عنوة أصحاب الجاه والفساد، ويا ويل أمة يتحالف فيها المال مع السياسة، فلا مكان هنا للعواطف، وحتى الحب يستغيث تحت ضربات المال وتجار الرقيق!.
يحاولون شراء الحب بالمال والجاه والحلي والجواهر، قد ينجحون في شراء الأجساد، وقد سجلت هذه «البورصة» مكاسب كبيرة جداً، لكنهم فشلوا، وسيفشلون في شراء القلوب العاشقة، والحب الحقيقي، وبعد الشراء قد يحدث البيع، ألسنا في سوق نخاسة مفصل على قياس هذا الزمن الفاسق؟!
الحب أسمى بكثير من أن ينزل إلى سوق النخاسة المشرعة أبوابه على مدار الساعة حسب توقيت هذا العصر الآيل للسقوط، والساقط أخلاقياً بكل ما للكلمة من معنى، والحب سيظل يعلن وجوده في النفوس الطاهرة، والقلوب النقية، وسيظل يلعن تجار الرقيق الأبيض، كما نلعن نحن تجار الأزمات وتوحشهم وتغولهم!.
لن أفلسف الأمور أكثر، لكنني رأيتها مناسبة لأدافع عن أهلي وناسي من معتنقي الحب والمحبة ويتوقون إلى العدالة والحرية.
كتبت منذ يومين فقلت: بلا مقدمات، أعلن على الملأ أنني عاشق، وفي بلدي يصبح من يعشق في العقد الستين مجنوناً أو متهتكاً أو متصابياً، وكأن العشق تهمة يعاقب عليها القانون!
نعم أنا عاشق للجمال أينما كان، جمال الطبيعة التي تسحرني، جمال الكلمة.. اللحن.. التغريد.. وجمال المرأة في المقدمة.
نقطة.. ونبدأ من جديد.