ثقافة وفن

الدراما بين التثقيف والتوعية والترفيه والتسلية … للفن دور في تشكيل الوجدان وترسيخ القيم الأصيلة

| وائل العدس

يكمن الهدف الرئيسي من الدراما في خلق واقع مواز بأحداث تشبه الحياة اليومية وبشخوص يمكن أن تقابلهم في حياتك الحقيقية، فتتعلم مما يحدث معهم على الشاشة أشياء عن الحياة والحب والقيم، إضافة للاستمتاع بأداء تمثيلي جيد، وإيقاع مناسب للأحداث.

إذاً، ما الأهداف الأخرى من الدراما؟ هل العبرة والعظة وتعلم أشياء جديدة واكتساب خبرات وكل هذا الكلام المكرر؟ أم إنه يمكننا أن نكتفي بالتسلية كهدف مناسب ولا يقلل من المحتوى الدرامي؟

في الحقيقة إن التسلية في حد ذاتها هدف من أهم أهداف الفن بشكل عام، فالمحتوى الذي لا يقدم تسلية للمشاهد حتى لو كان يحمل كل القيم والتقنيات وحرفية الصناعة، لن يلقى استحساناً لدى الجمهور، ما دام لا يقدم له بغيته الأساسية.

وللدراما أهداف ووظائف عدة تتباين بين التثقيف والتوعية من ناحية والترفيه والتسلية من ناحية أخرى، إضافة إلى عناصر عدة تتمثل بالمتعة والدهشة والتشويق والإثارة.

الترفيه أمر ضروري، ولولاه يصبح العمل الدرامي ثقيلاً على المشاهد، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن يكون العامل الأوحد الذي يتكئ عليه العمل لما له من آثار سلبية، والأفضل أن يكون العمل جامعاً لكل العناصر التي من الممكن أن تساعد على النجاح.

في الوقت نفسه فإن الفن ينطلق في رسالته من مبدأ التثقيف والتوعية الجادة والمنطلق المعرفي لممارسة دوره الرائد في المجتمع، ولأن الفن معبر أساسي عما يجول في الحياة، استطاع الكثير من الأعمال أن يبقى راسخاً وخالداً في ذهن المشاهد.

مهمة التثقيف والتوعية تبقى من أهم سمات الفن الصادق والمؤثر في المجتمع، باعتباره حالة معرفية عالية في ظل حاجة المجتمع لدور الفن الجاد الذي يسهم في رفع الوعي، وخاصة في المرحلة الراهنة، عندما يجري توجيهه بشكل سليم.

وبكل الأحوال من المفترض أن يكون للدراما دور تنويري وتثقيفي يعمل على معالجة العديد من المشكلات التي تواجه الإنسان في المجتمع، وخاصةً أن عصر العولمة الذي نعيشه الآن بدَّل كل المفاهيم لدرجة أن الفن تم تسليعه.

الدراما باتت وسيلة الترفيه الأبرز في المجتمع، وعلى القائمين عليها أن يعوا ذلك جيداً، ويراعوا ضمائرهم فيما يقدمونه من أعمال فنية.

الدراما فن يجب أن يرتقي ويؤثر في الجمهور، وعلى من يقدموا هذا الفن ألا يقولوا: «الجمهور عايز كده».

الدراما التلفزيونية خلال هذه السنوات الأخيرة في معظمها ضعيفة بسبب الاستعجال والاستهانة والاستخفاف، إذا ما اعتبرناها أداة تثقيف وتحضر وليس فقط تسلية.

قد تُصور الدراما معطيات المجتمع بأسلوب كوميدي، وتعالج القضايا عن طريق الإضحاك والتسلية، وبما أنها تعكس الواقع الذي نعيشه أحياناً، فهي تركز في طرحها على مشاكل الناس، وتحاول حلها من خلال السيناريو المقدم، وخصوصاً المشاكل التي تواجه الشباب في عمر معين.

رسالة سامية

الفن رسالة سامية، ليست الدراما وحدها، ولكن في كل الفنون، أي إن الفن له دور في تشكيل وجدان الشعوب وترسيخ القيم الأصيلة ومعالجة سلبيات المجتمع بمسؤولية وتحدٍّ قوي.

والكثير من النقاد أكدوا ضرورة تشابك الدراما والمجتمع من خلال الأحداث والواقع الذي نعيشه، وبأن الدراما التي تلجأ إلى الترفيه فقط وتبتعد عن مشاعر الناس ومشكلاتهم لن نتمكن من تحقيق المعادلة والتصالح مع النفس أو التعبير عن قضايا الناس.

انفراد وتميز

على الرغم من أن وجود الكم الكبير من الأعمال الدرامية يعد شيئاً إيجابياً وجيداً، لكنه يجب أن يقدم رسالة للمشاهد فيما يخص قضاياه وواقعه، إلا أن التنافس بين معظم صُناع الدراما في الوقت الحالي تحول من المنافسة الشرسة من دون مراعاة المضمون والجودة والمتعة التي يقدمها العمل من إنتاج أكبر كم من الأعمال الدرامية بشكل عشوائي، من أجل الاستحواذ على نصيب من «التخمة» من دون أن يكون للعمل أي رسالة أو هدف.

ورغم أن تلك القاعدة لا تنطبق على كل شركات الإنتاج، نجد أن هناك شركات تسعى لإنتاج موضوعات جيدة تسمح لها بالانفراد والتميز وتقديم قضايا مهمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن