اقتصاد

صناعيون وتجار يردون على شائعة هجرة الأعمال

| طلال ماضي

على الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها قطاع الأعمال بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، إلا أن هذا القطاع وبلغة الأرقام والمؤشرات ما زال في حالة نمو وتطور ولو في الحدود الدنيا، وحجم العقود الخارجية والتصدير والمشاركة في المعارض الخارجية تؤكد ذلك.

وكل ما يشاع عن أرقام لهجرة تجار وصناعيين من سورية إنما تندرج في إطار الحرب الاقتصادية المفروضة على البلد، وكل ما يعلن من تسهيلات تقدمها بعض الدول المضيفة لجذب رؤوس الأموال، يسأل التجار السوريون هل هذه الوعود حقيقة، أم أوهام، وفي حال كانت حقيقة لماذا لا تقدمها لتجار البلد الأصليين، معتبرين أن توسيع نوافذ التجارة والولوج إلى العالمية حالة صحية وضرورية في عالم المال والأعمال.

بعض وسائل الإعلام التي عرفت بمواقفها من الحرب في سورية تنشر وتجتهد في تصدير أرقام لا تمت للواقع بصلة، حول أعداد التجار والصناعيين الذين غادروا البلد، ويدحض هذه الإشاعات الواقع حيث هجرة الآلاف كما يزعمون بحاجة إلى مئات الطائرات لنقلهم ومئات السيارات، وهذا الواقع غير موجود إطلاقاً، ولم يلمسه التجار ولا شيوخ الكار في الأسواق السورية.

«الوطن» بحثت حول كل ما يشاع وسألت تجاراً وصناعيين حيث بين إياد السباعي رئيس غرفة تجارة وصناعة حمص في تصريح خاص لـ«الوطن» أن كل ما يشاع عن هجرة التجار والأرقام المتداولة كلام مبالغ فيه، التجار على رأس عملهم وأملنا بالقادم هو الأفضل وأرقام غرفة تجارة حمص تتحدث عن زيادة في الأسواق المفتتحة، والفعاليات التجارية والصناعية التي عادت إلى عملها.

وأضاف السباعي: إن جميع الصناعيين والتجار على رأس عملهم، وهم موجودون في معاملهم، الحرب على سورية كانت إرهابية وتوجهت إلى اقتصادية، وحرب إشاعات، المقصود منها ضرب الصناعة السورية، صحيح أن التجار والصناعيين يتعرضون لضغوطات اقتصادية بسبب العقوبات الخارجية وهم أكبر من هذه المهاترات والإشاعات التي تنشرها بعض الجهات غير المسؤولة، ونحن مستعدون للعمل بالتراب ولا نغادر بلدنا، قائمين على أعمالنا وصناعاتنا، والخير قادم لسورية.

بدوره دعا رئيس غرفة تجارة وصناعة القنيطرة عماد قاسم إلى الاطلاع على التسهيلات التي تدعي بعض الدول تقديمها للصناعيين بغض النظر عن مصداقيتها والعمل على تقديم تسهيلات مشابهة للصناعيين والتجار، لافتاً إلى أن هجرة بعض الصناعيين العازفين عن العمل أو محاولة آخرين توسيع تجارتهم وفتح نوافذ في دول أخرى لا يعني أبداً أن التجار هاجروا.

وقال قاسم: في محافظة القنيطرة ومن خلال التواصل مع الزملاء التجار لا يوجد أي نوع من الهجرة، داعياً إلى دراسة الثغرات الموجودة في القوانين وتقديم التسهيلات التي تضمن تسريع العملية الإنتاجية من تأمين حوامل الطاقة وغيرها وسد الثغرات التي تعمل عليها بعض الدول لجذب رؤوس الأموال.

ومن محافظة طرطوس رأى عاصم أحمد عضو لجنة التصدير في غرفة تجارة وصناعة طرطوس أن الكلام عن هجرة التجار أمر مبالغ به وكل ما يشاع هو غير واقعي، وقال: مكتبي موجود في السوق، وأحتك يومياً بعشرات التجار، لم نسمع بكل ما يشاع وتتناقله بعض الصفحات التي تمتهن «النسخ واللصق»، صحيح أن التجار يعانون من القيود والقرارات الجديدة التي أصدرها المصرف المركزي، لكن هذه المرحلة مؤقتة لإيجاد طريقة لفهم القرارات وآلية لتطبيقها، والظروف صعبة على الجميع وليس على التجار فقط.

عضو غرفة تجارة دمشق فايز قسومة اعتبر أن من يهاجر هم بعض الشباب المطلوبين للخدمة العسكرية، ووجهتهم مصر لكونها الأرخص بالمعيشة، وهذه الهجرة لفترة أقل من عام من أجل دفع البدل النقدي والعودة للبلد، وقطاع الأعمال في دمشق وريفها يعمل ويستبشر خيراً خلال الفترة القادمة، لافتاً إلى أن جميع الأرقام وخاصة ما يخص الصادرات أفضل، وارتفعت هذا العام بنسبة 30 بالمئة عن العام الماضي، وازدادت المقاصد أكثر، وتنوعت التشكيلة السلعية المصدرة من حجر الحمام إلى مكنات التصنيع التي تصدر إلى الدول الإفريقية.

وأشار قسومة إلى قصور الأدوات المتوافرة لدى الحكومة وقطاع الأعمال لمواجهة الحصار الاقتصادي، ونحن بحاجة إلى زيادة حجم الاقتصاد ومعدلات الإنتاج، وفتح أسواق جديدة، وإيجاد الحلول المناسبة لحوامل الطاقة، ومنح القروض للمنشآت المتعثرة، ودراسة معدلات الفائدة، بالمختصر نحن بحاجة إلى إستراتيجية جديدة لتنمية قطاع الأعمال.

التاجر نبهان حمادية يدير أعمالاً في منطقة الحريقة بدمشق وقادم من مصر، أوضح أنه وسع أعماله في مصر خلال الفترة الماضية انطلاقاً من رغبته في فتح نوافذ جديدة تساعد في تعديل ميزان التجارة وخسارة بعض الفروع في شركته، وقال: إن الأمور في البلد تتجه نحو الانفتاح والأفضل، صحيح هناك معاناة مؤقتة في توافر المحروقات وحوامل الطاقة لكن هذا لا يعني أن بيئة العمل غير مناسبة، من كان ينتج 1000 قطعة في اليوم ينتج 100 قطعة، والمصاريف التشغيلية حملها على الإنتاج، وعند تحسين الوضع الاقتصادي وتوفير حوامل الطاقة سيعود الإنتاج إلى سابق عهده، وسينخفض سعر البضاعة في الأسواق.

وأشار حمادية إلى أن تجارته في مصر لم تكن رابحة، ولم يستطع توفير فرنك واحد منها، وأضاف: إن العالم يعيش في وهم وزادت صفحات الـ«فيسبوك» من هذا الوهم، ليس كل المطاعم تعمل وهي موهوبة ومرزوقة، وليس كل المعامل تعمل بإنتاجية وأرباح خارج سورية، وكل ما يحكى عن تسهيلات يفترض على كل صاحب أموال أن يسأل هل هذه التسهيلات حقيقية أم وهمية؟

ودعا حمادية الجهات الحكومية لتكون أقرب من هموم الصناعيين والتجار، والعمل على حل مشاكلهم وتخفيف الأعباء عن عجلة الإنتاج قدر الإمكان، ومنح القروض الميسرة، وإيجاد الحلول لحوامل الطاقة، إما بتوفيرها من قبل وزارة النفط، وإما بالسماح لغرف التجارة والصناعة بتوريدها، والمطلوب توفيرها قبل الحديث عن دعمها أو بيعها بسعر أقل من الدول المجاورة.

عبد اللـه نصر نائب رئيس غرفة تجارة دمشق بين أن التجار موجودون في الأسواق، ولم نسمع من أحد ترك أعماله وهاجر، ومن حق أي تاجر أن يوسع أعماله والتفكير بالتوجه إلى العالمية، وهذا لا يعني أنه ترك البلد وهاجر، لافتاً إلى تأثير وباء كورونا على حركة التجارة العالمية وحركة التجارة في سورية، وقال: نحن مستمرون بالعمل وبتوسيع النشاط الصناعي والتجاري، ولم نتلق أي طلب من أحد التجار يقول إنه ينوي إغلاق متجره أو تجارته، صحيح أن ظروف البلد صعبة نتيجة الحصار الاقتصادي الجائر لكن هذه الصعوبات يعاني منها الجميع وليس قطاع الأعمال فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن