من دفتر الوطن

سباق الوزراء

| عبد الفتاح العوض

هو سباق من نوع خاص.. فخلال الفترة السابقة تنافس الوزراء على تحصيل إيرادات جديدة للخزينة وعلى حساب المواطن وليس من مواضع إنتاجية.
كل وزير لديه فرصة ليرفع سعر سلعة أو أجر خدمة قام بذلك بلا تردد… هذه المنافسة حولت الوزراء إلى جباة وكل ذلك على حساب المستهلك؟! فحتى عندما يحاولون الحصول على إيرادات من التجار ورجال الأعمال فإن هؤلاء سيحصلون عليها من المستهلك.
بين قوسين «كلمة مستهلك مناسبة جداً.. فهي مشتقة من هلك وبين المبنى والمعنى تطابق لافت».
بظني أن هذه الطريقة الجبائية غير مناسبة لحالتنا والمنطق الاقتصادي يملي على الحكومة أن تفتح أبواب الإنتاج بالأفعال وليس بالأقوال.
إن الدول التي عانت ويلات الحروب شهدت بعدها نهوضاً اقتصادياً.. ففي مرحلة قادمة، نرجو أن تكون قريبة، سيكون الاقتصاد السوري في مرحلة الصعود نحو الأعلى وليس بالنمو الرقمي بل ستكون جميع القطاعات أمام فرصة للازدهار.
ما أقوله هنا ليس تنجيماً فكل الاقتصادات التي عايشت الحروب انتعشت بعد ذلك… تذكروا ما سماه الاقتصاديون الازدهار الذهبي الذي حظيت به دول الحرب العالمية الثانية الرابحة منها والخاسرة.
لكن هذا يحتاج إلى ضخ أوكسجين كاف والأوكسجين في الاقتصاد هو التمويل والإنتاج. والاقتصاد السوري على ما مرّ به ظل منتجاً في الزراعة والصناعة، بلد يعيش الحرب ويصدر منتجاته إلى عدد من الدول.
إن صدقت التوقعات فإن المرحلة القادمة ستشهد انفتاحاً في جدران الحصار والعقوبات الاقتصادية ومن هنا فإن ذلك سيكون صفحة جديدة في المستوى المعيشي للمواطنين.
الظروف المعيشية الحالية صعبة جداً ولا يغرنك رواد عدد من المطاعم أو الإقبال على الجامعات الخاصة، فمثلاً نسبة تلاميذ التعليم الأساسي والثانوي من مجموع طلبة سورية نحو 4% وطلاب الجامعات الخاصة 5% من مجموع طلاب الجامعات السورية… ولو امتلأت كل كراسي المطاعم السورية جميعها في وقت واحد فإنها أقل من 500 ألف.
فلا تتعاملوا مع كل السوريين بمقياس الـ5% ففي هذا مغالطة كبيرة.
أقول بما أن الظروف الحالية صعبة.. وآمال المستقبل القريب مبشرة فسيكون مهماً أن نساعد على تهيئة الظروف للقادم، فليس مفيداً حبس الأموال لا في الخزائن ولا في المصارف.. بل المهم تشغيلها وتسهيل الحصول على قروض بفوائد صفرية، نسميها قروضاً فقط للمنتجين وبشروط السداد الاعتيادية، لنسمها سلفة للموظفين على أن تسدد فيما بعد من الراتب أو من التأمينات الاجتماعية، مع العلم أن الجهات الحكومية لا تسدد ما يتوجب عليها للتأمينات وهي حقوق وأموال عمال ولهذا حديث آخر.
الاقتراح بسيط جداً… إضافة إلى تسهيل منح القروض الإنتاجية.. منح سلف للموظفين شهرية لمدة ستة أشهر، تساعد الناس على تأمين جزء من حاجاتهم.
في غالب الظن إن هذا الاقتراح لا يطرب له الذين أعدوا السياسة النقدية الحالية والتي تقوم على خفض عرض الليرة السورية للحفاظ على استقرارها.
على الأقل… ليتوقف الوزراء عن سباق الجباية وليدخلوا في سباق آخر، تسهيل حياة الناس وليس تعقيدها.

أقوال:
علينا أن نتعلم العيش معاً كإخوة، أو الفناء معاً كأغبياء.
نحن في سباق مع الزمن.. إما أن نقتل التخلف أو يقتلنا التاريخ.
لا يمكنهم أن يحصّلوا ضرائب قانونية من مالٍ غير قانوني.
صرّح بعض «الخبراء» أنه يلزم فرض ضريبة على الأشخاص لحد الإيلام، أنا أختلف مع هؤلاء الساديين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن