سورية

بموافقة ومشاركة «النصرة».. المواقع الأثرية في جبل الزاوية تتعرض لحفر عشوائي

| وكالات

تعرضت جميع المواقع الأثرية في جبل الزاوية بريف إدلب الذي تسيطر عليه ما تسمى «هيئة تحرير الشام» التي يتخذ منها تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي غطاء له، خلال السنوات الماضية، لعمليات تنقيب وحفريات كبيرة شارك فيها مسلحون من الميليشيات المسلحة و«النصرة» بشكل مباشر.
وأوضح نزيه الحمصي، وهو اسم مستعار لشاب يعمل في البحث عن الآثار في إدلب، أن عشرات الأشخاص في إدلب يعملون في التنقيب العشوائي، معظمهم يتلقون تسهيلات من «النصرة»، مؤكداً أن عملية التنقيب تتم مقابل حصول الأخير على نسبة في حال العثور على ذهب أو قطع أثرية ثمينة، وذلك حسبما ذكرت مواقع إلكترونية معارضة.
ووثقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة «اليونيسكو» قيام مجموعات منظّمة بعمليات نهب المتاحف والمواقع الأثريّة في سورية بهدف الاتجار غير الشرعي بقطعها النادرة.
وقالت مديرة «اليونيسكو»، إيرينا بوكوفا، خلال مؤتمر عقد في العاصمة البلغارية لبحث سبل مواجهة نهب الآثار السورية في أيلول عام 2015: إن «الصور الفضائية أظهرت أن المواقع الأثرية في سورية تنخرها الآلاف من الحفريات غير القانونية».
وأكد الحمصي أن أشخاصاً محسوبين على «النصرة» يقومون بشراء القطع الأثرية وغيرها من الأشخاص العاملين في التنقيب، إذ يقومون بشرائها وتهريبها إلى تركيا لبيعها هناك بمبالغ خيالية.
وقال: «قبل نحو ثلاثة أشهر عثر أحد أصدقائي على مدفن أثري يعود للحقبة الرومانية في موقع أثري بمنطقة جبل الزاوية، وجد بداخله ما يقرب من 150 كيلوغراماً من الذهب الخالص، إضافة إلى تماثيل صغيرة ورموز قديمة»، لافتاً إلى أن صديقه فوجئ بعد ساعات بمداهمة مسلحين من «النصرة» لمنزله، وقاموا بطلب نسبة 40 بالمئة، إضافة إلى غرامة مالية وصلت إلى 50 ألف دولار بحجة عدم قيامه بالتنسيق معه.
وأشار إلى أن الأشخاص العاملين في التنقيب، إضافة إلى التجار الذين يقومون بشراء القطع الأثرية، جميعهم أو أغلبهم يعملون بإذن من «النصرة» مقابل حصوله على نسبة.
من جانبه أشار منير قساس، وهو أحد كوادر متحف إدلب، الخاضع لسيطرة «النصرة»، إلى أن المواقع الأثرية في منطقة جبل الزاوية تعرضت لأضرار كبيرة، كما تم تدمير البعض منها بشكل شبه كامل خلال الآونة الأخيرة.
وبيّن قساس أن معظم القرى الأثرية في منطقة جبل الزاوية تعرضت لأضرار مختلفة ولا يمكن تحديد نسبة الأضرار بدقة لأنها متفاوتة من موقع إلى آخر وأحياناً ضمن الموقع نفسه.
وتضم منطقة جبل الزاوية مواقع أثرية مهمة، بعضها مازالت ظاهرة للعيان بأطلالها وأبنيتها الحجرية والبعض الآخر اندثر ولم يبق منه سوى كتل حجرية.
وتهدد أعمال ﺍﻟﺘﻨﻘيب غير المشروعة والعشوائية التي تتم بأساليب بدائية وبأيدي ﺃﺷﺨﺎﺹ ليس لديهم إلمام بعلوم ﺍﻵﺛﺎﺭ والتنقيب، بضياع وزوال قطع ومواقع أثرية تشهد على تاريخ حافل يعود إلى آلاف الأعوام.
ويتعامل ﺗﺠﺎﺭ وسماسرة الآثار في إدلب مع آخرين ﻓﻲ تركيا، ﻭمن هناك يتم ﺑﻴﻌﻬﺎ لمتاحف ﻭﻣﻬﺘﻤﻴﻦ بالآﺛﺎﺭ ﻓﻲ أوروبا.
وفي السياق، أوضح قساس أن عمليات الحفر بحثاً عن اللقى مستمرة منذ سنوات، حيث تعرضت مواقع كثيرة للتخريب والتكسير المتعمد للتوابيت والمدافن الحجرية، لاسيما في المدفن الهرمي بمنطقة البارة، إضافة إلى الحفر العشوائي وتكسير الحجارة الأثرية لاستخدامها في البناء مجدداً.
وكشفت تقارير إعلامية في 24 كانون الأول 2017 عن قيام «النصرة» بتفريغ كامل القطع الأثرية والمقتنيات الموجودة في متحف إدلب ونقلها إلى جهة مجهولة، وأشارت إلى أن ذلك تمّ سراً من دون علم الموظفين في المتحف أو أي جهة أخرى.
واقتحم مسلحون من ميليشيات الأوزبك التابعة لـ«النصرة» في 11 حزيران 2021 متحف إدلب، وقاموا بتحطيم سبعة تماثيل على لوحة جدارية بحجة أنها أصنام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن