قضايا وآراء

المعركة الأبرز في الانتخابات العراقية

| أحمد ضيف الله

في الـ10 من تشرين الأول الجاري، تجرى الانتخابات النيابية العراقية المبكرة، وهي الخامسة منذ الاحتلال الأميركي للعراق وسقوط نظام صدام حسين عام 2003، فقد كانت الدورة الانتخابية الأولى عام 2005، وسيبدأ التصويت الخاص للقوى الأمنية، والنازحين ونزلاء السجون، في الـ8 من تشرين الأول الجاري.
هذه الانتخابات تجرى قبل موعدها الدستوري بنحو 7 أشهر، حيث سيقوم نحو 24 مليون ناخب، باختيار 329 نائباً من بين 3249 مرشحاً، موزعين على 83 دائرة انتخابية، بينهم 785 مرشحاً مستقلاً، و963 مرشحة لشغل النسبة المخصصة للنساء في المجلس البالغة 25 بالمئة، والباقي هم مرشحون عن 21 ائتلافاً و176 حزباً.
الإعلان عن النتائج سيكون بعد 24 ساعة من انتهاء عملية الاقتراع، ووفقاً لقانون الانتخابات الجديد أصبح بإمكان الناخب التصويت على مرشحين أفراد فقط، بدلاً من التصويت لحزب أو قائمة مرشحين، حيث الفائز هو من سيحصل على أعلى الأصوات في دائرته الانتخابية.
رسائل الطمأنة الحكومية للناخبين، إضافة إلى تأكيدات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عن نزاهة عملية الاقتراع الانتخابية، وبأنه لن تكون هناك عمليات تزوير، لم تُزِل حالة القلق السائدة من: السلاح المنفلت، وتأثير المال السياسي، والتزوير، على الرغم من أن الانتخابات السابقة جرت جميعها في ظل ذلك.
إن الإجراءات التقنية المتخذة في الدورة الانتخابية الحالية، مغايرة تماماً عمّا كانت عليه في الدورات الانتخابية السابقة، التي ستقلل إلى حد كبير من مستوى وإمكانية التزوير، كالذي جرى في الدورات الانتخابية السابقة.
المعركة الأبرز في العملية الانتخابية هي في إقناع الجمهور العراقي عامة بالمشاركة في العملية الانتخابية وعدم المقاطعة، في ظل عدم الاكتراث والفتور الملحوظة تجاه برامج المرشحين والعملية الانتخابية عموماً، نتيجة الأزمات الاقتصادية والفساد واليأس من تكرار المشهد الانتخابي من دون نتائج ملموسة.
كل القيادات التنفيذية في العراق، صار شغلها الشاغل، هو حثّ الجمهور على المشاركة الواسعة في الانتخابات، وكلها أمل أن يؤدي ذلك إلى تغيير ملحوظ في الخريطة السياسيَّة داخل المجلس النيابي، لدرجة أن المفوضية العليا المستقلة أعلنت في الـ27 من أيلول الماضي، مكافأة مالية مقدارها 10 آلاف دينار لمن يسارع إلى استلام بطاقته الانتخابية البايومترية! كما أن المرجع الديني آية الله علي السيستاني شجع في بيان له في الـ29 من أيلول الماضي «الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات المقبلة.. لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفؤة عن مفاصلها الرئيسة».
دعوات مقاطعة الانتخابات النيابية، تتولاها أربع مجموعات:
الأولى: لا تريد نجاح أي ممارسة ديمقراطية تجري في العراق، وهم في العادة من معارضي العملية السياسية، من بقايا فدائيي صدام والحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية والتشكيلات البعثية للنظام السابق.
الثانية: هي الجمهور المحبط من الأداء العام للعملية السياسية، لاعتقاده أن النتائج محسومة، وبأن المقاطعة ستسلب الفائزين شرعيتهم.
الثالثة: هي قوى سياسية صغيرة، لها جمهور محدد وثابت ومشاركته مضمونة في الانتخابات، تقف باتجاه المقاطعة، عبر حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف تقليل عدد الناخبين من غير جمهورها، ما يجعل فرصة فوز مرشحيها أكبر.
الرابعة: هي أحزاب، انسحبت من السباق الانتخابي، لعدم قدرتها على تحقيق نتائج مقبولة في الانتخابات، كالحزب الشيوعي العراقي، وحزب الوفاق برئاسة إياد علاوي، وجبهة الحوار الوطني برئاسة صالح المطلك، إضافة إلى عدد من القوى المنبثقة عن ساحات تظاهرات تشرين.
المشهد الانتخابي العام تسيطر عليه القوى السياسية التقليدية، التي ستحافظ على وزنها السياسي، لأنها قادرة على تحشيد وضبط جمهورها المتحزب والمضمون، لانتخاب مرشحيها، وخاصة أن لديها القدرة التنظيمية والإعلامية والخيرية الفاعلة، ما يجعل أمر زحزحتها عن المشهد الانتخابي، أمراً صعباً.
إن التغيير الذي سيحصل بعد الانتخابات سيكون نسبياً، وهو بالوجوه فحسب، كما لا يتوقع ظهور ائتلاف أو حزب فائز بعدد كبير من المقاعد وبفارق مريح عن أقرب منافسيه، عدا أن شكل التحالفات الأكيد والمؤثر سيكون بعد إعلان النتائج الانتخابية، التي سيتم وفقها الاتفاق على رئاسات العراق الثلاث، الجمهورية، والمجلس النيابي، ورئاسة الوزراء، فتجارب الانتخابات النيابية السابقة، بينت أن تحالفات ما قبل الانتخابات هي تحالفات قصيرة الأمد وزائلة، وحتى تحالفات ما بعد الانتخابات هي هشة، معرضة للاهتزاز حسب الظروف وحالة الصراعات الداخلية.
إن تدني نسبة المشاركة بالتصويت هو أمر محتمل، وإن كان من المتوقع أن تكون أفضل من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2018، التي بلغت 44.52 بالمئة، التي ستعبر من دون شك عن مدى الرضا الشعبي عن أداء السياسيين والعملية الانتخابية برمتها.
وتبقى للعمليات الانتخابية مفاجآتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن