طالب المجتمع الدولي بإبقاء سورية على قائمة الأولويات لأن الاحتياجات فيها كبيرة جداً … شبانة لـ«الوطن»: إعاقة وصول الخدمات الأساسية تؤثر في فاعلية تقديم المساعدات
| سيلفا رزوق
عبر مدير المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان، لؤي شبانة، عن ارتياحه وسعادته بمستوى التعامل بين مكتب الصندوق في دمشق وبين المؤسسات الحكومية ذات العلاقة في سورية، وبيّن أن كل ما تقدمه الأمم المتحدة ليس الضامن الأساسي لاحتياجات الناس، لافتا إلى أن ما تقوم به الدولة بالتأكيد هو أكبر بكثير مما تقدمه المنظمات مجتمعة.
وفي مقابلة مع «الوطن»، أكد شبانة أن كل ما له علاقة باحتياجات الناس يجب التعامل معه بشكل إيجابي، وأن ما يهم الأمم المتحدة هو الوصول إلى المحتاجين للخدمات الأساسية والوصول إلى الناس ليتمكنوا من العيش الكريم وممارسة حقوقهم كما أقرتها المواثيق الدولية، مشدداً على أن أي إعاقة لوصول هذه الخدمات، بالتأكيد هي مسألة تعيق عملية وفاعلية تقديم المساعدات، وأضاف: «نحن ندعو دائماً لأهمية ضمان أن يصل للناس كل ما يحتاجون إليه وفقاً للمواثيق الدولية».
وشدّد شبانة على ضرورة الالتفات إلى أن الاحتياجات في سورية كبيرة، وقال: «أهم رسالة أود قولها إنه يجب على المجتمع الدولي إبقاء سورية على قائمة الأولويات، فيما يتعلق بتوفير الدعم لأن الاحتياجات كبيرة وكبيرة جداً».
وفيما يلي نص المقابلة:
• بداية ضعنا بصورة طبيعة زيارتك إلى سورية وتفاصيل اللقاءات والجولات الميدانية التي قمت بها حتى الآن؟
هذه الزيارة يمكن وصفها بالتقليدية إلى سورية، ونحن نقوم بزيارات اعتيادية على مكاتبنا في كل الدول للاطلاع على البرامج ونلتقي الطواقم وباقي منظمات الأمم المتحدة، كما نلتقي الشركاء سواء الحكومة أو المجتمع المدني المنفذين على الأرض. أنا موجود لمدة أسبوع وقد أجريت سلسلة من اللقاءات المهمة مع وزراء الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، والصحة حسن الغباش، والتعليم العالي بسام إبراهيم، وأنا مرتاح وسعيد بمستوى التعامل بين مكتب الصندوق في دمشق وبين المؤسسات الحكومية ذات العلاقة. وناقشنا آفاق العلاقة والتعاون المستقبلي واطلعنا على الاحتياجات في سورية، خلال الزيارات الميدانية إلى حمص والغوطة بريف دمشق وأهم رسالة وانطباع حصلت عليه بأن هناك احتياجات كبيرة وكثيرة، وهناك حاجة لجهود أكبر للوصول للاحتياجات والناس، لاسيما أن هذه الاحتياجات أساسية جداً كمياه الشرب والمياه النظيفة، وتمكين النساء، والقضايا المتعلقة بالرزق اليومي، والحصول على الخدمات الأساسية للصحة الإنجابية وصحة النساء، لذلك عملنا في الصندوق هو عمل أساسي ومهم ويتكامل مع بقية منظمات الأمم المتحدة العاملة في سورية ويتكامل أيضاً مع البرامج الحكومية التي تقوم بجهود كبيرة في الوصول للناس، ومحاولة تلبية الاحتياجات الاجتماعية الصحية والتعليمية والاحتياجات المتعلقة بالمسكن وكل ما يتطلبه العيش الكريم.
• مما تفضلت به، أن هناك تأكيداً من قبلكم على أن الحكومة السورية تبذل جهوداً كبيرة لتلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، لكن كيف رأيت تأثير تداعيات الإجراءات القسرية الأحادية الجانب الظالمة المفروضة على سورية خلال لقاءاتكم وجولاتكم؟
سورية تمر بأوضاع غير طبيعية منذ عدة سنوات، وبالتالي من الطبيعي لأي دولة أخرى وليس سورية فقط مرت بهذه الظروف الصعبة استثمار جزء كبير من موارد الدولة فيما يخص الأوضاع الأمنية والأوضاع العسكرية على الأرض، وبالتأكيد قدرة الحكومة على تلبية الاحتياجات الأخرى فيما يتعلق بالناس، ولكن كل ما تقدمه الأمم المتحدة على أهميته ليس الضامن الأساسي لاحتياجات الناس، فما تقوم به الدولة بالتأكيد هو أكبر بكثير مما تقدمه المنظمات مجتمعة، وهذا لا ينطبق على سورية فقط وإنما على أي دولة أخرى، الأمم المتحدة تقوم بدور تكميلي وتقوم بدور تقني لمساعدة الأجهزة الحكومية على القيام بواجباتها. في الجانب الإنساني صحيح أن الأمم المتحدة هي التي تتولى القيادة لكن هذا الموضوع ما زال بحاجة إلى جهود أكبر وإلى تمويل أكبر لأن الاحتياجات على الأرض كثيرة، وخلال زيارتنا إلى حمص شاهدنا مناطق الدمار وهذه المناطق حتى يتم إعمارها هي بحاجة إلى سنوات كثيرة وبحاجة لأموال أكثر بكثير مما هو متوفر حالياً.
• أليست بحاجة أيضاً لفك الحصار عن سورية الذي يمنع السكان من محاولة إعادة إعمار منازلهم ويمنع وصول الأموال وإطلاق عجلة الاستثمار في البلاد؟
كل ما له علاقة باحتياجات الناس، نعتقد أنه يجب التعامل معه بشكل إيجابي. نحن ما يهمنا في الأمم المتحدة الوصول إلى المحتاجين للخدمات الأساسية والوصول إلى الناس ليتمكنوا من العيش الكريم وممارسة حقوقهم كما أقرتها المواثيق الدولية، وبالتالي أي إعاقة لوصول هذه الخدمات والمعلومات والتمويل والأدوات والأجهزة، بالتأكيد هي مسألة تعيق عملية وفاعلية تقديم المساعدات، ونحن ندعو دائماً لأهمية ضمان أن يصل للناس كل ما يحتاجون إليه وفقاً للمواثيق الدولية.
• خلال لقائكم الوزير المقداد، أشاد وزير الخارجية بعمل الصندوق في سورية، في حين أشرتم إلى أولويات في عمل الصندوق في سورية، ما الخطط التي وضعتموها في هذا الإطار مع التأكيد على الأولوية السورية؟
نحن نعمل في أربعة مجالات أساسية، المجال الأول هو السكان والتنمية ونعمل في ذلك على توفير المعلومات والبيانات الضرورية اللازمة لتحسين عملية اتخاذ القرار واستخدام مصادر البشرية والمالية المتوفرة بأحسن طريقة ممكنة وبأكثر فاعلية، والمجال الثاني هو الصحة الإنجابية وهناك برنامج كبير لدينا فيما يتعلق برعاية الحوامل والنساء والفتيات والمراهقات وكل ما له علاقة بالصحة الإنجابية بما في ذلك الخدمات والمعلومات وبما في ذلك التدريب لرفع القدرات للمؤسسات الأساسية سواء الحكومية أو مؤسسات المجتمع المدني، والمجال الثالث يتعلق بمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي وتمكين النساء، وأيضاً لدينا جزء من عملنا في هذا المجال هو محاولة الوصول للنساء في أماكن وجودهن من خلال الشركاء الأساسيين في معالجة قضايا العنف الاجتماعي والتوعية لمخاطر هذا العنف، وأيضاً لتقديم المشورة الفنية والمشورة القانونية لرفع قدرات النساء لتمكينهن من مناهضة العنف بأنفسهن، أما المجال الرابع فيتعلق بالشباب ونحن بدأنا بحوار مع الحكومة السورية في أي مجال يمكن العمل بقضايا الشباب، ونحن نركز بشكل أساسي على أن تتوفر للشباب القدرة على تلبية احتياجاتهم، وأن يحققوا أمنياتهم وأن يكونوا أعضاء فاعلين وإيجابيين في مجتمعاتهم.
• تتحدث عن مساعدة السكان لتأمين احتياجاتهم الأساسية وضرورة إعادة إعمار بيوتهم المدمرة وتأمين المياه أو تأمين ما يلزم لهم لإطلاق مشاريع تساعدهم على المعيشة، هل من خطط قريبة في هذا الإطار؟
مساعدة الأهالي ليست جزءاً من برنامجنا، نحن نركز بشكل أساسي على تنمية المهارات الأساسية، نحن نساعد في التدريب ورفع القدرات، ففي قضايا العنف المبني على النوع على سبيل المثال نساعد النساء على اكتساب مهارات أساسية، أما القضايا المتعلقة بالتأهيل وإعادة الإعمار فهي ليست جزءاً من تفويض الصندوق لا في سورية ولا خارج سورية.
• ماذا عن التعاون المستقبلي مع الحكومة السورية، هل أنتم متفائلون بخطوات جادة ومهمة؟
نسعى ونركّز بشكل أساسي على أهمية الوصول «للنطاق الإستراتيجي للتعاون بين الأمم المتحدة والحكومة السورية»، وفور توقيع هذا الإطار الذي نأمل أن يتم بأقرب فرصة ممكنة، سيكون هناك فاعلية أكبر على الأرض، لكن نحن بدأنا بحوار مع جميع الشركاء لتحديد الاحتياجات، وسنقوم بعمل برامج تلبي هذه الاحتياجات فيما يتعلق بالبرامج الأربعة التي تقع ضمن تفويض الصندوق.
نحن متفائلون دائماً، ولكن هذا التفاؤل ينبغي أن يتوازى مع العمل وهذا أمر مطلوب، ويجب أن يعلم الجميع أن الاحتياجات في سورية كبيرة وأهم رسالة أود قولها إنه يجب على المجتمع الدولي إبقاء سورية على قائمة الأولويات فيما يتعلق بتوفير الدعم، لأن الاحتياجات كبيرة وكبيرة جداً.
• هل تتوقع حصول استجابة أممية لهذه الدعوة التي وجهتها عبر «الوطن»؟
كل منّا يجب أن يقوم بما يستطيع والقيام بواجبه كما ينبغي، نحن علينا أن نوضح للجميع أهمية الاحتياجات على الأرض ونقدم البيانات والمعلومات، ومن خلال الحوار نحن دائماً متفائلون بأن تكون هناك استجابة وإيجاد طريق للتعاون المشترك لأنه السبيل الوحيد للوصول لحقوق البشر على الأرض، والشعب السوري هو جزء من هذا العالم وكل مواطن سوري له حقوق مثل أي فرد في هذا العالم وكل امرأة سورية لها حقوق مثل أي امرأة في العالم، ويجب علينا كأمم متحدة ومنظمات عاملة في المجال الإنساني والمجال التنموي أن نسعى بشكل دائم إلى أن يصلوا إلى حقوقهم.