قضايا وآراء

فيينا.. على طريق البوسطة

سامر ضاحي :

اجتمعت الدول التي لها مصالح في الأزمة السورية في العاصمة النمساوية فيينا في الثلاثين من الشهر الماضي بشكل موسع، بغياب كامل للسوريين ما عدا صورة تناقلتها صفحات «الفيسبوك» عن نادل في الفندق يعتقد أنه من الجنسية السورية، وكعادته المواطن السوري دفعه الأمل لاعتقادات أن يفضي اللقاء إلى حلول للأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات ونصف السنة. ورغم أن دمشق المعني الأول بتلك الاجتماعات لم تكد تعلن موقفها الواضح والصريح منها بعد.
ويذكرنا المجتمعون في فيينا، يوم جمعة الثلاثين من الشهر الماضي ويوم الجمعة الذي سبقه، باجتماعهم سابقاً مرتين في جنيف. الأولى كانت أيضاً بغياب أي ممثل عن السوريين ووصل بهم الأمر يومها إلى إعلان وثيقة، سميت «جنيف 1»، اعتبروها مبدأ للحل اللاحق ما زالوا يتشدقون بها حتى اليوم.
لم تتغير حتى أسماء الحضور في فيينا عن أسمائهم في جنيف لكن الضيف الجديد فقط هذه المرة كان إيران التي يبدو أنها تحولت إلى جزء من الحل للأزمة بعدما كانوا يعتبرونها سابقاً جزءاً من المشكلة.
أياً كان ما اتفق عليه (أصحاب المصالح والنفوذ) إلا أنه لا يعدو أن يكون خطوة غير فاعلة عملياً تجاه الحل الذي جاهرت دمشق بموقفها عبر نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد من العاصمة الحليفة طهران بأنها ترفض أي طرح لما يسمى «فترة انتقالية»، وأن الحل يبدأ بمكافحة الإرهاب الذي يجب على الدول المجتمعة اتخاذ مواقف عملية لوقف دعم تنظيماته التي تتخذ من حدود معظمها شوارع للمرور تفتقد الإشارات الصفراء أو الحمراء.
إذاً فيينا ستكون إحدى محطات البوسطة التي يجب أن تقل آمال السوريين من دون نتيجة كما أقلت المغنية اللبنانية العتيدة فيروز في مسرحية زياد الرحباني التي تحمل عنواناً يتطابق مع مشاعرهم «بالنسبة لبكرا شو»، إذ لا أفق بعد عن «بكرا» يجلب الفرج للسوريين بحل سياسي يجنبهم أثمان الحل العسكري المعقد ويوقف الدماء التي بدأت حرارتها تكوي مجتمعات أوروبا، والإرهابيون ما زالوا طلقاء بل محميين من معظم نجوم فيينا.
كما تتحدث مسرحية الرحباني عن استغلال رب العمل للفقير واضطرار الأخير لبيع كرامته مقابل المال وأحلام مؤجلة، وهو ما يأمله الغرب بأن يشتري من السوريين كرامتهم مقابل حلول ترضيه، وتؤجل أحلامهم بالعيش في سلام وأمان.
وحدها روسيا، التي يبدو أن حضورها في سورية ضد الإرهابيين لن يقتصر على ما توقعته في البداية بثلاثة أشهر، تحمل حقيبة الملف السوري بجدية إلى جانب إيران، حيث أكدت دعوتها لكل أطياف المعارضة المعتدلة للاجتماع في موسكو للتشاور من أجل تحديد وفد معارض شامل يفاوض النظام للخروج بحل سياسي يحقق مطالب السوريين جميعاً، لكن من لم يرق لهم تحركات الروس ما زالوا يمارسون الضغوط باتجاهين: الأول اختزال المعارضة بائتلاف أوجدوه يتيماً عبر جمعهم 500 شخص ادعوا تمثيل أطياف السوريين، والثاني الضغط على هذا الائتلاف لرفض التعاون مع موسكو في مساعيها للحل في سورية بحجة أن الروس باتوا «يحتلون» سورية، وكيف لا يسوق الغرب ومندوبو مبيعاته السياسية هذه الحجج وهم الذين باتوا يتخوفون على من دربوهم ودعموهم وخوفهم مشروع (سياسياً)؟ فمن أين سيحصلون ما دفعوه وصرفوه إن لم ينجح أولئك بقلب الطاولة واستلام سلطة سترزح تحت أطنان من الديون.
وبالعودة إلى فيينا فإذا أراد نجوم اجتماعاتها بجدية أن يسرعوا بحل للازمة السورية، فعليهم بداية دعوة السوريين إلى حضور فيينا وإجلاس أطراف الأزمة الأساسية إلى طاولة مفاوضات طرفاها الحكومة في دمشق من جهة وكل المعارضات المعتدلة من جهة ثانية بما يتوافق مع الرؤية الروسية، ودعم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي بدا أن خطته المتمركزة حول اللجان الأربع واقعية نوعاً ما ولو أنها لا تزال تعاني عدة نقاط يجب إصلاحها بسرعة من قبيل الشروط المسبقة كبيان جنيف 1 وإشراف دي ميستورا نفسه على أسماء وفود المعارضة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن