عربي ودولي

بعد الجزائر التي وصفت تصريحات ماكرون بـ«إفلاس في الذاكرة».. مالي تستدعي السفير الفرنسي في باماكو … جبهـات وأزمـات تنفجـر فـي وجـه بـاريس

| وكالات

تبدو باريس في علاقاتها الدولية في وضع متوتر فأغلب أزماتها مع الدول غير الحليفة ناجمة عن تصريحات نارية من ساستها، الأمر الذي ظهر بوضوح وخاصة في الأزمة مع الجزائر ومالي، علاوة على ما ينغص علاقاتها مع الحلفاء الكبار في المعسكر الغربي مما تعده فرنسا خذلاناً مثلما حدث في صفقة الغواصات مع أستراليا.
وأعلنت وزارة الخارجية المالية أمس الأربعاء، أنها استدعت السفير الفرنسي في باماكو للاحتجاج على التصريحات المسيئة التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن مالي.
وحسب ما نقلت عنها وكالة «فرانس بريس» قالت الوزارة في بيان إن وزير الخارجية المالي عبد اللـه ديوب «دعا السلطات الفرنسية إلى ضبط النفس وتجنب إطلاق أحكام تقييمية» مؤكداً رفض باماكو «التصريحات غير الودية والمهينة التي وردت على لسان ماكرون»، موضحاً أن وزير الخارجية عبر عن «احتجاج قوي على هذه التصريحات المؤسفة».
وفي وقت سابق قال ماكرون في تصريح: إن «شرعية الحكومة الحالية في مالي باطلة ديمقراطيا»، وهاجم بشدة رئيس الوزراء المالي تشوغويل كوكالا مايغا لأنه قال إن فرنسا بصدد «التخلي» عن مالي.
بدوره علق وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، خلال زيارته لدولة مالي على التصريحات الأخيرة للرئيس ماكرون التي تناول فيها تاريخ الجزائر ومالي، معتبراً أنها «إفلاس في مسألة الذاكرة»، كما أشار إلى أن علاقة بلاده مع فرنسا قائمة على مبدأ الأخذ والعطاء، ولا يمكن أن تتطور إلا بوجود احترام متبادل.
وكانت تصريحات مسيئة بحق الجزائر أدلى بها ماكرون شككت من خلالها في وجود أمة جزائرية قبل الحقبة الاستعمارية الفرنسية، والزعم بأن «النظام السياسي العسكري الجزائري أعاد كتابة تاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر على أساس كراهية فرنسا»، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً في البلاد ودفع الحكومة الجزائرية إلى استدعاء سفيرها في باريس محمد عنتر داود، تعبيراً عن رفضها لتدخلات الرئيس الفرنسي بشؤونها الداخلية وإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية، كما تحول طرد السفير الفرنسي من الجزائر إلى مطلب شعبي في ظل حالة الغضب العارمة التي اجتاحت الشارع الجزائري.
كما دخلت الدبلوماسية الفرنسية في مشاحنات وأزمات مع عدد كبير من الدول بما في ذلك الكبرى الحليفة مثل الولايات المتحدة وأستراليا، ناهيك عن أزمة جديدة متوقعة مع العملاق الصيني.
بينما تواجه باريس سلسلة مختلفة من الأزمات والمشاحنات في علاقاتها الدولية في مختلف أرجاء الكوكب، مع تركيا والولايات المتحدة وأستراليا والجزائر وحتى مالي، توجه نواب فرنسيون يتقدمهم وزير دفاع سابق في زيارة تضامن إلى «تايوان»، الأمر الذي رأت فيه بكين سبباً يهدد بالإضرار بمصالحها وبالعلاقات مع باريس وبصورة فرنسا ذاتها، في حين رفضت الخارجية الفرنسية الاحتجاجات الصينية مشددة على أن أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي «أحرار في تنقلاتهم».
ويبدو من الرد الفرنسي أن الدبلوماسية الفرنسية تصر على مواصلة نهج «المواجهة» والصدام حتى مع الصين، على الرغم من الأجواء العاصفة المحيطة بعلاقاتها مع عدد من الدول وخاصة الجزائر والتبعات الوخيمة التي قد تنجم عن ذلك.
وفي هذه المناسبة، مست التصريحات الموجهة إلى الجزائر تركيا وزادت من حدة توتر متواصل مع تركيا وصل حد التحالف عسكرياً مع اليونان في المتوسط في ظل أزمة بين أثينا وأنقرة وخاصة على ثروات المتوسط.
وحسب موقع «روسيا اليوم» رأى المتحدث باسم «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا عمر جليك، في هذا السياق أن الرئيس ماكرون «يهاجم تركيا للتهرب من مواجهة إرث بلاده الاستعماري»، مشيراً في تعليق على الأزمة بين باريس والجزائر إلى أن الأخيرة «تطالب فرنسا بمواجهة ماضيها الاستعماري، إلا أن ماكرون عوضاً عن ذلك يوجه الاتهامات لتركيا من خلال الإشارة إلى الإمبراطورية العثمانية»، وأن ما صدر عنه لا يصدر عن «رئيس دولة».
وكان التوتر في علاقات فرنسا امتد مؤخراً إلى مالي ومستعمرتها السابقة في إفريقيا، وظهرت تجليات ذلك في استدعاء الخارجية المالية للسفير الفرنسي للاحتجاج على «التصريحات غير الودية والمهينة الصادرة عن الرئيس ماكرون بخصوص مؤسسات الجمهورية».
شرارات التوتر تطايرت ووصلت إلى بريطانيا، حيث حذر رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، لندن من أن بلاده ستعيد النظر في «العلاقات الثنائية» مع بريطانيا، على خلفية خلاف على حقوق الصيد بين البلدين، بينما صرّح رئيس الحكومة الفرنسية بعدم إمكانية التسامح مع بريطانيا متهماً إياها بأنها لا تحترم التزاماتها بشأن «بريكست»، مشيراً إلى أن التعاون الثنائي بين البلدين في خطر.
وكانت مشاعر الغضب قد عصفت بباريس في أعقاب إلغاء أستراليا عقداً بالمليارات لشراء غواصات من فرنسا واستبدالها بغواصات من تصميم أميركي في إطار تحالف «أوكوس» الأمني الجديد مع واشنطن ولندن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن