ثقافة وفن

تسليم جوائز الدولة التقديرية لعام 2021 … وزيرة الثقافة: الجائزة اعتراف بأهمية نتاج المُقدّر وإدراك عميق بفضله لمنتجاته الإبداعية

| سوسن صيداوي- ت: طارق السعدوني

شعلة الإبداع يجب ألا تنطفئ، وأن تبقى نوراً متوهجاً لكل الأجيال القادمة، ليخبروا عن مدى عظمة حضارتنا وكم كانت مهمة ومحل تقدير. وبالتالي يجب أن تبقى العقول ساطعة، لتستطيع دحض الاحتلال الذي يغزو الفكر والثقافة ليدمر الهوية الوطنية. وانطلاقاً من هذا وعملاً بالمرسوم التشريعي رقم / 11 / لعام 2012 الصادر عن رئيس الجمهورية بشار الأسد، والقاضي بمنح جائزة الدولة التقديرية وجائزة الدولة التشجيعية، وهما جائزتان تُمنحان سنوياً في سورية من وزارة الثقافة، لمواطني الجمهورية العربية السورية في مجالات الفنون والآداب، للمبدعين والمفكرين والفنانين، تقديرا لهم على عطائهم الإبداعي والفكري والفني، ولا يجوز اقتسامهما كما لا يجوز منحهما إلا للأحياء. وبموجبه تمّ برعاية الدكتورة لبانة مشوّح وزيرة الثقافة وزارة الثقافة، حفل تسليم جوائز الدولة التقديرية لعام 2021 في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، للفائزين السادة: الأديب محمد أبو معتوق، الدكتور عيد المرعي، الفنان التشكيلي أحمد نشأت الزعبي. وافتتح الحفل بالوقوف دقيقة صمت لأوراح شهدائنا الكرام، وبالنشيد الوطني للجمهورية العربية السورية، ومن ثم كلمات الفائزين وكلمة وزيرة الثقافة وتقديمها الجوائز للفائزين.

تقدير لعطاء إبداعيّ

أكدت د. لبانة مشوّح وزيرة الثقافة على أهمية جائزة الدولة وبتقديرها للمبدعين سواء أكانت التشجيعية أو التقديرية، من حيث دفع المبدعين إلى الابتكار والعطاء بشكل أكبر، وحول الجائزة التقديرية أشارت إلى أنها أيضاً من الأهمية بمكان، لكونها مختصة بمن هم فوق الأربعين سنة، وهؤلاء يجب دعهم بشكل دائم لأن خبراتهم ناضجة. ولتتابع في كلمتها قائلة «إن وزارة الثقافة منذ عام 2012 وهو تاريخ صدور المرسوم التشريعي رقم 11 القاضي بإحداث جائزتي الدولة التقديرية والتشجيعية في مجال الأدب والفنون. دأبت على تكريم المبدعين والمفكرين والفنانين تقديراً لهم على عطائهم الإبداعي في حقول الأدب والدراسات والفنون. إنه اعتراف بأهمية نتاج المُقدّر وإدراك عميق بفضله وبضرورة التعريف به وبنتاجه ونشره لما يحمله من قيمة إبداعية أو معرفية أو فكرية.

تكرم الثقافة كوكبة ممن يقدّر إنتاجهم في حقول الأدب والفن التشكيلي، والدراسات التاريخية والأثرية، وكل في مجاله، ولأسباب ارتأتها لجنة متخصصة مؤلفة من كوكبة من رجال الفكر والأدب ومن الفنانين التشكيليين والنقاد والباحثين. توخينا في انتقائهم سعة الثقافة وعمق المعرفة ونبل الأخلاق والحكمة والأناة والحيادية. اجتمعوا واقترحوا وتبادلوا الرأي وصوتوا فأتت النتيجة على النحو الذي أعلناه. أعلام ثلاثة برع كل منهم في مجاله وتميز بموهبته ودأبه ونتاجه فحق لكل منهم أن يكرّم من الدولة بجائزة هي الأرقى في حقول الفنون والآداب والدراسات».

جائزة الأدب

صاحب هذه الجائزة هو الأديب والأستاذ محمد أبو معتوق، الذي تنقّل بين فنون الأدب وأجناسه، وقطف من كل بستان زهرة يقدمها لنا. فله منجزات عديدة في الرواية والقصة والقصة القصيرة، كما غامر بكتابة الشعر والدراما التلفزيونية، وأيضاً نُشرت له عشرات الروايات في سورية وخارجها، وفي كلمته قال: «في الحرب تستنفد الحياة كل قدراتها، لتنتج الكثير من الحب لمواجهة البغض الذي تصنعه الحرب. أحب أن أقول عن وطني إنه حديقة، وإن الناس فيها منقسمون، قسم يغرس الورد ويزرعه، وقسم يعبث به. العابثون بالورد قد يحتفظون بقسم من عبقه، غير أن غارسي الورد يمتلكون معناه، يمتلكون إمكانية أن ينهض ويُزهر. عندما كانت الحرب ومازالت، كنت أشعر بوحدة جارحة، وغياب عن العالمين، كنت وحيداً وكان باب بيتي وحيداً مثلي، وبعد طول انتظار، طرق الباب وفوجئت بغارسي الورد وقالوا لي: نحن غارسو الورد ونحن الباحثون عن الإبداع، جئنا لنقول إنك لست وحدك، وإن الكثيرين منتبهون لك ومتابعون بعض أمرك وإنك قد فزت بجائزة تقديرية وهي جائزة الإبداع». خاتماً كلامه موجهاً الشكر الجزيل لوزارة الثقافة ممثلة بالدكتورة مشوح، ولكل المؤسسات المعنية بحماية الإبداع والنهوض به، وبالشكر لكل من تبنى اسمه ليفوز بالجائزة.

جائزة الفن التشكيلي

تميز مذ كان على مقاعد الدراسة وبرع فناناً تشكيلياً، ومصوراً بفنه التراث الشعبي السوري، متخطياً بريشته وخطوطه وبأسلوبه المدارس الانطباعية والتعبيرية والتجريدية، مستحضراً صوراً للريف والمدن السورية العريقة، وهو إضافة إلى ذلك جامعيّ ونقابيّ مخضرم، إنه الفنان التشكيلي أحمد نشأت الزعبي، وفي كلمته قال: «أبدأ كلمتي بالشكر والامتنان لكل من كان وراء هذا التقدير والذي أرجو أنني أستحقه، كما أرجو أن يكون العمل ولو بنقطة واحدة بتوجيهات الأمل بالعمل بترسيخ المبادئ والقيم الأخلاقية الكريمة ووضعها في منحى تصاعدي لإعادة بناء هذا الوطن. أهدي تكريمي هذا لأحفادي وأولادي، وإلى روح زوجتي التي فارقتنا منذ أيام قليلة، كما أهديه أيضاً لأصدقائي الذين فارقونا في هذه الحياة، ولأرواح الشهداء، وأخيراً لكل من يعمل بإخلاص وبالضمير الحي والشرف والصدق بالإحساس ليس في مجال الثقافة بل بكل مجالات الحياة».

جائزة الدراسات والنقد والترجمة

التعمّق بأقدم الدراسات ومتابعتها من خلال البحث الدراسيّ الجاد، لتكون منتجاً ابداعياً بالوثائق والكتب يذهب إلى الأجيال وطالبي المعرفة لتساعده في أبحاثهم، هو عمل صعب ونبيل في الوقت نفسه. وصاحب هذه الجائزة هو باحث تعمّق في الحضارات، ليحكي لنا عن حضاراتنا الأكادية والآرامية والإبلائية وجذور العربية وروافدها، لندخل التاريخ من أوسع أبوابه، إنه الأستاذ الجامعي الذي دفع أجيالاً من المختصين للتخرج بالتاريخ والآثار إنه الدكتور عيد مرعي، ليقول في كلمته : «جميل أن يكرّم المرء في وطنه على ما قام به من أعمال فكرية وغير فكرية، ويكتسب هذا التكريم أهمية كبرى ومعنى خاصاً عندما يكون هذا الوطن مكلوماً، يخوض حرباً ضد قوى الشر والإرهاب، التي تتكالب عليه والتي تحاول تفتيته وتمزيقه إلى مناطق صغيرة ضعيفة لا وزن لها، وبالسيطرة على خيراته وثرواته، والقضاء على دوره في صنع التاريخ، والقضاء على منجزاته الحضارية التي تحققت على مر السنين، وعلى الرغم من الجرح العميق الذي يعانيه هذا الوطن، فما زال قادراً على حماية أبنائه، من خلال تكريمه على ما قدمه من إنجازات مهمة في مختلف الميادين خلال العقود الماضية ولاسيما العشرية السوداء التي عاشها وما زالت نتائجها مستمرة، إن هذا الوطن سورية الذي هو قلب العالم ويشع حضارة ونوراً على المناطق المجاورة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن