ثقافة وفن

في حضرة غياب الفنان التشكيلي أدهم إسماعيل … سبعون عملاً من منجزه في خطوة فنيةٍ رائدة لأعمال تضجّ قيمةً وحياةً

| سوسن صيداوي - تصوير: طارق السعدوني

في الحركة التشكيلية السورية، الرواد الذين كانوا وما زالوا المؤسسين لها، وأعمالهم نابضة بالروح لتستمر وتكون مدرسة للزملاء والأجيال القادمة من محبي وطالبي الفنون التشكيلية بأعمال متنوعة في الانتماء للمدارس الفنية، وفي مواضيعها تُغني الحالة السورية، وتطلقها لتكون محل اهتمام وتقدير من العالمية.

بعد غياب طويل بدأ منذ عام 1963، ما زال الحضور لافتاً وهو محل اهتمام وتقدير للفنان التشكيلي أدهم إسماعيل، الذي احتفى محبوه من الزملاء والطلبة والمهتمين بالفن التشكليّ، بمشاهدة بعض من أعماله والتي بلغ عددها ما يفوق سبعين عملاً، متفاوتة الأحجام ومختلفة المواضيع، في غاليري جورج كامل بدمشق.

كان الحضور مستمتعاً بمعاينة اللوحات التي تباينت بين البورتريهات، والمناظر الطبيعية، لتذهب إلى التكعيب والتجريد وغيرها الكثير من المواضيع المتنوعة.

«الوطـن» رصدت الحالة السائدة بمشاعر الزوار، والذي من بينهم من امتنع عن الحديث لكونه من أصدقاء الفنان الراحل، وشاركه في مراحل تطور حياته الفنية، ومن بينهم من كان طالباً وتتلمذ على يد أدهم إسماعيل. المشاعر كانت متفاوتة بين الحزن والسعادة، الحزن للفراق، والسعادة لمشاهدة أعمال فيها الكثير من الريادة التشكيلية.

رائد في الحركة التشكيلية

توقفنا مع عماد كسحوت مدير مديرية الفنون الجميلة في أثناء جولته على اللوحات المعروضة، وبدا عليه استمتاعه بمشاهدتها واحدة تلو الأخرى، ليحدثنا عن الفنان التشكيلي قائلاً: «الفنان أدهم إسماعيل من الفنانين الرواد السوريين، ولد أدهم في أنطاكية، وتوفي في دمشق. تمكن خلال فترة وجيزة أن يقدم تجارب مهمة، وفي فترة الأربعينيات رسم الطبيعة، وفي الخمسينيات ذهب في اتجاه الحداثة ورسم «موتيفات» مهمة جداً، كما رسم عدة لوحات عبرت عن الأحداث السياسية المعاصرة وفق رؤيته الفنية الخاصة، وبصيغة فنية ازدادت متانة وقوة. كان لإسماعيل أثر كبير في انتقال الحركة التشكيلية السورية من الواقعية إلى التجريد إلى جانب مجموعة فنانين مهمين في سورية، وفي حياته كان برتبة ضابط في الجيش العربي السوري، ولكن الفن استحوذه حيث تنقل فيه بين الرسم والتدريس، ليترك لنا خلال مشوار حياته القصير إرثاً لا يستهان به من اللوحات، عبّر خلالها أدهم إسماعيل عن حسّه الجمالي بتصوير الأرض والحركة والطبيعة والزهرة والمرأة، وعمّق تجربته الفنية في موضوعات أخرى وطوّرها كي تنسجم الحركة مع المساحة واللون، حتى غدت تبدو في كل أعماله معبّرة عن رغبته في تقديم فن حديث بروح عربية بالخط واللون وعلاقاتهما اللامتناهية. وهكذا يكون أدهم قد أسهم في تحديث الأسلوب التشكيليّ السوريّ».

كلمة من القريب

وكان بين الحضور ريعان إسماعيل ابن أخ التشكيلي الراحل أدهم إسماعيل، وحدثنا ببعض الكلمات قائلاً: أدهم وعزيز ونعيم هم إخوة والثلاثة رسامون. أنا ابن نعيم، وعمي أدهم ترك لواء إسكندرون لينتقل إلى حلب ثم حماة وأخيراً دمشق. دخل ليدرس القانون في كلية الحقوق بجامعة دمشق، ثم تركها والتفت لدراسة الفن ليسافر إلى روما ويتخرّج في أكاديمية الفنون الجميلة في روما/ قسم الديكور. تعلّم فن الميدالية والإفريسيك في معاهد إيطاليا، وعاد إلى سورية في الخمسينيات، وبقي يعمل في مجال الرسم والتدريس، إذ عمل مدرساً للتربية الفنية في ثانويات بدمشق، وقام بتدريس الفنون في كلية الفنون الجميلة فيها. انتقل إلى القاهرة ليعمل مستشاراً فنياً في وزارة الثقافة أيام الوحدة بين سورية ومصر.

وللأسف توفي في عمر صغير إذ كان في الأربعينيات من عمره. يعتبر أدهم إسماعيل من رواد الحداثة في سورية، ومركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية هو مؤسسه، وحينها لم يكن يحمل اسمه، ولكن بعد وفاته سُمي باسمه تكريماً له. تجارب إسماعيل غنية جداً، وهي لا تزال حتى اليوم محط اهتمام ودراسة، فأعماله كانت بين الكلاسيكية والحداثة، هذا كما كان يُقحم فلسفته وأفكاره بمواضيعه التي لا تأتينا بطريقة معتادة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن