عربي ودولي

أكدوا أن مرتكب مجزرة الطيونة وضع نفسه في خدمة مشاريع معروفة الارتباطات.. وميقاتي: على القضاء أن يتخذ ما يراه … نواب ومحللون لبنانيون لـ«الوطن»: محاولات استدراج لبنان إلى الفتنة لن تنجح

| سيلفا رزوق

كشفت أحداث منطقة الطيونة في العاصمة اللبنانية بيروت، التي راح ضحيتها سبعة أشخاص في كمين، إثر إطلاق قنّاصين النار من على أسطح المباني التي تحصَّنوا فيها على محتجّين سِلميين عُزّل ضد تسييس القضاء في قضية انفجار مرفأ بيروت، عن دخول لبنان في مرحلة دقيقة هدفها إحداث حرب أهلية عبرت عنها التصريحات التي أطلقها رئيس حزب القوات اللبنانية أول أمس واعترف فيها بشكل غير مباشر بمسؤولية حزبه عما جرى.

الموسوي: الأمور تحت السيطرة

عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إبراهيم الموسوي، اعتبر في تصريح لـ«الوطن»، أن موقف الكتلة وحزب اللـه حول الأحداث الأخيرة سيعبر عنه الأمين العام للحزب حسن نصر اللـه غداً الإثنين، واعتبر أن كل شيء متوقع في الأيام القادمة ومنها خيار التصعيد، لاسيما أن مرتكب مجزرة الطيونة هو من وضع نفسه في خدمة مشروع معروفة ارتباطه أين، وهو مشروع ضد مصلحة الوطن وضد مصلحة البلد وخياراته الحقيقية.

الموسوي شدد على أن الأمور في لبنان هي تحت السيطرة، وقال: «ما يجري اليوم هي زواريب هامشية لا قيمة لها أمام المعارك الإستراتيجية، ونحن اعتدنا خوض الحروب الإستراتيجية»، وأضاف مستدلاً ببيت الشعر: «وإذا اعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول».

من جهته اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم في تصريح مماثل لـ«الوطن»، أن ما حصل في الطيونة كان محضراً له عن سابق تصور وتصميم لأخذ البلاد إلى فتنة تخدم أجندات خارجية وداخلية ولهذا كان المطلوب أن تسفك دماء الأبرياء في هذه المجزرة لتكون الأمور أسهل في رسم معالم الفتنة التي أرادها محضرو هذا الإجرام والمحرضون عليه والمشاركون فيه.

وبين النائب هاشم أن الموضوع لا يحتاج إلى الكثير من عناء التفسير والاجتهادات، والأمور واضحة بعد كلام الكثيرين ممن كانوا يتنطحون حول قضية المرفأ واستهدافات هذا الملف لفريق سياسي مقاوم، من خلال هذا الملف الذي أصبح واضحاً أن من أراده بهذا الشكل إنما أراد أن يفتح الأمور على مصراعيها لفتح أبواب لبنان على جهنم المؤامرات الخارجية من خلال الدماء التي طالما راهنوا أن سفكها سيأخذهم إلى حيث يريد الخارج، لافتاً إلى أن كلام سمير جعجع وما قاله صراحة حول مسؤولية فريقه بشكل مباشر أو غير مباشر، يجب وضعه في مصاف العمل المحضّر والمعد له والذي يتطلب من القوى الأمنية والسلطات القضائية الإسراع في وضع الأمور في نصابها وتحديد المسؤوليات لتأخذ الأمور مداها الطبيعي، في إنزال العقوبة بحق المرتكبين والمحرضين والمعدين لهذه الجريمة الفتنة.

وأكد النائب هاشم أن فريقه السياسي قال كلمته في هذا الموضوع وأضاف: «صحيح كان هناك حكمة ودراية ووعي في التعاطي مع هذا العمل الإجرامي للملمة الجراح ولوضع حد لأصحاب هذا المشروع الفتنوي وتفويت الفرصة عليهم، فتمت الدعوة للتروي لكن مع الحسم والحزم بأنه لابد أن تصل الأمور إلى مصافها وإلى تحديد المسؤوليات حول كل من ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا الإجرام وهي أيام وفرصة أعطاها فريقنا السياسي للحكومة والمعنيين والمسؤولين ليتخذوا كل الإجراءات والقرارات التي تضع هذا الملف في مكانه السليم، حيث لابد من أن تكون هناك مكاشفة للرأي العام حول ملابسات ما حصل وبسرعة فائقة، قبل أن تأخذنا الفتن لمكان آخر ولا تبقى الأمور قابلة للإمساك، بل تتفلت في حال لم يبادر المعنيون في اتخاذ القرارات الجريئة وبشكل سريع وقبل فوات الأوان لتحصين الواقع الوطني ولحماية لبنان في مواجهة المؤامرات الخارجية التي لا تخدم سوى أعداء لبنان والعدو الإسرائيلي الذي قد يكون أكثر المستفيدين والمنتظرين لما ستؤول إليه الأمور إذا ما استمر النزف على هذا الشكل ودخلت البلاد في الفوضى التي تخدم مشاريع العدو الإسرائيلي.

هاشم: الحسم يبدأ من تنحي البيطار

وشدد النائب هاشم أن موضوع الحسم يبدأ من نقطة تنحي المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، لأن هذه النقطة هي ألف باء مسار الفتنة التي أطلت برأسها يوم الخميس الفائت والمسار القضائي الذي سلكه المحقق العدلي باستنسابيته وانتقائيته واستهدافاته السياسية جعل من هذا الملف ملفاً سياسياً كاملاً متكاملاً، من أجل استهداف فريق سياسي، مبيناً أن الاتصالات الجانبية التي جرت تحت الطاولة وفي كواليس الاتصالات ما هي إلا الصورة الصارخة عن حقيقة هذا الملف وجوهره والتي أصبح واضحاً أن السياسة هي التي تقوده وأن استهداف فريق للمقاومة والممانعة هو أهم استهدافات هذا الملف، وليس الحقيقة والعدالة، لأن الحقيقة والعدالة في مكان آخر، هذا لو أن القيمين يريدون فعلاً الوصول وتحديد المسؤوليات حول من أوصل البلد لهذه الكارثة الوطنية في انفجار مرفأ بيروت.

وأكد النائب هاشم أن ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وتنحية المحقق العدلي البيطار هو الأساس لإنهاء ذيول ما حدث في الطيونة وهذا أقل الإيمان بالحفاظ على قدسية الدماء التي سقطت وعدم ذهابها هباء من أجل معتوهين ومرتبطين ولا وطنيين في توجهاتهم ومسلكهم في القضاء والسياسة، مشدداً على حرص كتلة التنمية والتحرير والتيار السياسي التي تمثله على الاستقرار الوطني العام، وقال: «لهذا السبب كانت الاتصالات السريعة لوأد الفتنة في مهدها، والعض على الجراح، رغم حجم المأساة التي أصابت فريقنا من خلال هذه الدماء البريئة التي سقطت على قربان الرأي الحر في مواجهة غطرسة بعض القوى وتوجهاتها القضائية والسياسية».

القيادي السابق في حركة أمل محمد عبيد اعتبر في تصريح لـ«الوطن»، أنه من الطبيعي أن تسعى الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها في المنطقة وأدواتها في لبنان إلى استدراج قوى محور المقاومة إلى صراعات داخلية، وهذا أمر كان متوقعاً خصوصاً في الساحة اللبنانية، وذلك بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يعاني منه لبنان، وانعكاس ذلك على السياسة لجهة محاولات تحميل حزب اللـه مسؤولية هذا الانهيار، على أساس وقوفه في وجه المشاريع الأميركية و”تخريب» علاقات لبنان الدولية والعربية، كما يزعم هؤلاء.

عبيد: التوقيت ليس مفاجأ

وأضاف: «إن التوقيت ليس مفاجئاً بالنسبة لحزب اللـه ولقوى وشخصيات المقاومة، إذ إن المقدمات كانت واضحة من خلال الضغوطات الأميركية الاقتصادية والمالية على لبنان، وأيضاً عبر محاولات جر لبنان إلى التنازل عن حقوقه في ثرواتها من النفط والغاز في منطقته الاقتصادية الخالصة على الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة».

واعتبر عبيد أن الانتصارات التي حققتها المقاومة اللبنانية على الإرهاب ورعاته من عواصم عربية وعالمية، من خلال وقوفها إلى جانب الشقيقة سورية، إضافة إلى الحفاظ على تموضع لبنان في مواجهة العدوين الإسرائيلي والإرهابي، سيجعل من هذه المقاومة دائماً مشروع استهداف أميركي إسرائيلي بأدوات خارجية أو داخلية لبنانية، وما قامت به قوات سمير جعجع يندرج في هذا السياق، معتبراً أن حزب اللـه وحلفاءه ومن منطلق حرصهم على كيان الدولة ومؤسساتها وعلى السلم الأهلي سيحتكمون إلى المؤسسات القضائية والعسكرية والأمنية، لمعالجة محاولات جعجع ومن خلفه لاستدراج المقاومة إلى الشارع وإعادة عقارب الزمن إلى الوراء من خلال جر لبنان إلى حروب الميليشيات.

بدوره الباحث والمحاضر في الشؤون الإقليمية، مستشار رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص رفعت البدوي، اعتبر في تصريح لـ«الوطن»، أن ما حصل في مجزرة الطيونة كان مطلوباً من بعض الزعماء في لبنان من وزراء ورؤساء وزارة بدءاً من سعد الحريري الذي رفض الأمر خوفاً على الفتنة في لبنان رغم الاختلاف السياسي القائم حالياً معه، مبيناً أنه عند رفضه لهذا المشروع وذهابه للتفاهم مع الرئيس ميشال عون أغضب السعودية التي قررت شطبه من الساحة السياسية بأي شكل كان، مشيراً إلى أن إخفاق هذا المشروع جرت المحاولة مع جهات أخرى في لبنان لتنفيذ مآربهم، وهو ما جرى أيضاً مع رئيس الوزراء السابق حسان دياب الذي رفض أيضاً الغوص في هذه الفتنة ليحل عليه الغضب أيضاً، كاشفاً أن السفارة الأميركية في بيروت هي من طلبت هذا المشروع والاستعانة ببدائل عن فريق 14 آذار الذي أثبت إخفاقه فانبرى سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية ليقول إنني أنا على استعداد لمواجهة حزب الله، والذي حاول إبراز نفسه على أنه منفذ السياسة الأميركية في لبنان ويستطيع مواجهة حزب اللـه حتى في السلاح.

البدوي: الفكر الإسرائيلي لايزال معشعشاً

ولفت البدوي إلى أن الفكر الانفصالي والطائفي والفكر الإسرائيلي لا يزال معششاً، وعنوانه لا يزال واحداً وهو «معراب» الجاهز لتنفيذ السياسة الأميركية الخليجية، وعلى رأسها السعودية التي تسعى لاستهداف حزب اللـه كونه المهدد الرئيسي لإسرائيل أولاً ولأنها تعتبره بأنه يقدم المساعدات لأنصار اللـه في اليمن لذلك تعتقد السعودية بأن استهداف حزب اللـه يخدم سياستها في إضعاف أنصار اللـه في اليمن ويخدم مشروعها التطبيعي مع العدو الإسرائيلي، وقال: «في فترة من الفترات وخلال أيام الحج، دار الإفتاء لم تكن تستطيع تأمين فيزا حج لكن إذا جرى التواصل مع سمير جعجع يمكن تأمين هذه الفيزا»!

ولفت البدوي إلى أن سمير جعجع وبظهوره الإعلامي بعد مجزرة الطيونة، كان يقول صراحة إن ما جرى هو «7 أيار مسيحي»، وهذا دليل اعتراف وتورط رسمي في مجزرة الطيونة، مبيناً أن جعجع يريد بهذه التصرفات القول لأميركا والسعودية إنني أنا من يستأهل أن يكون رئيساً للجمهورية في لبنان لأنني أستطيع الوقوف في وجه حزب الله، لاسيما أن الرئيس ميشال عون لم يتبقَ لولايته غير عام واحد.

واعتبر البدوي أن مجمل المشروع، هو توريط حزب اللـه في فتنة داخلية وصرف انتباهه عن الحدود الجنوبية مع العدو الإسرائيلي واضطراره للانكفاء عن الملف السوري، لأنهم يعتبرون أن حزب اللـه هو الداعم الأساسي لسورية وهو الحزب الوحيد الذي يهدد الكيان الإسرائيلي، مؤكداً أن الولايات المتحدة والسعودية يريدون بأي شكل من الأشكال توريط حزب اللـه إما باتهامه بتفجير بيروت عبر شهود زور كما سبق وجرى مع «حادثة رفيق الحريري» أو عبر توريطه بفتنة داخلية تأخذ منه ولا تعطيه، وأضاف: «يعتقدون أنهم بالنيل من حزب اللـه يستطيعون التحكم بالبلاد أو أقل تقدير يستطيعون الحصول على الأكثرية في المجلس النيابي».

وأكد البدوي أن حزب اللـه لديه قيادة حكيمة لديها بصيرة وتستطيع أن تصبر لأن الصبر الإستراتيجي هو مفتاح الانتصار وهذه القيادة جربت بعدة أماكن وعدة مراحل فكان الصبر هو المفتاح الأساسي لديها‘ وقيادة حزب اللـه لن تمنح العدو الإسرائيلي ولا أجهزة المخابرات في بعض الدول العربية التي تريد النيل منه وافتعال الفتنة المذهبية في لبنان لن تعطيه هذه الهدية على طبق من فضة، وهو اليوم سيتجه نحو القضاء والجهات الأمنية في لبنان لتلعب دورها وهذا ليس ضعفاً وإنما حرص على لبنان وعدم تفتيته، وقال: «حزب اللـه يستطيع إذا أراد قلب الطاولة خلال ساعات في كل لبنان، وأنا متأكد أن حزب اللـه لن يقدم على أي خيار فيه انتقام وردود فعل عسكرية بالحجم الذي حصل في مجزرة الطيونة، وهو يريد التفرد لمواجهة العدو الإسرائيلي وتحقيق النصر، ولا شيء سيثنيه عن هذا الهدف الأساسي».

الحاج حسن: الهدف جر البلد إلى الفتنة

وكان رئيس تكتل بعلبك الهرمل النائب حسين الحاج حسن، اعتبر خلال لقاء سياسي في بعلبك، أن الهدف الذي سعت إليه القوات اللبنانية من كمين الطيونة الدموي، هو جر البلد إلى الفتنة وإلى الحرب الأهلية خدمة لمشغلي القوات من الأميركيين وغيرهم، والذي أجهض أهداف الكمين هو الوعي والبصيرة والمسؤولية الوطنية لدى قيادتي حركة أمل وحزب اللـه وجمهورهما».

بدوره أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «الملف الكامل لما حصل في الطيونة بعهدة الأجهزة الأمنية بإشراف القضاء المختص»، وقال إن «الحكومة حريصة على عدم التدخل في أي ملف يخص القضاء»، وتابع: «على السلطة القضائية أن تتخذ بنفسها ما تراه مناسباً من إجراءات».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن