ثقافة وفن

مسرح الطفل وتجربته الجادة في سورية

| د. الرحيم هادي الشمخي

هل نجح مسرح الطفل في تجربته التي قدمها في سورية، وهل استطاع أن يعالج مشكلة اللغة المسرحية التي يتقبلها الطفل، وهل صحيح أن استخدام اللغة العربية المبسطة يجعل العمل المسرحي أكثر قابلية للتصديق؟
يقول الكاتب الأميركي الساخر (مارك نوين) في حديث له عن أهمية مسرح الطفل لخلق أجيال مدركة لأهمية هذا المسرح: (إن مسرح الطفل هو خير معلم لأن دروسه تلقى عن طريق الحركة التي تشاهد، والعبارات التي تنطق، والحدث الذي يمثل، وحين تبدأ الدروس رحلتها مع مسرح الطفل لا تتوقف عند منتصف الطريق بل يمضي إلى غايتها، إلى عقول أطفالنا).
من هنا كان الحديث عن مسرح الطفل في سورية الذي بدأ فتياً ولكنه لم يتطور ولم يدعم من المؤسسات الثقافية، كأداة لخلق جيل قادر على استقبال العروض المسرحية الجادة- لكي يحتل مكانة متميزة من تفكير علماء النفس والاجتماع والتربويين- فلقد آن الأوان لمسرح الطفل السوري أن يأخذ دوره أسوة بباقي مسارح الطفل في العراق ومصر ولبنان والأردن وباقي دول العالم المتقدمة، لوضع خطة جريئة لإعداد جيل من أطفالنا ينمو متشبعاً بمفاهيم عصرية، بعيداً عن الأساليب العشوائية في تثقيفه وتنمية خياله، إن ما يقدم للطفل حالياً من وزارة الثقافة أو المؤسسات التربوية، والجامعات السورية بطيء جداً في بناء جيل واع مدرك لمسؤولياته وطموحاته المسرحية، ولاسيما أن تجارب الأفكار المسيئة للناشئة التي خلفتها الحركات الإسلاموية الوافدة من الخارج والتي علقت في أذهان وعقول أطفالنا لا بد من محاربتها، لذلك أمام السوريين فرصة ليقوموا بالدعم الثقافي لمسرح الطفل بوساطة الإمكانات المتاحة لخلق جيل يدرك قيمة المسرح في حياته وحياتنا.
فالمسرح في مفهومه وسيلة من وسائل الثقافة، وعندما يتعامل مع الطفل لا بد من وجود النظرية التربوية إلى جانب تقدم الجرعة الثقافية، ولا بد من وجود الكاتب المتخصص في التعامل مع الطفل، والمخرج المدرك لما يعيشه الأطفال، والممثل القادر على إيصال المفاهيم لعقلية الصغار، ولا بد أن يتم ذلك من خلال إدارة مسرحية لديها القدرة على التعامل مع الطفل المتفرج، وأن تعطي وزارة الثقافة السورية الدور الأكبر لمسرح الطفل لتنمية قصور ثقافة الطفل السوري في هذه المرحلة التي تحتاج منا جميعاً ـ الدولة والأسرة، والمدرسة والمجتمع والفرد ـ أن تمد يد العون لتطوير مسرح الأطفال، وأخص بالذكر المؤسسات التي تختص بثقافة الأطفال مثل الفنون التشكيلية وقصص الأطفال وبعض المسرحيات القصيرة، وعلى المؤسسات الثقافية في وزارة الثقافة ومعها مؤسسات وزارة الإعلام والجامعات والمنظمات المهنية والواجهية، لأن فن الأطفال سهل في أفكاره، صعب مع عالم قاس في حكمه، إنه عالم الطفل، الذي يجب أن يكون لمسرح الطفل الحصة الأكبر فيه، فالمسرح وسيلة تعليمية تغني الطفل من قشور العولمة والأفكار الدخيلة التي شوهت عقلية الأطفال ليس في سورية بل في الوطن العربي، أما ما نستطيع أن نقوله للكاتب في مسرح الطفل في هذه المرحلة الدقيقة في تربية الأطفال تذكر عندما تكتب لمسرح الطفل: إن الطفل شاعر، وإن الطفل ناعم الأحاسيس، وإن الطفل جزيرة لم يكتشفها أحد، وعليك ألا تستخدم التكرار الشائع في الكتابة، فاللغة العربية لا تسيء بشيء للطفل بل تجعله أكثر قابلية للفهم والتصديق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن