ثقافة وفن

المعرض الفني «أنت» يصوّر اختلاطات المشاعر والفكر … نوار شرتوح لـ«الوطـن»: الدواخل النفسيّة مشتركة بين البشرية وكلّنا مرتبطون بطريقة حسيّة

| سوسن صيداوي

مشاعر مختلطة تبوح بنزق حاد عما يدور في المكنونات العميقة للإنسان، تتماوج بين الأبيض والأسود والرماديات، وفق تقنيات أكاديميّة مدروسة، لتحكي عبر لوحات، قصصاً وحكايات بتجارب حياتية وبأحداث، لربما عشتها أنت أو أنا أو أي أحد قاطن في المعمورة.

أكثر من سبعين عملاً، صاغت الألم والدهشة والحزن وكلّها ممزوجة بمساحات من الأمل أطلقت وفق إكسسوارات معبّرة، بتنوع أحاديث المشاعر المنطلق من الأنا الإنسانية بين لوحات كبيرة وأخرى متوسطة وصغيرة، احتواها المعرض الفردي الأول (أنت) للفنان التشكيليّ نوار شرتوح، في صالة زوايا بدمشق والمستمر لغاية 21 تشرين الأول.

«الوطـن» التقت الفنان الشاب، وحدثنا عن أولى تجاربه التشكيلية.

من عُمق التجارب… «أنت»

نوار شرتوح خريج كلية الفنون الجميلة اختصاص طباعة وحفر، في بداية الحديث أشار إلى سبب تسمية معرضه الفردي الأول بـ(أنت) قائلاً: «لقد أطلقت على معرضي اسم (أنت) لأنه يعكس ما هو موجود داخلي مما عشته بتجارب أو مواقف حياتية يومية، وتصور أيضاً ما تتعرض له الذات الإنسانية بالعموم من اختلاطات في المشاعر والفكر، فأنا أرى بأن الدواخل النفسية هي مشتركة بين البشرية قاطبة، فكلّنا نرتبط ببعضنا بطريقة حسيّة معينة. كما واستلهمت هذه المشاعر إضافة للمواقف والتجارب، من القصائد والشعر الذي أحبه كثيراً».

الزخم في الأعمال

من يدخل إلى صالة العرض يلاحظ مباشرة العدد الكبير الذي تحتويه من الأعمال، والتي جاءت بحوالي سبعين لوحة متفاوتة الأحجام. المعرض فيه التنوع العدديّ والفكريّ بشكل ملحوظ، وحول هذه النقطة تابع شرتوح»: «هذا معرضي الفردي الأول، واللوحات تعود للفترة التي امتدت إلى ما قبل التخرج وما بعده وحتى اليوم، وهي بخلاصتها عبارة عن ستة وعشرين عملاً تصويرياً متعددة الأحجام، وعملين باختصاص الغرافيك وهما من أثناء دراستي في الكلية بقسم الحفر والطباعة، وأربعين عمل سكيتشات ليست كاملة واستخدمت فيها تقنيات الفحم والإكرليك، أما باقي الأعمال فهي على كانسون مشدود واستخدمت فيها تقنيات مختلفة من الفحم والكولاج… إلخ. هذا وهناك فرق بالمدة الزمنية ما بين إنجاز عمل وآخر، فأعمال التصوير استلزمت نحو العام، في حين السكيتشات وقتاً أقل، وهذا بنتيجته أدى إلى زخم كبير بالأعمال وسواء بالعدد أو بالأفكار».

في الإكسسوارات الأمل

ما بين الأسود والأبيض تأتي الرماديات لتخفف من وطأة الواقع بمرارته، هذا وعن القمر الساطع أو القمر المضمدة جراحه، أو الفراشات والزهور التي تمسكها الشخوص، علّق الفنان الشاب: «كما أشرت أعلاه بأن مواضيع اللوحات تحكي عن الدواخل الذاتية للإنسان، ولكن هي في الوقت نفسه مشتركة مع الآخرين، بغض النظر عن الثقافة أو البلد الذي ينتمون إليه. أما بالنسبة للوردة وللقمر وللفراشات فهي إكسسورات، تهدف إلى إيقاظ الشعور عند المتلقي، وخلق الدهشة لديه عندما يقرأها والتي تتقاطع مع أهوائه ومع ما يدور بداخلي. ومن جهة ثانية، اختصاصي في كلية الفنون الجميلة هو الحفر والطباعة، الذي يعتمد بشكل أساسي على الأبيض والأسود والرماديات الموجودة بينهما، واللوحات تسلّط الضوء على ما نسميه (الأثر الغرافيكي) أو ملمس السطح، وهذا يظهر بشدة من خلال استخدامي للخامات والكولاج».

الألم يولّد الإبداع

الأزمة السورية وقعت بآثارها على كل مجالات الحياة، ولا يمكن لأحد أن يسلم من تبعاتها، فطالت أيضاً الفنون، وتمكن التشكيلي من تجسيدها، بصورة تختلف من فنان لآخر، وحول الألم والحزن علّق نوار شرتوح: «الألم الذي ولّدته الأزمة هو أسمى من أن يتقولب بقالب معين، والعلاقة وطيدة ما بين الألم والإبداع، والمشاعر والتجارب والتشاركية بينه وبين الآخر هي التي ترفع من سمو الأعمال وجمالها، ومثلي مثل الجميع تأثرت بالأزمة السورية، ولكنني أحب سورية بلدي وعلى الخصوص دمشق مدينة التفاصيل الجميلة، وأخيراً أنا سعيد جداً بترحيب الحضور بالمعرض، وخصوصاً أنهم شاركوا في رحلة المشاعر التي تجسدها اللوحات، فكل واحد منهم وجد نفسه داخل العمل، بغض النظر عن عمره أو خبرته».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن