المرتديلا تسعى لبراءتها إعلامياً.. رغم اعترافات منتجيها بمخالفتها!
محمود الصالح
رغم المتابعة الواسعة لإعلامنا الوطني لمشكلة الغذاء بشكل عام ولموضوع إنتاج مجموعة ماركات من المرتديلا غير صالحة للاستهلاك البشري وحجم المتابعة الجماهيرية لهذه القضية لأنها تشكل حالة من القلق في الرأي العام وخصوصاً في هذه الفترة الحرجة ولأهمية هذه القضية ارتأت «الوطن» العمل على مزيد من التدقيق في هذه القضية والمتابعة الجادة مع جميع الجهات المعنية للوصول إلى الحقيقة بهدف تحقيق رسالتنا الإعلامية في الدفاع عن مصالح الناس وتبني قضاياهم من جهة وتشجيع صناعتنا الوطنية «الشريفة» ودعمها من جهة ثانية وعلى الرغم من كل ما قيل وسيقال عن هذا الموضوع سنحاول أن نسلط الضوء في هذا التحقيق بكل شفافية مؤكدين انحيازنا التام إلى جانب المواطن أينما كان وعدم اتخاذنا أي موقف معادٍ لأي جهة. منذ عدة أشهر وردتنا وثائق عن قيام إحدى شركات إنتاج مادة المرتديلا بتصنيع أنواع غير قابلة للاستهلاك البشري. ومنذ عدة أشهر قامت وزارتا الصحة والتجارة الداخلية وحماية المستهلك بقمع المخالفات المرتكبة في مجال إنتاج المواد الغذائية المخالفة للمواصفات وتبين وجود عدة أنواع من مادة المرتديلا غير صالحة للاستهلاك البشري وتم تنظيم الضبوط اللازمة واخذ العينات وإغلاق المعمل الذي ينتج ثلاث ماركات من المرتديلا (زينة- بسمة- آية) انتشر الخبر كالنار في الهشيم وشكل قلقاً واضحاً لدى الرأي العام، البعض اتهم الجهات الرقابية بالتهاون في حماية غذاء الناس والبعض الآخر قال: إنها لعبة تجار وتضارب المصالح بينهم. حاولنا البحث عن الحقيقة بغض النظر عن أي اعتبار وكان تحيزنا الوحيد والدائم إلى جانب المواطن والوطن. وصلتنا وثيقة صادرة عن مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق عن طريق عدد من المواطنين الذين أكدوا أن هذه الوثيقة توزع على البقاليات من مندوب معمل المرتديلا لإعلان صك براءة منتجه من تهمة مخالفته للمواصفات وعدم صلاحيته للاستهلاك البشري. سألنا مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق عن هذا البيان الصادر عنهم الذي يحمل الرقم /261/ تاريخ 29/3/2015 وهو عبارة عن محضر مطابقة لنتائج فحص ثماني عينات من إنتاج شركة طيبة بناء على طلب صاحب الشركة ويبين هذا المحضر أن جميع هذه العينات مطابقة للمواصفات وتم نسخ هذا المحضر بعدد كبير من النسخ لتوزع على معظم محلات بيع المرتديلا في مدينة دمشق وريفها محاولة من الشركة تقديم صك براءتها مما اتهمت به بأنها تنتج مرتديلا غير صالحة للاستهلاك البشري وهذا حق الشركة بالدفاع عن مصالحها فيما إذا كانت مظلومة فعلا…. في حينها بتاريخ 29/3/2015 أجابنا مدير تجارة الريف أن هذا الموضوع أصبح بين يدي القضاء ولا يستطيع الحديث عنه حتى يقول القضاء كلمته في ذلك وأضاف إن هناك عينات مطابقة للمواصفات وأخرى مخالفة ولم يعطنا تفسيرا عن سبب إعطاء محضر المطابقة المذكور وعدم إدراج أي عينة مخالفة فيه..؟؟ سألنا وزارة الصحة عن القضية وأجابتنا الدكتورة هدى السيد معاون وزير الصحة بما يلي: قامت الجهات المختصة في وزارة الصحة بأخذ التحاليل من المادة الخام قبل التصنيع فتبين أنها مطابقة للمواصفات المطلوبة وتم اخذ عينات بعد عملية التصنيع وتبين أنها مخالفة للمواصفات ما يعني أنها تعرضت للتلوث وتغيير المواصفة خلال عملية التصنيع ما يشير إلى وجود جراثيم خلال التصنيع وتدني نسبة البروتين في المنتج النهائي ما يدل على إضافة مواد أخرى إلى المادة الخام خلال عملية التصنيع. وحصلت «الوطن» على تقارير فحص العينات الصادرة عن مخابر وزارة الصحة والتي تشير إلى وجود:
1- عينات لحم دجاج مطحون مثلج مستورد لمصلحة شركة طيبة بوزن /10/ كغ مغلفة بنايلون شفاف لا تحمل بطاقة بيان ولا تاريخ صلاحية ولا رقم طبخة ولا بلد منشأ مكتوب عليها بخط اليد 2016 ونتيجة التحليل العينة مقبولة بالمقارنة مع المواصفة القياسية السورية. وتقرير كيميائي لعينة أخرى للحم دجاج مطحون مثلج مستورد لصالح شركة طيبة لعينة واحدة بوزن (10) كغ مغلفة بالنايلون الشفاف لا تحمل بطاقة بيان ولا يوجد تاريخ صلاحية ولا رقم طبخة ولا بلد منشأ مكتوب عليه بخط اليد 2015 العينة المحللة مقبولة كيميائيا بالمقارنة مع المواصفة القياسية السورية. أما التقرير الجرثومي لهذه العينات فحمل الرقم (46) تاريخ 2/4/2015 وأكد أنها مقبولة جرثوميا وهذه العينات هي لمواد خام غير مصنعة وغير معلبة ولكنها مجهولة المصدر وتاريخ الإنتاج والصلاحية.
2- التقرير رقم (67) تاريخ 26/3/2015 الصادر عن مخبر مراقبة الأغذية الكيميائي في وزارة الصحة يتضمن نتائج تحليل عينة مرتديلا ضمن عبوة وتحمل ماركة (آية) من إنتاج شركة طيبة ونتيجة التحليل هذه العينة تبين أن الرطوبة أعلى من الحد المسموح به ونسبة البروتين أقل من الحد المسموح به ونسبة اللحم الكلي كانت 46.7% ويجب ألا تقل عن 75% والقرار أن العينة مرفوضة كيميائياً وطلب التقرير التأكد منها جرثوميا. أما التقرير رقم (68) تاريخ 26/3/2015 لعينة مادة مرتديلا تحمل ماركة (زينة) من إنتاج شركة طيبة والنتيجة أنها غير مقبولة لمخالفتها للمواصفات القياسية السورية كيميائيا ويجب التأكد منها جرثوميا. التقرير الكيميائي رقم (66) تاريخ 26/3/2015 لعينة مادة المرتديلا ماركة (بسمة) من إنتاج شركة طيبة وتبين أنها مخالفة للمواصفات السورية كيميائيا وهي مرفوضة ويجب التأكد منها جرثوميا. أما التقرير المخبري الجرثومي ذو الرقم (26) تاريخ 24/3/2015 للعينات الثلاث السابقة (زينة- آية- بسمة) مقبولة جرثوميا أماما العينة رقم 102 الخاصة بمادة المرتديلا السائلة غير المعلبة موضوعة في عبوات معقمة عدد النماذج المحللة /5/ غير مقبولة جرثوميا. وزارة الصحة أجابت وزارة التجارة الداخلية بكل هذه النتائج مؤكدة أن منتجات شركة طيبة غير مطابقة للمواصفات وبحسب قانون سلامة الغذاء رقم /19/ يعد الغذاء مغشوشا أو ضارا أو غير مقبول في حالة إضافة أي مادة من شانها أن تقلل من القيمة الغذائية أو تزيد حجمه أو وزنه أو تبديل شكله بهدف الربح أو إذا كان الغذاء غير مطابق للمواصفات النافذة.
وبناء على كتاب رئاسة مجلس الوزراء المتضمن اعترافات أصحاب العلاقة القيمين على عمل المعمل (ف- ح وح- ز وخ- ع وع- ح وم- ق) أمام الجهات المعنية أنهم قاموا بإضافة كميات كبيرة من الهياكل العظمية للفروج المجرد من اللحم والتي يقومون بتجميعها وبمعدل (4-5) أطنان يومياً من مسالخ الفروج في دمشق وطحنها وأضافتها للمادة المصنعة وأنهم يقومون بإضافة لحم الجاموس بدلا من لحم البقر نظرا لغلاء سعره وتم ضبط كمية (2400) كغ من عظام وعفشة نواتج مسالخ الفروج الفاسدة التي تمت مشاهدتها في معمل طيبة وتم إتلافها بموجب محضر ضبط إتلاف رقم /بلا/ تاريخ 15/3/2015. وأكدت وزارة الصحة أن كل ذلك يعتبر مخالفا لقانون القواعد العامة لسلامة الغذاء رقم /743/ وبناء على كل ذلك ختمت وزارة الصحة كتابها أن المرتديلا المصنعة من منشأة طيبة غير صالحة للاستهلاك البشري.
من خلال كل هذه المعطيات التي أوردنا بكل دقة وتفصيل وشفافية وحياد فني… هل ما زالت الشركة المنتجة مظلومة…؟ وما تفسير وجود مخلفات الفروج في المعمل..؟ وهل فعلا هناك من يحاول الإساءة إلى القطاع الخاص…؟ وما الغاية من تزويد الشركة بصكوك براءة مجتزأة وملتبسة…؟ هذه الوقائع نضعها أمام الرأي العام بكل شفافية وتفصيل انطلاقاً من نهج «الوطن» التي كانت وستبقى دائماً المدافع عن الحقيقة مهما كان الثمن. والسؤال الذي ننتظر الإجابة عنه: من الجهة المعنية بتنفيذ توصيات الجهات المعنية..؟ ولماذا هذا التمييع للقضية..؟ والدفع باتجاه تلميع صورة البعض واتهام البعض الآخر…؟ هذه الأسئلة وغيرها ستبقى مطروحة.. وهذا الملف سيبقى مفتوحاً حتى نلمس إجراء واضحاً يؤكد أن غذاء المواطن خطا احمر. وليس مجرد تصريحات إعلامية وفقاعات فارغة…