اقتصاد

قراءة في أرقام مشروع الموازنة

| هني الحمدان

جملة من المتغيرات حملتها بنود الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام القادم مسجلة 13325 مليار ليرة سورية مقارنة بـ8500 مليار لموازنة العام الحالي، فالتغير جاء أولاً لجهة الزيادة الرقمية، وثانياً الاستمرار بسياسة الدعم وتعزيزه، وتالياً تنبئ بأن هناك توقعات بما يبشر بنمو اقتصادي ولو كانت ضمن الحدود البسيطة.. وبصورة سريعة من دون الخوض في التفاصيل، تقرأ أرقام مشروع الموازنة العامة بحلته الجديدة للعام القادم.. مع أولوية تحديد توجهات الإنفاقات المالية على كل مشروع من مشاريع الوزارات بشقيها الجاري والاستثماري، وهذا يعزز السرعة والانضباطية في حسن التنفيذ والإنجاز وفق المواعيد والبرامج المرسومة..
الشق الرئيس الذي جاء وهو بمنزلة محطة مهمة بهذه الأوقات بعد تضرر الواقع المعيشي وتدهور الدخول لابتلاع التضخم أي مسعى أو دخل، لأسباب عديدة، نلحظ زيادة أيضاً في القيمة المادية المخصصة لبند أمور الدعم الاجتماعي، وهي قيم بصيغتها الأولية وليست بتلك النهائية، فما يقارب 5529 ملياراً، إذا ما قورن مع قيمة الدعم المعتمدة بـ3500 مليار في موازنة العام 2021، يشكل تطورا ينبئ أيضاً بخطوات نحو الاستمرار والضرورة لإيصال الدعم للمستحقين بأساليب وآليات تضمن وصوله بالشكل المطلوب ويكون حلاً لحالات النقص أو العوز وسواه، مع تطبيق كيفية عقلنته وعدم استغلال أصحاب الشرائح التي تستحقه!
فالموازنة التقديرية الأولية ما هي إلا عبارة عن وثيقة أساسية ومنطلق اقتصادي يحمل دلائل وتوجهات ويرسم ربما تصورات نحو ضمان ديمومة إنتاجية واقتصادية، تلخص كل العمليات والأنشطة التي تنوي الحكومة القيام بها لمدة عام، وهي ترجمة واضحة عن التخطيط والتنبؤات والسياسات المستقبلية الموضوعة.
من يقرأ أرقام ما تم إعلانه يلمس مقدار الزيادة الكبيرة في لحظ الاعتمادات، يقرأ ذلك من باب أخذ كل الترتيبات والاحتياطات لمواجهة مفرزات التضخم وما قد يتركه هذا الأخير من إحباط للسياسات وتعثر لعمليات الإنتاج وعامل شلل لكل وتائر العمل، وما سيتركه من ندوب قد تصل لجروح نازفة وتلتهم كل شيء.
لحظ زيادات لمفردات الدعم الاجتماعي يوحي إلى مسألة مهمة أن يصل كله بعقلنه ومرتكز شامل يحدد أي الفئات المستحقة لأخذه لا أن يبقى وفق ما هو قائم الآن، من ناحية أن هناك شريحة مستفيدة منه ومستغلة له، وهي خارج الحسابات، وهذا يستدعي متابعة السير بخطا أسرع لتحديد الشريحة الأسلم والصح..
مواجهة التضخم بتوسيع قواعد العمل وفتح قنوات الاستثمار وجذب أي من رؤوس الأموال، كلها أساسات لكي يعود الاقتصاد الوطني لمسار النمو الإيجابي وهي خطوة أولى نحو التعافي المنشود الذي يتطلب من الحكومة وبالشراكة الفعلية مع القطاع الخاص النهوض بالعملية الإنتاجية والاستثمارية، وتحفيز الاستهلاك والطلب المحلي وزيادة الصادرات حتى يكون هناك نمو إيجابي يكون قادراً في الفترة الأولى على خلق فرص عمل جديدة.
تبقى الإشارة إلى أن أرقام مشروع الموازنة للعام القادم تدل بشفافية على أن هناك واقعاً سيتغير وأن المؤشرات تدل على تعافي بعض القطاعات وأن نمواً ما بدأ يتشكل لدى بعض القطاعات الاقتصادية، مع انعكاسات لبعض القوانين والإجراءات التي تهيئ لبنى منتجه خلال الفترة المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن