اقتصاد

هل زيادات الموازنة للعام القادم حقيقية.. أم تطمينية؟! .. فضلية لـ«الوطن»: رقم الموازنة «تفاؤلي»

| رامز محفوظ- طلال ماضي

بعد أن أقر المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام القادم بـ13325 مليار ليرة سورية مقارنة بـ8500 ملياراً لموازنة العام الحالي وحدد توجهات الإنفاق على المشاريع لكل وزارة في الشقين الاستثماري والجاري.. ما رأي أصحاب الشأن والمهتمين بأرقام مشروع الموازنة..؟

زيادة حقيقية

أكد رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية الدكتور عابد فضلية أن زيادة الرقم مابين سنة وأخرى للموازنة لا يمكن اعتباره مسألة أساسية ومهمة بقدر ما تكون الأسعار مستقرة، لافتاً إلى أن الجهات الحكومية أيضاً تعاني من مسألة التضخم. وفي تصريح لـ«الوطن» بين فضلية أنه حسب القوة الشرائية للمواطن فإن هذه الزيادة في الموازنة للعام القادم هي زيادة حقيقية أو زيادة في نفقات الدولة على منشآت النفع العام عموماً، لافتاً إلى أن رقم الموازنة للعام القادم هو رقم جيد وتفاؤلي بشرط ألا يمتص ارتفاع الأسعار، وبخصوص العجز المقدر في الموازنة للعام القادم أوضح فضلية أنه باعتبار أن آثار الحصار الاقتصادي والعقوبات مازالت موجودة وهناك مناطق يجب تحريرها من الإرهاب والدولة تتحمل تكاليف كبيرة لذا كان هذا العجز، متمنياً في الوقت نفسه أن يتحقق رقم زيادة الموازنة للعام القادم كي لا يحدث عجز كما حصل العام الحالي. وأكد فضلية بأنه يستقرئ من رقم الموازنة للعام القادم وهو 13325 مليار ليرة تفاؤلاً بأن الجهات العليا في الدولة تعلم أكثر من أي جهة أخرى بأن الأشهر القادمة والسنة القادمة هي أفضل سياسياً وبالتالي أفضل اقتصادياً. وبالنسبة لحديث رئيس مجلس الوزراء بأن تركيز أولويات الإنفاق سيكون على المطارح الاقتصادية لكل وزارة أشار فضلية إلى أن هذا الكلام اقتصادياً وعلمياً صحيح مئة بالمئة وهو يقصد أن يتم الإنفاق على المطارح الإنتاجية التي تؤتي أكلها بسرعة وذلك ضروري من أجل تغطية نفقات الموازنة في العام القادم ومن خلال كلامه أصاب لب الحقيقة وهذا ما يدعو له كل الاقتصاديين والكثير من مسؤولي سورية أن يتم التركيز على الإنتاج ويقصد رئيس مجلس الوزراء الإنفاق على الإنتاج السلعي الملموس والذي سيؤتي أكله في السنوات القادمة، منوهاً بأنه من الضروري الاهتمام بالإنفاق الاستثماري الإنتاجي السلعي ويعتبر أكثر ضرورة من الإنفاقات التي تنفق عادة على تجميل وتحسين منطقة على سبيل المثال وما يهم المواطن تأمين الأكل والشرب أكثر من الإنفاق التجميلي لمنطقة والإنفاق الإنتاجي له أولوية خلال الفترة الحالية لذا تحدث عن هذا الجانب رئيس الحكومة.

فرض الضرائب غير مدروس

بدوره بين الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش لـ«الوطن» أنه عندما يتم الحديث عن 4118 ملياراً عجز فهذا يعني أن هناك 9400 مليار إيرادات. ولفت إلى أن إيرادات الدولة تقوم بشكل أساسي على الضرائب وعلى الفوائض المحولة من القطاع العام بالإضافة لإيرادات الدولة من استثمار الأملاك العامة، موضحاً بأن الضرائب حالياً في أدنى مستوياتها ومن المفترض بموجب هذه الموازنة أن يكون هناك ضرائب على الأقل بقيمة 3500 مليار ليرة لكن المشكلة أن الفساد منتشر في وزارة المالية بخصوص جباية الضرائب وأسلوب البلطجة والتفاوض الذي اعتمدته وزارة المالية مع الناس من أجل التحصيل الضريبي لا يعطي نتيجة وهذا يدل على أن فرض الضرائب غير مدروس ويؤدي من جهة أخرى لتطفيش الناس إلى خارج البلد. وأوضح عربش أن القطاع العام يعتبر شبه مشلول والفوائض إن وجدت تأتي من عدد قليل من المؤسسات مثل مؤسسة التبغ على سبيل المثال ولا تأتي برقم كبير يسند الموازنة. وتوقع عربش أن العجز هو أكبر بكثير من الرقم المعلن في الموازنة وستتم تغطية هذا العجز بطباعة المزيد من العملة السورية وذلك سيؤدي إلى مزيد من التضخم. وبين أنه في حال تمت مقارنة الموازنة للعام القادم مع موازنة العام الحالي وذلك بعد إزالة معدل التضخم وتحرير الأسعار من التضخم فإن الموازنة تعتبر أقل بكثير من موازنة العام الحالي، موضحاً أن معدل التضخم تجاوز 100 بالمئة في عام 2021 لذا من أجل الحصول على موازنة تساوي موازنة العام الحالي فنحن بحاجة لـ 17000 مليار ليرة بدلاً من 13325 مليار ليرة.

قطع حسابات موجودة

من جهته بين الخبير الاقتصادي عمار يوسف في تصريح لـ«الوطن» أن الموازنة التي تم تحديدها للعام القادم لا تعطي المؤشر الحقيقي للإنفاق الحكومي وهي موازنة لا تعبر عن الواقع الحقيقي للاقتصاد في سورية وعبارة عن قطع حسابات موجودة. ولفت إلى أن الزيادة في الموازنة يجب أن تكون موجودة بشكل طبيعي، لافتاً إلى أن الرقم الذي تم تحديده لموازنة العام القادم لا يعطي المؤشر الحقيقي للوضع الاقتصادي ويجب أن يتم الأخذ بالحسبان القدرة الشرائية والتي تعتبر الأساس في الموازنة وليس القدرة الرقمية.

سد العجز من الاقتراض

وكان وزير المالية كنان ياغي قد أوضح أن اعتمادات موازنة العام القادم توزعت إلى 11325 مليار ليرة نفقات جارية وألفي مليار نفقات استثمارية، مشيراً إلى أن اعتمادات عام 2022 ارتفعت بنسبة 57.6 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.

وخلال تصريحات صحفية له بين ياغي أنه ستتم تغطية نفقات الموازنة المذكورة عن طريق الإيرادات العامة التي بلغت نحو 9200 مليار ليرة مقسمة إلى 4400 مليار اعتمادات جارية و4800 مليار إيرادات استثمارية وهي عبارة عن فوائض اقتصادية.

ولفت إلى أن العجز المقدر في موازنة 2022 يصل إلى 4118 مليار ليرة وستتم تغطيته عن طريق 600 مليار من الاقتراض عن طريق سندات الخزينة ونحو 500 مليون ليرة عبارة عن موارد خارجية والباقي ستتم تغطيته عن طريق مصرف سورية المركزي كاعتمادات مأخوذة من الاحتياطي لدى المركزي.

بزيادة عن العام الماضي 4825 مليار ليرة سورية أقر المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي الموازنة العامة للدولة للعام القادم، هذه الزيادة أحدثت الصدمة لدى أساتذة جامعات وطرحوا السؤال التالي، من أين ستأتي الحكومة بالموارد لتغطية هذه الأموال؟ «الوطن» تواصلت مع عدد من الأكاديميين في كليات الاقتصاد لمعرفة رأيهم بهذا الرقم، ولم نسمع سوى كلمة يا ستار، والزفير الحزين، والإشارة إلى قيمة التضخم وتراجع القيمة الفعلية للموازنة وقيمة الدعم أيضاً.

التمويل بالعجز مشكلة

الدكتور إبراهيم العدي الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق اعتبر في تصريح لـ«الوطن» أن رقم الموازنة صادم وكبير جداً، وهو انتقال غير طبيعي إلى رقم 13.325 مليار ليرة، معتبراً أن الموازنة هي خطة مالية سنوية للعام القادم، تخطط الحكومة ماذا ستصرف، وليس من أين ستأتي بالأموال لتصرفها؟ وهنا تقع المشكلة والتمويل بالعجز، لافتاً إلى أن أبغض الحلال إلى الحكومة هو الاستدانة والتمويل بالعجز.

وأشار الدكتور العدي إلى أن الحكومة أمام امتحان كبير وبالعة الموس على الحدين، وبالنسبة لها زيادة الإنفاق العام مشكلة وقلته مشكلة أيضاً، ورقم الموازنة كبير كيف سيتم تمويله؟ هذا مشكلة كبيرة لا يوجد موارد والتهرب الضريبي في أوجه هنا المشكلة كيف ستؤمن الحكومة الموارد؟

وبالنسبة للخطة الاستثمارية اعتبر الدكتور العدي أن الاستثمار بالقطاع العام ليس ذا جدوى، وعلى الدولة أن تخطط وتراقب وتعاقب وتقوم بتشجيع الاستثمار أفضل لها من الاستثمار وهي مرت بتجربة مريرة وتحولت أغلب المنشآت إلى عبء عليها كونها عاجزة عن القيام مكان القطاع الخاص ومع كل فترة تقوم بتغيير الإدارات ويعود الفساد والترهل.

وبخصوص تراجع القيمة الفعلية للدعم قال الدكتور العدي: أنا مع إلغاء الدعم نهائياً للسلع والخدمات، ودعم الخبز أيضاً، وأنا مع دعم المستهلك للمادة وليس المادة وكل مادة مدعومة تحمل ما تحمله من فساد، ومن قام بإيصال البطاقة الذكية إلى كل بيت في سورية قادر على إيصال الدعم إلى كل بيت أيضاً، لافتاً إلى أن دعم الخبز أوجد أثرياء جدداً وأصبح مدخول معتمد الخبز خمسة أضعاف مدخول الأستاذ الجامعي. وأشار أكاديميون إلى أن الدعم يذهب إلى المؤسسات الخاسرة، وإلى دفع فروقات الكهرباء والمازوت والخبز، ولفتوا إلى أن قيمة الدعم الحقيقية تراجعت عن العام الماضي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن