هل تُسمي الأشياء بأسمائها في لقاء فيينا القادم؟!
باسمة حامد :
بقراءة ما سُرب حتى الآن حول المسائل المتعلقة باجتماع فيننا القادم، من الممكن القول إن الموضوع الرئيسي الذي سيبحثه الوزراء المعنيون سيتضمن البحث في «هوية الأطراف السورية المعارضة التي ستشارك في الجولة المقبلة من المباحثات».
وإذا اتفقت الأطراف المشاركة في الرابع عشر من الشهر الجاري على الصيغة الروسية المطروحة أي: «تشكيل تحالف فعال ضد الإرهاب والتطرف في سورية يضم الجيش الحكومي وفصائل المعارضة المسلحة المعتدلة والجيش السوري الحر ووحدات حماية الشعب الكردية» فلا شك أن مسار التسوية السورية سيشهد خطوة إضافية إلى الأمام بحيث ستُسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية، فالإرهاب واحد ولا وجود لإرهاب «طيب» وآخر «شرير».
وهذا الاحتمال وارد جداً بالنظر إلى المشهد الراهن، فالتواصل الروسي مع معارضات الداخل والخارج وتلك التي تعتبرها أوروبا ودول الخليج وتركيا «ممثلاً شرعياً للشعب السوري» بالتوازي مع استكمال عملية المصالحات الوطنية والعام القادم- كما أوضح الوزير علي حيدر مؤخراً- «سيشهد المزيد منها وعودة الأهالي إلى المناطق التي أصبحت آمنة بشكل كامل» يظهر حقيقة أن موسكو نجحت بعملية «الغربلة» للإرهاب وستستطيع نزع الذرائع من رعاته ومموليه من خلال تهيئة الأجواء الملائمة لإطلاق الحوار الوطني بين السوريين، والوصول إلى توافق عام بشأن المشاركين في مفاوضات التسوية وتحييد ما يسمى «المعارضات المعتدلة» واستثمارها كقوة مضافة في الحرب الدائرة على «داعش» وأخواتها.
ومن المهم في هذا الإطار الانتباه إلى الحقائق التالية:
1- أن روسيا «كدولة إستراتيجية قادرة على مواجهة الولايات المتحدة وكلاعب مستقل كبير في الساحة الدولية» تسعى لخلق «تحسن نوعي» في الشرق الأوسط حتى لا ينزلق إلى «أسوأ السيناريوهات»، وموقفها يستند إلى معطيات واقعية منها: (الإنجازات الميدانية على الأرض واجتذاب شرائح واسعة من المعارضات السورية- قدرتها على المساهمة في حل لأزمة الهجرة غير الشرعية التي تقلق أوروبا- التوقعات بتغير السياسات التركية رغم فوز «العدالة والتنمية»- تقلص الدور السعودي وارتباك نظام أل سعود بعد ذهاب الأزمة اليمنية نحو الحل السياسي والانسحاب الغامض للقوات الإماراتية من اليمن وهلع الرياض من الرد الإيراني «القاسي والحازم» على فاجعة منى التي راح ضحيتها آلاف الحجاج بين قتيل وجريح ومفقود).
2- أن الضغوط الأميركية والأوروبية المترافقة مع حادثة الطائرة الروسية المنكوبة في سيناء لم تؤثر في قرار الرئيس بوتين في محاربة الإرهاب. «فظهور الطائرات الروسية في السماء السورية غيّر جذرياً موازين القوى في هذه المنطقة الإستراتيجية وأحبط خطط البنتاغون» وفق تصريح قائد القوات الجوية والفضائية الروسية الفريق أول فيكتور بونداريف لصحيفة /كومسومولسكايا برافدا/.
3- أن تأكيد المشاركة الإيرانية في الجولة المقبلة من المحادثات حول سورية ربطاً بتصريح وزير الخارجية ظريف: «يجب أن يحدد اجتماع فيينا القادم قائمة المجموعات الإرهابية»، واستمرار التنسيق الإيراني الروسي بهذا الشأن.
والإعلان: «عن معاييرها والحفاظ على خطوطها الحمراء» بعد أسبوع على تهديد طهران بالانسحاب منها.. يعني أن هناك نقاطاً جوهرية تم التوافق عليها مسبقاً بين المعنيين، فمن المعروف عن أبرز حلفاء دمشق (إيران) أنها لا تشارك في لقاءات سياسية بهذا الحجم إلا إذا لمست أن المفاوضات تجري بشكل جدي.
وملامح هذه الجدية ربما تتضح في حركة الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا قبيل تقديمه تقريراً أمام مجلس الأمن (يوم الثلاثاء) تضمن نتائج مشاوراته حول سورية.. وتتضح أيضاً في اتفاق وزارة الطوارئ الروسية ومكتب الأمم المتحدة على وضع خطة مشتركة خاصة بتنفيذ العمليات الإنسانية في عدد من الدول، بما فيها سورية واليمن والعراق.