الأخبار البارزةشؤون محلية

صندوق التكيف بـ10 ملايين دولار لأربعة تجمعات سكنية في الغوطة لتمكين وإعادة المواطنين إلى قراهم … «الإدارة المحلية» تطلق بالشراكة مع ثلاث منظمات أممية مشروع تعزيز قدرة المجتمعات المحلية لمواجهة التغيرات المناخية في الغوطة الشرقية

| محمد منار حميجو

أطلقت وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالشراكة مع ثلاث منظمات تابعة للأمم الأمم المتحدة وهي برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية والبرنامج الإنمائي ومنظمة الأغذية والزراعة «الفاو» مشروعاً ضخماً بقيمة نحو 10 ملايين دولار بتمويل من صندوق التكيف التابع للأمم المتحدة في سورية يهدف إلى العمل على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية في قطاع المياه في أربعة تجمعات سكنية في الغوطة الشرقية بريف دمشق وهي المليحة وزبدين ودير العصافير ومرج السرطان لتمكين وإعادة الأهالي إلى قراهم.
وتم إطلاق المشروع بإقامة ورشة كبيرة تم عقدها أمس بعنوان «تعزيز قدرة المجتمعات المحلية في الغوطة الشرقية على مواجهة تغير المناخ وتحديات نقص المياه من خلال الإدارة المتكاملة للموارد الطبيعية وتدخلات التكيف الفورية»، بحضور وزراء الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف والزراعة محمد حسان قطنا والموارد المائية تمام رعد ومحافظ ريف دمشق معتز أبو النصر جمران وممثلين عن البلديات المعنية، ورؤساء منظمات الأمم المتحدة المنفذة للمشروع.
واعتبر مراقبون في تصريحات لـ«الوطن» أن الفعالية وبعيداً عن تطورات الملف السياسي «اجتماعات الدستورية وما حصل فيها»، تعكس تواصل التعاون بين الأمم المتحدة والحكومة السورية وأن هذا التواصل سيتسع أكثر.
ووصف المراقبون هذا التعاون بـ«المهم» وأنه سينعكس إيجاباً على الوضع الخدمي والإنساني والمعيشي لأهالي المنطقة المستهدفة بالمشروع.
ويهدف مشروع صندوق التكيف، الذي ينفذ على مدى ثلاثة أعوام ونصف العام، إلى زيادة قدرات السكان في سورية للتكيف مع التغير المناخي ويستهدف منطقة الغوطة الشرقية لأنها واحدة من أكثر المناطق الزراعية المكتظة بالسكان في ريف دمشق والمعرضة للتغير المناخي وندرة المياه.
وحسب بيان صحفي للمنظمات يعمل المشروع على إنشاء نظام مرن لإمداد المياه قادر على التكيف مع تغيرات المناخ إضافة إلى تحسين معالجة مياه الصرف الصحي والتي تتسبب حالياً في تلوث الموارد المائية وقنوات الري والتربة، كما أنه يدعم فاعلية هذا النظام المائي عبر استخدام تكنولوجيا للري عالية الكفاءة، واستثمارها في زراعة محاصيل والأشجار المقاومة للجفاف، وإدخال ممارسات زراعية متطورة مناخية توفر فرصاً مستدامة لسبل العيش.
ويعزز المشروع قدرات المؤسسات الخدمية على المستوى الوطني والإقليمي، إلى جانب تعزيز قدرات المجتمعات المحلية عبر مشاركتها في تقييم وتخطيط وإدارة التحديات الناجمة عن التغير المناخي وما يولده من أزمات ضمن قطاع المياه والأراضي.
ويشجع المشروع على اتباع نهج متكامل لإدارة الموارد الطبيعية، وإيجاد حلول لتعزيز القدرة على مواجهة نقص المياه «الحد من فقدان المياه وتلوثها، وتحسين كفاءة استخدام المياه لتلبية الطلب المتزايد عليها لأغراض الري، وحماية المياه والأراضي من التلوث».

بيئي تنموي
من جهته أكد وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف أن هذا المشروع بيئي وتنموي بامتياز يخدم العملية الاقتصادية والاجتماعية والإنتاجية والزراعية، مشيراً إلى أنه يهدف لإزالة التلوث عن المياه السطحية والجوفية والأراضي الزراعية في قرى المليحة وزبدين ودير العصافير ومرج السرطان في الغوطة الشرقية بريف دمشق.
وخلال تصريح صحفي له على هامش الورشة بيّن مخلوف أن المشروع يعزز أقنية الري بحدود 3 آلاف هكتار إضافة إلى إقامة محطة معالجة ري لتكون المياه صالحة للري، مشيراً إلى أنه ستكون هناك شبكة ري حديث تنفذ في هذه المنطقة وبرامج لاستثمار الآبار الجوفية بالطاقة المتجددة.
وأشار إلى أنه ستكون هناك مشاريع لدعم الأسرة الريفية والثروة الحيوانية، مؤكداً أن هناك جملة أنشطة تحقق الاستفادة من المنتجات الزراعية بشكل ممنهج وعلمي.
وأكد مخلوف أن الدولة تركز بتوجيهات من الرئيس بشار الأسد على المشاريع التي تهدف إلى إعادة المواطنين إلى مناطقهم وتثبيتهم في منازلهم ومزارعهم ومنشآتهم ليعودوا ويمارسوا نشاطهم الاجتماعي والاقتصادي والتنموي بشكل كامل وخصوصاً في قطاع الزراعة في الريف.
ولفت إلى أن هذا المشروع عبارة عن محطة أولى في هذه المنطقة وسيكون في كل المحافظات السورية مشاريع مشابهة وخصوصاً أنه يتم العمل مع الشركاء الوطنيين من الوزارات المعنية والشركاء في المنظمات الدولية.
ورداً على سؤال «الوطن» حول البدء الفعلي بالمشروع أكد مخلوف أن هناك تمويلاً للمشروع وخططاً تنسجم مع هذا التمويل، مرجعاً أسباب إطالة مدة التنفيذ إلى ثلاث سنوات ونصف السنة إلى أن جزءاً كبيراً منه يتعلق بالاستثمار والصيانة والتقييم والتشغيل، مشيراً إلى أنه ستكون هناك مرحلة تقييم ومراقبة وتشغيل لمحطة المعالجة وبالتالي فإن الكادر الفني الذي سيعمل على التنفيذ لن يترك بمجرد تركيب هذه المحطة.

شح بمياه الري
من جهته أكد وزير الموارد المائية تمام رعد أن هناك عدداً كبيراً من الآبار في الغوطة الشرقية تستخدم لمياه الشرب ويتم إجراء التحاليل لها بشكل دوري، لافتاً إلى أنه تتم معالجة بعض المناطق التي تعاني من تلوث في المياه، منوهاً بوجود خطة مكانية لمعالجة كل محطات المعالجة لكن هذا الموضوع يحتاج إلى وقت.
وفي تصريح لـ«الوطن» اعتبر رعد أن التغيرات المناخية أثرت بشكل واضح في الغوطة الشرقية ما أدى إلى أن يكون هناك شح بمياه الري في المنطقة.
وفي تصريح لـ«الوطن» كشف رعد أن هناك خطة لإزالة التلوث عن نهر بردى بالكامل وهناك عدة عقود ستقوم بها شركات وطنية، مشيراً إلى أنه تمت المباشرة بتعزيل نهر بردى في الجزء الذي يمر في بلدتي زبدين والمليحة.

مقننات علفية
من جهته أوضح وزير الزراعة محمد حسان قطنا أنه تم حصر الأراضي وسيكون هناك مشروع للاستشعار عن بعد من خلال تحليل التربة وتحديد أنواع الزراعات التي يجب أن تزرع والاحتياجات المائية التي يجب أن تتم خلال الدورات الزراعية إضافة إلى نوع الزراعات التي تتوافق مع نوع المياه والتي تتوافق مع القوانين والأنظمة.
وفي تصريح لـ«الوطن» بيّن قطنا أن التهريب هو سبب رئيس في انخفاض أعداد الثروة الحيوانية في سورية، مشيراً إلى أن دور الوزارة لدعم الثروة الحيوانية من خلال توزيع مقننات علفية ورعاية صحية وإرشاد بيطري، مضيفاً: ما يهمنا هو تنمية الثروة الحيوانية بشكل جيد وأهم أسباب تنمية هذه الثروة الاعتماد على اللحوم البيضاء حتى يخفف من ذبح اللحوم الحمراء.
ولفت إلى أن توفير الأعلاف هو وسيلة لتنمية هذه الثروة على الرغم من أنها مستوردة وبالتالي تكاليف الإنتاج مرتفعة وخصوصاً أنه كان المتوقع هذا العام أن يصل إنتاج الشعير إلى 1.9 مليون طن لكن الإنتاج وصل إلى 250 ألف طن فقط، مشيراً إلى أن الظروف الجوية ليست بخير وبالتالي بقدر ما تتوافر ظروف مناخية جيدة وتكون المساحات الزراعية جيدة تتحسن الثروة الحيوانية.

إدارة متكاملة
من جهته أكد معاون وزير الإدارة المحلية لشؤون البيئة معتز دوه جي أن بداية المشروع كان مع إطلاق الورشة، مشيراً إلى أن تكلفة المشروع نحو 10 ملايين دولار وهو يعتمد على الإدارة المتكاملة للموارد المائية وإقامة شركات صرف صحي واستخدامها بعد تنقيتها في ري المزروعات إضافة إلى أنشطة مجتمعية.
وفي تصريح لـ«الوطن» أعرب دوه جي عن أمله أن يتم تعميم المشروع على مناطق أخرى باعتبار أنه مشروع نموذجي.
واعتبر مدير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ريان نوكس في سورية أن هذا المشروع من شأنه دعم الأهالي في الحصول على مياه نظيفة وفرص لكسب العيش الأكثر أماناً، موضحاً أن أنشطة هذا المشروع الذي يعد الأول من نوعه في سورية ستساهم في مواجهة آثار تغير المناخ في منطقة الغوطة الشرقية.
وخلال كلمة له في المؤتمر أشار نوكس إلى أن سورية تشهد حالياً تأثيراً مناخياً من خلال ظواهر التصحر، والنقص في مصادر المياه الجوفية ومياه الأنهار، لافتاً إلى أنه انخفضت موارد المياه العذبة المتجددة في سورية من نحو 1400 متر مكعب للفرد سنوياً في الستينيات إلى نحو 500 متر مكعب حالياً ويتوقع احتمال المزيد من الانخفاض في الموارد المائية نتيجة لتغير المناخ، ونتيجة للنمو السكاني والتنمية الاقتصادية والاعتبارات البيئية.
ولفت إلى أن التحدي هو كيفية إنتاج ما يكفي من الغذاء مع انخفاض الموارد المائية وضمان الحصول على ما يكفي لتلبية الاحتياجات في دمشق والغوطة الشرقية من المياه التي يتم الحصول عليها من مستجمعات المياه في بردى، أو من مصادر تحت الأرض وكيفية معالجة المياه بأفضل التقنيات وأقلها تكلفة كما أنه كيف يمكن للمزارعين في دير العصافير على سبيل المثال اعتماد أساليب أكثر كفاءة لاستخدام المياه؟
ولفت نوكس إلى أن برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية يعمل مع الشركاء لوضع إستراتيجية متكاملة لإدارة الموارد الطبيعية في الغوطة الشرقية. وستحدد هذه الإستراتيجية كيفية استخدام المياه بأكبر قدر من الكفاءة داخل نظام عمل متكامل.
ولفت كبير الخبراء في منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» في سورية ألفريدو امبيليا أن المشروع سيدعم الأسر الزراعية في الغوطة الشرقية من خلال حماية موارد المياه المتاحة من خلال منع تلوث موارد المياه السطحية والجوفية/ الآبار)، ورفع مستوى الوعي حول كفاءة استخدام المياه والاستخدام المستدام، وتحسين معرفة المزارعين بالممارسات الزراعية الجيدة (GAP) و(CSA) للتكيف مع تغير المناخ. وستحاول منظمة الأغذية والزراعة فهم التحديات والترويج للحلول المناسبة طويلة الأجل لتعزيز قدرة المرأة الريفية، وإنشاء وحدات للتسويق وتجهيز الأغذية، وأخيراً، تعزيز قدرات الإرشاد المحلي المؤسسي.
وفي كلمة له أكد امبيليا أن المنظمة ملتزمة بدعم المزارعين في جميع أنحاء سورية بالأدوات اللازمة لجعلهم قادرين على الصمود في وجه تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي من خلال توفير المعرفة حول إدارة المياه والتربة، والوصول إلى تقنيات الزراعة الذكية مناخياً وغيرها.

وتابع: كما قدمت المنظمة للمزارعين حلول ري فعالة أتاحت لهم إدارة مواردهم المائية بحكمة، إلى جانب إنشاء جمعيات مستخدمين للمزارعين مدربين تدريباً جيداً تتمثل مسؤوليتها في تشغيل وصيانة مرافق الري في ظروف جيدة ؛ وجدولة فترات الري بشكل عادل بين المزارعين.

وكشف امبيليا أن المنظمة وصلت إلى أكثر من 25 ألف أسرة زراعية في الغوطة الشرقية في السنوات الخمس الماضية من خلال برامج بناء القدرات (مثل مدارس المزارعين الحقلية أو المساعدة المحددة من خبرائنا)، إضافة إلى توفير بذور وأعلاف وخدمات بيطرية عالية الجودة ووحدات تجهيز الأغذية والأهم من ذلك الوصول إلى المياه للري من خلال أعمال إعادة التأهيل الخفيفة للمرافق المتضررة.
وخلال رده على إحدى المداخلات أكد امبيليا أن المشروع هو باكورة التعاون مع سورية وسيتم استنساخه في مناطق أخرى في البلاد.

وفي مداخلته أشار مدير تحرير جريدة «الوطن» الزميل جانبلات شكاي، الذي تحدث أيضاً على اعتباره أحد أبناء الغوطة الشرقية وتحديدا من بلدة مرج السلطان، إلى أن الهدف الأساس من المشروع، حسبما تم الإعلان عنه في حفل إطلاقه (أمس)، هو دعم الفلاح وتثبيته في أرضه لزراعتها بدل تفكيره في بيعها والمتاجرة بها عقارياً، موضحاً أنه وبعد الحرب المدمرة التي قضت على كل مدخرات فلاحي الغوطة، فإن الوسيلة الأولى لدعمهم حالياً هي عدالة تزويدهم بالتيار الكهربائي لاستخدامه في ري محاصيلهم لأنه لا طاقة لهم بشراء المازوت بأسعار السوق التي تزيد عن ثلاثة آلاف ليرة لليتر الواحد، ومن غير المنطقي أن تحصل مدينة دمشق حالياً في الكثير من أحيائها على تقنين 3 وصل و3 قطع، على حين لا تزيد التغذية في الغوطة عن ساعة وصل وفق الحماية الترددية و5 قطع.

وفيما يتعلق بالمشروع، طالب الزميل شكاي بعدالة توزيع مياه الري التي ستنتجها محطة المعالجة بعد بنائها إلى الشرق من مدينة المليحة، مع التركيز على جودة التحلية لأن محطة معالجة عدرا قبل الأزمة كانت قد دمرت المياه الجوفية للغوطة الشرقية لشدة التلوث الذي سببته حينها، والتشديد على المحافظة على حصة كل قرية من مياه الري سواء من محطات المعالجة أم من مياه نهر بردى، ومساعدة المزارعين في تأمين مصادر طاقة متجددة لإرواء محاصيلهم مستقبلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن