رفع سعر الكهرباء للفعاليات الاقتصادية والمنزلية.. والشريحة الأوسع من المستهلكين ستكون الزيادة «طفيفة» … 15 مليار دولار احتياجات تأهيل قدرات توليد ونقل وتوزيع الكهرباء
| عبد الهادي شباط
كشفت مذكرة رسمية اطلعت «الوطن» عليها عن رفع تدريجي للدعم عن مبيع الطاقة الكهربائية لمختلف القطاعات الاقتصادية، إضافة للشرائح العليا من الاستهلاك المنزلي التي يزيد استهلاكها على 1500 كيلوواط ساعي في الدورة الواحدة بما يسهم في تحقيق تخفيض بالخسائر المالية لمؤسسات الكهرباء الناجمة عن الدعم المباشر وتوفير السيولة المالية لاستمرار عمل المنظومة الكهربائية، وكذلك تحفيز المشتركين للاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة لتغطية جزء من استهلاكهم أسوةً بالعديد من الدول، إضافة لرفع كفاءة الاستخدام، وأن تعديل (زيادة) التعرفة للطاقة الكهربائية هدفه حالياً تحقيق تخفيض الخسائر المالية بنسبة 50 بالمئة من الدعم، عدا المشتركين الزراعيين والجمعيات الخيرية التي سيتم تعديل التعرفة لهما بحيث يكون هناك تخفيض بالخسائر المالية بنسبة 20 بالمئة من الدعم قبل تعديل التعرفة.
وفي قطاع المشتركين المنزليين وهو الذي يلامس أوسع شريحة من المواطنين بينت المذكرة أن التعديل سيكون (طفيفاً) بحيث يجري تخفيض الخسائر المالية بنسبة 1.3 بالمئة من الدعم وتعديل لتعرفة للمشتركين بإنارة اللوحات الإعلانية بحيث يجري تخفيض الخسائر المالية بنسبة 100 بالمئة من الدعم باعتبار أنه من الممكن استخدام اللواقط الكهروضوئية لهذا الغرض وتعديل لتعرفة لباقي المشتركين (تجاري وحرفي وري وزراعة وغرف تبريد ودوائر رسمية ومؤسسة ومعابد وإنارة عامة) بما يحقق تخفيض الخسائر المالية بنسبة 50 بالمئة من الدعم قبل تعديل التعرفة في حين تم إيضاح أنه لا تعديل على تعرفة مبيع معامل صهر الخردة على التوترات 230 و66 و20 ك.ف كونها تعتبر تعرفة ذات طابع خاص من الوظائف التشغيلية للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء وتُراجع دورياً من قبلها.
وتتماثل هذه المذكرة مع مذكرة ثانية حصلت «الوطن» على نسخة منها في وزارة الكهرباء اشتملت على دراسة لأهم التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء وضرورة تعديل تعرفة مبيع الكهرباء بسبب الحاجة المستقبلية الكبيرة للاعتمادات الاستثمارية والنفقات التشغيلية حيث تبين الخطط الأولية لوزارة الكهرباء أن الحاجة المستقبلية لإعادة تأهيل قدرات توليد ونقل وتوزيع المنظومة الكهربائية السورية من التكاليف التأسيسية لغاية عام 2030 ما يزيد على 15 مليار دولار، (دون التكاليف التشغيلية ومنها قيمة الوقود)، مع ضرورة توفير التمويل عن طريق المنح والمساعدات من المنظمات الدولية أو الدول الصديقة للتعاقد مع شركات استشارية متخصصة لتنفيذ دراسة مخطط عام لقطاع الطاقة والكهرباء والمياه بالقطر حتى عام 2040، والأخذ بالاعتبار التشابكات التنموية مع باقي القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية والمنزلية وغيرها، وارتفاع تكاليف إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء والدعم المقدم لجهة أن الفرق الكبير بين تكاليف إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء من جهة وبين قيمة المبيعات الكهربائية السنوية على مختلف التوترات من جهة أخرى، لا يُمكِنْ قطاع الكهرباء من الاستدامة وتغطية تكاليفه الاستثمارية والتشغيلية بنفسه، وبالتالي يجعله معتمداً دائماً على قيام الدولة بتوفير التمويل والاعتمادات الاستثمارية الكبيرة وبشكل دائم، وكذلك لا يشجع على إشراك القطاع الخاص في مجالات توليد وتوزيع الكهرباء، إضافة لزيادة مشاركة الطاقات المتجددة في ميزان الطاقة السوري، وبالتالي لا يشجع الصناعيين على زيادة الاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة للاستهلاك المباشر في منشآتهم، أو شراء الطاقة الكهربائية المنتجة من المحطات الخاصة المستقلة بمختلف أنواعها (طاقات متجددة وكهروحرارية)، وأيضاً تحديات توفير القطع الأجنبي اللازم للتكاليف التأسيسية والتشغيلية لإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء من المصادر الكهروحرارية أو من مصادر الطاقات المتجددة أو البديلة على السواء، وعدم إمكانية الاعتماد الكامل على محطات توليد الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة لتلبية الطلب على الكهرباء بشكل موثوق من دون وجود محطات توليد كهروحرارية تعمل على الفيول أويل والغاز الطبيعي، ويتطلب العمل على إلزام المنشآت والفعاليات الاقتصادية بمختلف أنواعها بالقطر بتغطية جزء من احتياجاتها الطاقية من مصادر الطاقات المتجددة.
ولذلك كان لا بد من إشراك القطاع الخاص ببناء محطات توليد خاصة ومستقلة لبيع الكهرباء للصناعيين لجهة أنه في ظل الوضع الكهربائي الصعب، وبهدف فسح المجال لوزارة الكهرباء لتغذية القطاع المنزلي وغيره من القطاعات الخدمية بالكهرباء، ولتوفير الكهرباء للاحتياجات الصناعية في ضوء وجود مستثمرين من القطاع الخاص راغبين ببناء محطات توليد مستقلة خاصة، يمكن تزويد الصناعيين بالكهرباء المنتجة من المحطات وإلزام الصناعيين بتلبية جزء من أحمالهم الكهربائية من مصادر الطاقات المتجددة لأن قيام وزارة الكهرباء بتوفير الاستثمارات لبناء محطات توليد كهربائية بتمويل من الحكومة عن طريق القروض الميسرة أو تسهيلات دفع مالية لا يعتبر الحل الأنجع لتلبية الطلب على الكهرباء والتخفيف من الطلب على الفيول أويل والغاز الطبيعي اللازمين لتوليد الكهرباء، وذلك بسبب الدعم المباشر المقدم لسلعة الكهرباء، لكن يبقى الحل الأمثل لاستخدام الطاقات المتجددة هو استثمارها مباشرةً في جانب الطلب كتركيب سخانات المياه الشمسية، واللواقط الكهروضوئية وبعض العنفات الكهروريحية الصغيرة على أسطح المنشآت الصناعية وغيرها من تقنيات الطاقات المتجددة وتلبية جزء بنحو 25 بالمئة من الأحمال الكهربائية لهذه المنشآت، ولهذا لا بد من إلزام السادة الصناعيين بهذا الموضوع كما حدث في عدد من دول العالم. ويُقترح تمويل مشاريع الطاقة المتجددة المذكورة من برنامج دعم أسعار الفائدة بتوفير القروض اللازمة لها. وأيضاً لابد من تعديل تعرفة مبيع الكهرباء لأنه نظراً لانخفاض قيمة الكهرباء المستهلكة في المنشآت الصناعية بالنسبة إلى إجمالي تكاليف الإنتاج لهذه المنشآت من الضروري رفع تعرفة الكهرباء المبيعة للمنشآت على التوتر 20/0.4 ك ف فما فوق وبشكل تدريجي وصولاً إلى التكاليف الحقيقية لحوامل الطاقة (الفيول أويل والغاز الطبيعي اللازم لتوليد الكهرباء) والتي تتحملها الدولة، مما سيدفع الصناعيين إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة للاستهلاك المباشر في منشآتهم، وبالتالي التخفيف من الطلب على الكهرباء من الشبكة العامة ويجنبهم أضرار الانقطاعات الكهربائية والتقنين لفترات طويلة، ويمكنهم من بيع فائض إنتاجهم من الكهرباء لبعضهم بعضاً أو لشبكة الكهرباء العامة.
وتحدثت المذكرة عن أن التحول من الدعم المباشر إلى الدعم الشفاف الذي يكون من خلال رفع الدعم ومنح تعويض نقدي للأسر الفقيرة، يمثل مقترحاً جيداً ومهماً، لكنه يحتاج إلى توفر كميات كبيرة من السيولة المالية، واستقراراً اقتصادياً ونقدياً وفي حال التوجه نحو هذا الخيار من الضروري تشكيل لجنة من وزارة المالية ومصرف سورية المركزي وغيرها من الجهات المعنية مهمتها اقتراح الآلية المناسبة لتنفيذ هذا التحول، بما يشمل مختلف السلع المدعومة بكثافة للمواطن (الخبز، الغاز المنزلي والمازوت والكهرباء…) والأخذ بالاعتبار إمكانية استخدام نظام البطاقة الإإلكترونية (الذكية) لتحقيق ذلك، لتجنب طرح مزيد من السيولة النقدية التي قد تؤدي إلى تضخم العملة السورية وهبوط قيمتها الشرائية.