الأولى

باور ضد مالي

تيري ميسان :

انقسم مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة بعد التدخل الروسي في سورية، ونشر أسلحة حديثة في شبه جزيرة القرم، وفي كالينينغراد.
فمن جانب، حذرت السفيرة الأميركية، سامنتا باور من مغبة التفوق العسكري لروسيا، وادعاء موسكو، ليس فقط، بمنع تدمير سورية ودونباس، بل أيضاً تفكيك نظام الإرهاب الإسلاموي الذي وضعته وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه) منذ سبعينيات القرن الماضي.
ومن جانب آخر، لفت روبرت مالي، مسؤول العالم العربي في المجلس، بقوله: ينبغي ألا تعمينا دعايتنا. فلا سورية سوف تدمر، ولا دونباس أيضاً. وسوف تجبر داعش على الهروب من سورية.
سامنتا باور تدافع عن إستراتيجية جورج بوش (الابن) «للهيمنة» الأميركية على العالم بالقوة. لذلك، فهي لا تقبل فكرة الوجود الروسي في الشرق الأوسط، ولا مجرد إعادة النظر في سلاح الإرهاب.
بينما يدافع روبرت مالي، على العكس منها، عن مشروع جورج بوش (الأب) «لقيادة» الولايات المتحدة للعالم مع نشر الازدهار والرخاء بشكل عام.
للأسف الشديد، فسمانتا باور، امرأة طموحة ولديها نفوذ أقوى من روبرت مالي. فقد طورت على مر السنين خطاباً مثالياً يقول إن الولايات المتحدة، هي القوة الوحيدة القادرة على التدخل عسكرياً، ومن واجبها الأخلاقي، تدارك وقوع عمليات إبادة جماعية.
من هذا المنطلق، يقدم الإعلام الغربي الصراع في سورية بوصفه « ثورة» تتعرض لقمع رهيب من قبل «نظام ديكتاتوري»، ويحمل الرئيس الأسد شخصيا مسؤولية موت 250 ألف شخص، من دون ذكر أن نصفهم من العسكريين، ورجال الأمن.
بناء على ذلك، يصبح أمراً سهلاً بالنسبة لباور القول إن على واشنطن التدخل في سورية لوقف إراقة الدماء.
طبعا، سامانتا باور، نفسها، لاتصدق كلمة مما تقول. هي المتزوجة من الأستاذ الجامعي الأكثر شهرة في الولايات المتحدة، اليهودي القبلاني، كاس سنشتاين، الذي وضع بدوره خطابا مناقضا لزوجته.
فعلى حين تدعي الزوجة الدفاع عن الأفراد، من إساءة استخدام سلطات الدولة ضدهم، يدافع الزوج، على النقيض منها، عن «حق الدولة».
لقد طور هذا الصديق الشخصي للرئيس أوباما، طريقة غير مباشرة للتلاعب بالجماهير، تستند إلى التلاعب ببيئتهم الاجتماعية الحاضنة، التي اعتمدها الرئيس أوباما كسياسة رسمية لإدارته. كما وضع هذا «البروفسور القبلاني» خطة لفرض رقابة، أو تشويه سمعة لأي شكل من أشكال المعارضة الشعبية في الدول الغربية.
أما بالنسبة لروبرت مالي، فهو ابن لأبوين مناضلين، مناهضين للإمبريالية ومشاركين في حركات إنهاء الاستعمار في قارتي آسيا وإفريقيا. وهو يعرف الرئيس بشار الأسد شخصيا، وقد التقاه في عدة مناسبات.
لهذا لم يعان مالي من صعوبة في تفكيك خطاب الحرب القائم على مقولة: «الرئيس الذي يقتل شعبه».
لقد لعب مالي دوراً كبيراً في المفاوضات بين واشنطن وطهران، ويأمل في تحقيق الاستقرار للمنطقة.
المشكلة الرئيسية هي أن سامنتا باور تعتمد، إلى حد كبير، على الرجل الثاني في الأمم المتحدة، جيفري فيلتمان، «الوالي» الأميركي السابق للبنان، قبل أن يصبح مساعدا لهيلاري كلينتون.
هؤلاء يدا بيد، مع القادة العسكريين الكبار، ديفيد بترايوس، وجون آلن، هم الذي نسفوا مؤتمر جنيف2012 من أساسه، ونظموا تدفق الجهاديين إلى سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن