قضايا وآراء

فتنة الانتخابات الإلكترونية

| أحمد ضيف الله

نشط الإعلام الخليجي، والفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية التي ترتزق من المال الخليجي والأميركي وتسوق للتطبيع مع العدو الصهيوني، في استغلال نتائج الانتخابات النيابية العراقية، بالتركيز على أن الكتل السياسية الداعمة للحشد الشعبي، وحدها رفضت النتائج الانتخابية وطعنت بها، مشيدة بأداء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، وبدقة النتائج المعلنة التي لاقت استحسان ورضا المنظمات الدولية والأوربية التي راقبت الانتخابات، معتبرة ذلك انتصاراً للقوى المناوئة لإيران!
الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت في الـ10 من تشرين الأول الجاري، شارك بها 3249 مرشحاً ضمن 21 ائتلافاً و167 حزباً، بينهم 785 مرشحاً مستقلاً، لاختيار 329 نائباً، وفق البيانات المنشورة في الموقع الإلكتروني للمفوضية المستقلة للانتخابات. ولست مبالغاً إن قلت إن المشاركين الذين لم يعترضوا على نتائج هذه الانتخابات، هم قلة، إذ إن أغلب المشاركين بهذه الانتخابات، شيعة وسنّة وأكراداً وأقليات قومية ومستقلين، عبروا في بيانات لهم عن رفضهم للنتائج المعلنة، متهمين مفوضية الانتخابات بالتزوير والتلاعب في النتائج، وتقدموا بـ1400 طعن، بمن فيهم «ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي الذي سبق أن أعلن مقاطعته للعملية الانتخابية، حيث تبين أن ابنته سارة إياد علاوي، لم تلتزم بالمقاطعة وشاركت بها. وبالتالي ليست الكتل السياسية الداعمة للحشد الشعبي وحدها كانت معترضة أو مشككة بالنتائج المعلنة.
والسؤال، ما الذي جرى؟ ولم كل هذه الاعتراضات والطعون والاتهامات الموجهة لمفوضية الانتخابات؟!
المرشحون أو وكلاؤهم عند كل صندوق، تسلموا شريطاً ورقياً «رول» يتضمن البيانات الأساسية التالية: اسم ورقم المحطة، تاريخ وزمن فتح وإغلاق المحطة، ومعلومات عن: «عدد الناخبين الكلي في المحطة، مجموع أوراق الاقتراع داخل الصندوق، عدد الأوراق الباطلة، عدد الأوراق المستبعدة»، إضافة إلى تسلسل أسماء المرشحين بحسب عدد الأصوات الكلية التي حصلوا عليها، وذلك بعد أن أُغلقت صناديق الاقتراع الكترونياً بانتهاء العملية الانتخابية في الساعة السادسة عصراً، والتي كانت قد افتتحت الساعة السابعة صباحاً، مرسلة نتائجها «أوتوماتيكياً» عبر الأقمار الصناعية إلى المخدم الرئيس «السيرفر» الموجود في دولة الإمارات، الذي بدوره يرسل النتائج مجمعة إلى مقر مفوضية الانتخابات في بغداد، إضافة إلى أن كل صندوق مزود بما سموه «عصا الذاكرة» وهي مجموعة ذواكر، نقلت إلى مركز المفوضية في بغداد بمرافقة أمنية مشددة مع الصندوق لتفريغ بياناته في حاسب المفوضية بعد انتهاء العملية الانتخابية، للمطابقة، مع البيانات المرسلة عبر الأقمار الصناعية.
مفوضية الانتخابات أعلنت خلال مؤتمر صحفي في اليوم التالي من الاقتراع العام، نتائج 83 دائرة انتخابية في 18 محافظة عراقية عبر شاشاتها، مؤكدة أنَّ «نتائج العد والفرز اليدوي كانت مطابقة للإلكتروني في التصويتين الخاص والعام»، وبأن هذه النتائج «تعتمد على ما وصل إلى المفوضية من بيانات عبر الوسط الناقل وعصا الذاكرة»، إلا أن الذي تبين أن النتائج غير متطابقة مع النتائج المسلمة للمرشحين ورقياً، وبفوارق كبيرة، فأحد المرشحين المعترضين أعلن في مؤتمر صحفي مع آخرين، أنه حصل في أحد المراكز على 1697 صوتاً، لكن مفوضية الانتخابات بينت في نتائجها أنه حصل على 800 صوت! و«ما يثبت أن المفوضية سرقت أصواتي هو أني أمتلك الأشرطة الانتخابية التي تثبت مجموع أصواتي الحقيقية».
المرشحون أبرزوا أيضاً، من خلال أشرطتهم الورقية، ما يشير إلى أن بعض صناديق الاقتراع افتتحت قبل السابعة صباحاً، وأخرى أغلقت بعد ساعات من موعد الإغلاق! إضافة إلى قيام المرشحين بعرض جملة من الملاحظات الفنية، كتعطل عمل بعض الصناديق لساعات، وعدم تطابق البصمة الإلكترونية لبعض حاملي البطاقات البيومترية، وحرمانهم من التصويت، والنسبة العالية في عدد الأوراق الباطلة والمستبعدة!
مفوضية الانتخابات ومن خلال بياناتها ومؤتمراتها الصحفية اللاحقة، بدت مرتبكة، في محاولة تبرير الخلل فنياً، إلا أنها أقرت بأن «المحطات التي لم ترسل نتائجها عبر القمر الصناعي في الوقت المحدد، يبلغ عددها 3037 محطة»، فضلاً عن «وجود محطات لم تخزن نتائجها في عصا الذاكرة ولم ترسل عبر القمر الصناعي وعددها 140 محطة»!
وبالمحصلة، البيانات التي أرسلت عبر المخدم الأساس من الإمارات، لم تتطابق مع ما لدى المرشحين من أشرطة ورقية!
انتقادات ومخاوف عدة سبقت الانتخابات، حذرت من وجود المخدم «السيرفر» في دولة الإمارات، ومن إمكانية اختراقه لتغيير البيانات والتلاعب بالنتائج. وأياً كانت التفسيرات والتبريرات، فإن الفتنة الإلكترونية نجحت في التشكيك بجدوى العملية الانتخابية، حتى وإن أعيد الفرز يدوياً لكل الصناديق، ودفعت بالاعتراضات والتصريحات إلى تحريك الشارع، والتهديد بالعصيان والتمرد، معرضة السلم الأهلي العراقي للخطر. ومما يبدو أن هناك من يسعى «إلكترونياً» لإعادة تشكيل الساحة السياسية العراقية لغايات مستقبلية تطبيعية.
احزروا من؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن