من دفتر الوطن

الأغاني.. ثقافة أمم!

| عصام داري

كم أننا أمة لا تقرأ، كذلك فنحن أمة لا نعرف كلمات ومعاني الأغاني، وأكثر ما نتقنه هو ترديد مقطع أو«كوبليه» واحدة من أغنية رائجة جداً!
أذكر أن أحد الصحفيين السوريين كان في مهمة في دولة أوروبية، وكان عدد من الصحفيين من دول عديدة من الشرق والغرب، وفي إحدى السهرات قام الصحفيون من دول مختلفة بغناء أغنية من بلدانهم، وعندما وصل الدور للصحفي السوري بدأ بغناء إحدى أهم الأغاني السورية لكنه أخفق في إكمالها واعتذر بحجة أنه متعب وصوته لا يساعده!
وأذكر أن مجموعة من الزملاء في صحيفة تشرين تشاركوا في تحقيق صحفي مطول بإشراف الصديق والزميل الكبير إبراهيم ياخور، وكان التحقيق بمناسبة يوم الجلاء، وقد ذهب فريق العمل إلى كلية الآداب تحديداً، ووجهوا أسئلتهم لطلاب قسم التاريخ، وكانت الأسئلة تدور عن عيد الجلاء ومتى كان باليوم والعام، وكذلك عن النشيد الوطني السوري.
الأجوبة كانت فضيحة بكل المقاييس، فقد جاءت الإجابات في معظمها غلطاً، فلا عرف طلاب التاريخ (أو معظمهم) شهر استقلال سورية، ولا يوم الجلاء ولا في أي عام، والأدهى والأمر أنهم لم يعرفوا النشيد الوطني السوري:
حماة الديار عليكم سلام
أبت أن تذل النفوس الكرام
طبعاً فضلاً عن اسم الشاعر والملحن، فهناك من قال إن أغنية (سورية يا حبيبتي) هي النشيد الوطني السوري، ومنهم من ظن أن هذه الأغنية أو تلك هي النشيد الوطني، وحتى عندما عرف بعض طلاب قسم التاريخ يوم الجلاء والنشيد الوطني اعتذر لأنه لا يحفظ أكثر من شطرين لا أكثر، وهما الشطران اللذان وردا قبل قليل.
كل ما تقدم هو دليل على ضعف الثقافة الفنية لدى الجمهور، بل هو دليل على ضعف الثقافة العامة التي تظهر، أكثر ما تظهر في شهر رمضان المبارك وعبر كل الشاشات العربية عندما يعجز المتسابقون في برامج (الحزازير) أو الفوازير عن تقديم أي جواب صحيح عن أسئلة سهلة، ما يضطر المقدم أو المقدمة إلى تسهيل الإجابة، بل وإعطاء الجواب بشكل كامل كي يربح المتسابق وإدخال الفرحة إلى قلبه.
الأغنية هي تعبير عن ثقافات الأمم والشعوب، فهي ليست ترفاً أو لحناً يصلح للرقص وهز الوسط، وصف كلام عن الحب والغرام، هي أسمى من كل ذلك، مع أنني أعشق الكثير من الأغاني الرومانسية والوطنية الناجحة، فليست كل أغنية ناجحة بالضرورة، وليس كل أغنية عاطفية أو شعبية هابطة.
و.. غنيلي شوي شوي.. غنيلي وخود عيني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن